توسيـــــع إنتاج المنتجات الأساسيـة عــــبر كــــل أقاليـــــم البـــــلاد
يساهم القطاع الفلاحي الجزائري في ضخّ كميات هائلة من المنتجات النباتية والحيوانية بالأسواق الوطنية، محقّقاً الاكتفاء الذّاتي في عديد المحاصيل الزراعية الاستهلاكية، والحدّ من استيرادها بالعملة الصعبة من الخارج، بالغاً ناتجه الإجمالي الداخلي الخام 37 مليار دولار في سنة 2024.
أكّد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، خلال إشرافه على مراسم احتفالية خمسينية تأسيس الإتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين، على البعد الاستراتيجي الذي يكتسيه التوجه نحو العصرنة، وتسخير التقنيات الحديثة، للنهوض بالفلاحة وعالم الريف، وتطوير إمكانيات البلاد الزراعية الهائلة، والرفع من مستويات الإنتاج، مبدياً إيمانه بحتمية التمكين التدريجي لبدائل مستدامة ومضمونة، تكفل للجزائر التخفيف من التبعية للريع البترولي، كما ذكّر بالقرارات والإجراءات التي اتخذها لتحقيق نهضة القطاع، ومتابعته باستمرار لتجسيدها في الميدان.
وتعليقا على الموضوع، أكّد الخبير بمركز البحث في الاقتصاد المطبق من أجل التنمية، البروفيسور محمد حيمران، أنّ الجزائر صارت قريبة من بلوغ استقلالها الغذائي بكافة المحاصيل الفلاحية والتحويلية، وقادرة من دون قيود على الوصول إلى غاياتها المسطرة الرامية لتحقيق الاكتفاء الذّاتي في الشُّعب الإستراتيجية الاستهلاكية بحلول عامي 2025 و2026م.
وقال حميران في تصريح أدلى به لـ “الشعب”، إنّ قطاع الفلاحة أصبح قاطرة الجزائر الجديدة وعصب اقتصادها، يترجمه حرص الدولة واستمرارها في سياسة استنهاض وتطوير وتوسيع إنتاج المحاصيل الزراعية الأساسية عبر كل أقاليم البلاد، وتشجيع الفلاحين والمستثمرين على المبادرة الإنتاجية، مع إتاحة الإمكانيات والشروط الضرورية لأعمالهم ونشاطهم المدر للثروة.
وأشار محدّثنا، إلى الحصائل الإيجابية للقطاع الزراعي التي تدعو إلى التفاؤل، حيث ساهم بنسبة 15 % من الناتج المحلي الإجمالي هذه السنة، ووفّر نحو 1.2 مليار دولار لصالح الخزينة العمومية بعد رفع مستويات إنتاج الحبوب.
مستقبــــــــــــــــــــــــــــــل الجزائــــــــــــــــــــــــــــــــــــر
من جهته، أوضح المهندس الزراعي رئيس المنظمة الوطنية للفلاحة والأمن الغذائي، كريم حسن، إنّ الصحراء الجزائرية تزخر بموارد وإمكانات كبيرة قادرة على تلبية الاحتياجات الغذائية بشكل مستدام للجزائريين، وتوفير فرص عمل كثيرة مباشرة وغير مباشرة.
وأبرز حسن في تصريح لـ “الشعب”، أنّ الفلاحة الصحراوية تؤدّي دورا مهما حاليا في تحسين وضعية الأمن الغذائي الوطني؛ كونها ذات إنتاجية موسمية وغير موسمية عالية، وتتيح ظروفا مناخية زراعية ملائمة لتكثيف الزراعات، وذلك في مناطق الأطلس الصحراوي والصحراء السفلى على غرار بسكرة والوادي، وحتى وسط الصحراء مثل ورقلة وغرداية والمنيعة وأدرار.
وتابع المهندس الزراعي ذاته، أنّ المحاصيل الفلاحية الصناعية قيد التوسيع والتطوير هي زراعات ذات طابع استراتيجي موجّهة للتحويل الغذائي، بهدف الاستجابة لمتطلبات السوق الوطنية، والتقليل من قيمة فواتير الاستيراد، وتتمثّل أساسا في زراعة الحبوب والذرة، والنباتات الزيتية، والنباتات السكرية كالشمندر السكري، بالإضافة إلى زراعة الأعلاف الحيوانية.
وتظهر أهمية الفلاحة الصناعية، بحسب حسن، في الرفع من القيمة الاقتصادية للمواد الفلاحية الخام، وتحقيق التوازن بين العرض والطلب خارج المواسم الطبيعية للمنتجات الزراعية، وخلق مناصب شغل جديدة في المجال التحويلي الصناعي، وتحسين الدخل الفردي، وتخفيض فاتورة الواردات مع إمكانية زيادة الصادرات وترقيتها، وبالتالي رفع كفاءة الميزان التجاري الوطني وتحصيل عملة صعبة كثيرة لصالح الخزينة العمومية.
زيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــادة مطّــــــــــــــــــــــــــــــــــــردة
ومن جانبه، قال الأستاذ بالمدرسة العليا للفلاحة الصحراوية بالوادي، البروفيسور سفيان سقاي، إنّ رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون يُولي لقطاع الفلاحة أهمية بالغة، وحريص كل الحرص على تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي لبلادنا، باعتبارهما جزءاً لا يتجزّأ من الأمن الوطني، خاصة مع وجود تحديات إقليمية ودولية متفاقمة صارت تفرض اتخاذ إجراءات داخلية لصون السيادة وحماية الاقتصاد الوطني من التأثيرات الخارجية.
وأوضح سقاي في اتصال مع “الشعب”، أنّ إرادة رئيس الجمهورية في النهوض بقطاع الفلاحة جُسّدت في الميدان، وأصبح لها أثر ايجابي على الاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أنّ الجزائر عرفت في السنوات الأخيرة زيادة مطردة في المساحات والمحيطات الزراعية الكبرى، شملها تسهيل حفر آبار السقي، والتوصيل الكهرباء الفلاحية على نطاق واسع، وتقديم تحفيزات للفلاحين والمستثمرين لاسيما في الجنوب الكبير بولايات المنيعة وأدرار وتيميمون.
ولفت محدّثنا إلى رواج التقنيات الجديدة الحديثة المنتهجة في الإنتاج، التي أدّت إلى الارتفاع في مردودية الهكتار الواحد، خاصة في القمح الصلب الذي صارت الجزائر تنتج حوالي 80 % من احتياجاتها منه، وهو ما خفّض من فاتورة الاستيراد من الخارج، ووفّر ما يزيد عن 1.2 مليار دولار لفائدة الخزينة العمومية خلال هذا العام.
رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون جعل من قطاع الفلاحة منذ انتخابه في العهدة الأولى نهاية سنة 2019م، أحد ركائز برنامجه التنموي والاقتصادي في البلاد بغية تحقيق الاكتفاء الذاتي، وضمان الأمن الغذائي بكل المنتجات واسعة الاستهلاك، وإرساء صناعة تحويلية غذائية قويّة ومتطوّرة قائمة على مواد خام فلاحية محلية.