تؤرخ أوبريت «واحة المجد» لمؤلفها الكاتب محمد الأخضر سعداوي تاريخ الجزائر بشكل تدريجي تتسلسل فيها الأحداث التي مرّت بها بلادنا منذ القديم والمتعلقة بتعدد جنسيات الحملات الاستعمارية التي غزتها على غرار «الوندال» و»البيزنطيين» و»الرومان»، وصولا إلى الفتوحات الإسلامية، إضافة إلى مختلف الدويلات التي تعاقبت على المنطقة بعد الفتح، ثم عهد الدولة العثمانية فالاستعمار الفرنسي، وما نتج عنه من مقاومات شعبية وحراك سياسي وصولا إلى انطلاق ثورة نوفمبر المجيدة لتفتح محاور الأوبريت صفحة مساهمة منطقة ورقلة في الثورة وتلقي الضوء على وقوف أهلها في وجه مخطط الاستفراد بالصحراء، من خلال مظاهرات فيفري ومارس عبر كل مدن وقرى المنطقة.
تطرق العمل الدرامي الذي قدم أول مرة إلى جمهور دار الثقافة «مفدي زكرياء» بورقلة، والذي كان واحدا من بين فعاليات الاحتفالات بذكرى استرجاع السيادة الوطنية وعيد الشباب التي استقطبت اهتمام وإعجاب كل من تابعه إلى أن «ورقلة كانت شاهدة ومشاركة في الثورة من خلال سرد أحداث عكست عمق الوعي الوطني لدى سكان الجهة واستعدادهم للتضحية حتى آخر أيام الاستعمار».
«الشعب « حضرت العرض الشرفي واستطلعت الآراء و ردود فعل الجمهور والفنانين، حيث وقف الحضور مرات متتالية لتحية الممثلين والتعبير عن فرحتهم بالعرض الذي حيكت مشاهده واسترجعت تفاصيل «استعادة المجد في الواحة « مستوحاة من عبق ذاكرة الماضي ومن خلال لوحات نسجت تفاصيلها أسوار القصر الصحراوي وواجهاته التي لطالما كانت حصنا منيعا وشاهدا على مقاومة الأهالي وتصديهم لكل ضربات المستعمر ونواياه الخبيثة.
«الإخراج نجح بفضل التنسيق الذكي والواعي لكل جهد إبداعي»
كشف المخرج زرزور طبال، في تصريح خصّ به «الشعب»، قائلا: إن «الكثير من الأسئلة فرضت نفسها للدخول في كواليس إخراج العمل في شكله النهائي، وهو الذي لاقى إجماعا على تميّزه وتألق كل مشارك فيه سواء على الخشبة أو خلف الأضواء.» كما أكد المخرج على «جدية كبيرة في التحضير أبداها القائمون عليه من أجل الوصول به إلى الحّلة التي خرج فيها في أول عرض افتتاحي له.»
كما خضع يقول: «اختيار الممثلين بعناية فائقة بعد إعلان موسع، إذ تطلبت عملية الاختيار تنسيقا ومجهودا كبيرا بالإضافة إلى التحضير الذي دام حوالي شهر قبل العرض، وبالرغم من استقبال عديد الطلبات من ممثلين محترفين وآخرين من خارج الوطن، إلا أن إدارة العمل اقترحت منح الفرصة فقط لأبناء ورقلة من أجل التعرف على المواهب الشابة وإعطائها فرصة المشاركة في عمل يحكي تاريخ الجزائر والمنطقة».
في رده على سؤال حول أهم أسباب فكرة إخراج العمل بهذا الشكل، أجاب محدثنا، قائلا: «أنه قد تم التركيز على مساعدة الجميع كل من موقعه على تقديم أفضل ما عنده برسم خطة إخراجية من خلال العمل الذاتي قبل التواصل مع الآخرين ومن ثمة تنسيق المجهود الجماعي من أجل تحقيق الأهداف المراد بلوغها، وذلك من خلال خلق الأجواء الأخوية وإعطاء المبدع مساحة من الحرية، تماشيا مع محددات الخطة الإخراجية». هذا إلى جانب يقول: «زرع الثقة في كل مشارك لتمكينه من تفجير مواهبه فوق الخشبة وخلق جو أخوي وإبداعي».
الديكور أيضا كان له دور مهم في التركيز على إظهار الطراز المعماري المعبر عن القصر الصحراوي كخلفية فنية، بالإضافة إلى الملابس التقليدية، الى جانب التصاميم التي تم اختيارها وأيضا الممثلون الذين تم اختيارهم، كذلك كان الأمر في الاختيار الموفق للموسيقى التأثيرية. الديكور كان من تصميم خريجة مدرسة الفنون الجميلة بالعاصمة قريشي صورية وتنفيذ صاغور توفيق، أستاذ فنون تشكيلية.