أكد البروفيسور سعيدي مزيان مؤخر وباحث أكاديمي، أن الجزائر سيّدة القارة الإفريقية والمنطقة المغاربية، المتوسطية، العربية والإسلامية، بفضل امتلاكها للقوة العسكرية وتفوقها الدبلوماسي الواضح، وستصبح قوة اقتصادية خلال سنوات قليلة مقبلة، حيث التزمت بتأييد مواقف تعتمد على العدالة ،المساواة واحترام حقوق الشعوب، التي لا تزال ترزح تحت نير الاستعمار، وهي مواقف لم تتغير بل وأصبحت اليوم مطلب الكثير من الفاعلين في الساحة الدولية، في وقت تحاول أطراف المناورة لمصالح ضيقة.
أبرز المتحدث في حديثه مع “الشعب”، أن الذكرى الـ 70 لثورة أول نوفمبر تعتبر رمزا لافتخار كل جزائري بهذا الحدث، الذي غيّر مجرى التاريخ على المستوى الداخلي والعربي والعالمي، لأن الثورة الجزائرية أضحت مرجعية أساسية للحركات المناهضة للاستعمار، سيما الشعوب المطالبة بحقها في تقرير مصيرها خاصة الصحراء الغربية.
وأضاف “هذه الثورة بالدرجة الأولى سمحت بتحرير الأرض والإنسان، بعد 132 سنة من معاناة شعب لأبشع أنواع الاستعمار الفرنسي، الذي عرفته الإنسانية، وهو استعمار استيطاني، خاصة وأن أكبر جرم يلتصق بالاستعمار الفرنسي، هو محاولة إلغائه من الوجود دولة كانت قائمة بحد ذاتها، لها مقوماتها الحضارية ومظاهر استقلاليتها خاصة في عهد الدايات “.
أما بالنسبة لثمرات الثورة التحريرية المباركة، أكد المتحدث أنها تمكنت من “ تحقيق ما جاء في بيان أول نوفمبر، باسترجاع الاستقلال الوطني وإعادة بناء الدولة الجزائرية الديمقراطية الشعبية وممارسة السيادة في أسمى معانيها، وبمواصفات الدولة الحديثة من خلال الإعلان عن ميلاد الجمهورية وبناء صرح مؤسساتي وهياكل الدولة الجزائرية “.
بالموازاة مع ذلك ــ يقول البروفيسور مزيان ــ تم تحوير الجيش التحرير الوطني إلى الجيش الوطني الشعبي بداية من 4 أوت 1962، لأن العمود الفقري للدولة الجزائرية هو الجيش وهو سليل جيش التحرير الذي وامتداد له، ولم يكن نتيجة صدور مرسوم، إذ يتميز الجيش بخاصيتين أولاهما أنه وطني مغروس في صفوف أبنائه الوطنية وثانيهما أنه يثمل كل الأسر الجزائرية، إذ لا توجد أسرة جزائرية ابنها ليس منخرطا في الجيش والأسلاك الأمنية بشكل عام.
رسائـــل .. قـــوة الجيــــــــش.. وغـــرس الوطنيـــــة
وفي السياق ذاته ، قال الأستاذ المختص في التاريخ ، إن “احتفالات سبعينية الثورة النوفمبرية الخالدة أخذت طابعا مميزا، حيث أولتها المؤسسة العسكرية اهتماما بارزا لإظهار مسألة هامة من خلال تنظيم استعراض عسكري ضخم وتاريخي ، حيث يأتي في ظروف إقليمية خاصة تحيط بالجزائر،
اللغة الحقيقية في ميزان القوى هي اللغة العسكرية
وضمن هذا الإطار أوضح المؤرخ، أن الجزائر تعد أكبر بلد عربي ، إفريقي ، مغاربي ومتوسطي جغرافيا، ما يستلزم حماية هذا الموقع والتفكير باللغة الحقيقية وهي القوة العسكرية، التي تحكم العالم ، وتحدد ميزان القوى ، مشددا على أن الدبلوماسية الجزائرية تكون أكثر قوة مع تواجد القوة العسكرية، وهو أمر محتوم.
وأبرز في السياق أن “قوة الجيش تكمن في العتاد والتكوين، مع وجود التناسق بين القوات البرية، وهي القوة الضاربة للجيش الوطني الشعبي، في ظل الحدود المترامية الأطراف ، أما القوات البحرية فهي تستلهم قوتها من ماضيها ،لأننا كنا أسياد الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط طيلة الحكم العثماني تحديدا خلال حكم الدايات الممتد من سنة 1671 إلى سنة 1830، وهنا ظهرت بما يسمى بمظاهر استقلالية الدولة الجزائرية”.
الجزائـــــــــــــــــر قـــــــــــــــوة إقليميــــــــــــــــــــــــــة
وذكر المختص في التاريخ، أن الجزائر اليوم قوة إقليمية ، لأنه لا يمكن الحديث عن المنطقة المغاربية، الإفريقية ،المتوسطية ، العربية والإسلامية دون الجزائر، وخاصة بعدما انضمت اليوم إلى مجلس الأمن كعضو غير دائم، وإذا كانت القاطرة هي جنوب إفريقيا من الناحية الاقتصادية في جنوب القارة السمراء، فان الجزائر ستكون القاطرة مستقبلا ، لأنها هي التي ستربط الوصال بين العالم الأوروبي والإفريقي، مشددا على أن القوة الإقليمية لابد أن تكون أولا قوة عسكرية بالدرجة الأولى”ولفت إلى أن “الدولة القارة، لابد أن تتوفر على إمكانيات ضخمة، وبالتالي حققنا التفوق العسكري والتفوق الدبلوماسي، ونصبو لتحقيق التفوق الاقتصادي وهو الأهم، من خلال استغلال الإمكانيات المادية، بتوفر الإرادة السياسية ، وهو ما بدأ يتحقق فعلا، موضحا أن “ الإقلاع الاقتصادي ينتظر ، لذلك فالرسائل اليوم التي يجب أن يفهمها المحيط الإقليمي والدولي، هو أن الجزائر قوة عسكرية وستصبح قوة اقتصادية في القريب العاجل”.