التقينا به ممّددا في سرير بقسم الاستعجالات الطبية بمستشفى التفاريتي «نافارا» شاحب اللون، يضع على وجهه قناع الأوكسجين الذي يساعده في تلطيفه التشنجات التي قبضت بقوة على صدره.. آلام حادة تعصر جسمه الضعيف، يكابدها بشجاعة وصلابة في صمت ووقار.. إنه أحمد سالم عبد الحي الملقب «بالبروتو».. صحراوي ثائر في عقده السابع جاء بالرغم من المرض والهرم من العيون المحتلة ليشارك في المؤثمر 15 للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب..
ذرف الرجل دموعا حارة حين عرف اننا من الجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيد، أجهده البكاء وهو يُحمّلنا رسالة مليئة بمشاعر المحبة والأخوة والعرفان قائلا: «أحيي الشعب الجزائري الذي استطاع أن يثور بطريقة سلمية مقاوما ومحاربا الفساد وصادا لكل المحاولات الأجنبية للنيل منه وكل المؤامرات الرامية إلى زعزعة استقراره ووحدته وأمنه».. مشدّدا على عهد الوفاء الذي ترعاه الجزائر شعبا وحكومة اتجاه بلده الصحراء الغربية وشعبها والتضامن اللامشروط والمستمر مند الأيام الأولى للغزوالمغربي لحدّ الساعة.
الرجل الصبور يحمل هو الآخر قصة عذاب ومعاناة طويلة.. فقد قبع في سجون الغازي المغربي 16 سنة، واعتقل في الخمسة الأكثر قسوة منها وعلى رأسها سجن لكحل الرهيب.. وقد تقاعد من مجمع بوكرار للفوسفات بمعاش قليل جدا، إذ أن المستعر المغربي بعد أن تسلّم المصنع من الأسبان، استغل العمال الصحراويون أبشع استغلال وقلص رواتبهم قبل ان يحيل اغلبيتهم على التقاعد ويطرد الآخرين..