أبدى العديد من سكان بلدية فوكة بتيبازة قلقهم من توقف عمليات إعادة هيكلة الأحياء، والتي شرع فيها مع بداية الألفية، وهي العمليات التي بوسعها رفع قدر كبير من الغبن والمعاناة على سكان الأحياء المنشأة بطريقة فوضوية خارج المخططات العمرانية.
وبالنظر إلى كون بلدية فوكة أخذت كبلدية نموذجية لانطلاق التجربة التي شملت حيين فقط، وهلّل لها الكثير ممّن يعانون ظروفا معيشية صعبة بأحياء شعبية تفتقد إلى شبكات حيوية حديثة، فقد ظلّ سكان باقي الأحياء ينتظرون دورهم شأنهم شأن سكان أحياء مختلف بلديات الولاية التي تعاني من الفوضى العمرانية، غير أنّ هذا الدور لم يصل بعد وتوقف البرنامج الطموح الذي كان يصبو إليه سكان الولاية لأسباب مختلفة، ولا تزال العديد من الأحياء الشعبية تعاني في صمت من طغيان الفوضى وصعوبة المسالك وضيق الأزقة، وانعدام شبكات الصرف أحيانا بالتوازي مع انعدام الانارة العمومية والماء الشروب.
وتشمل جملة هذه الأحياء تلك التي تمّ تشييدها منذ الفترة السابقة ، وبزوغ فجر الاستقلال، وتلك التي برزت إلى الوجود خلال العشرية السوداء وهي أحياء تضمّ آلاف العائلات وليس من السهل ترحيلها إلى سكنات لائقة عمليا، الأمر الذي يتطلب تهيئة أحيائها وفق ما يوفر لها حدّا أدنى من الحياة الكريمة.
ومن الأمثلة الحيّة على تلك الأحياء حي الكومينال بمنطقة واد السبت ببلدية قوراية، الذي لا يزال يعيش مشاكل جمّة تعنى بانزلاق التربة والصرف الصحي والماء الشروب، وهو حيّ أنشئ منذ فترة العشرية السوداء لكنّه تحوّل في سنوات قليلة الى أكبر حيّ بالبلدية، حسبما تشير إليه بعض المصادر، ولا تختلف عنه وضعيات أحياء الغربي بخميستي البحرية والرادار بالقليعة وبنوة بفوكة، وغيرها من الأحياء الفقيرة عبر مختلف البلديات، كما لا تزال أحياء واد مرزوق بعاصمة الولاية وحوض الرمان وسي امحمد بوقرة بفوكة والكاريار ببوسماعيل وبن عزوز بقلب مدينة القليعة وأحياء اخرى عديدة تعاني من مشاكل عديدة تعنى بالمسالك على وجه الخصوص، بحيث يستحيل لشاحنة جمع القمامة وسيارة الاسعاف ووسائل النقل المختلفة الولوج إلى هذه الأحياء لغرض ترقية الحياة اليومية للمواطن لتبقى الأحياء بذلك بأمس الحاجة الى إحياء فكرة إعادة الهيكلة من خلال اقتراح مسالك مريحة بها مرفقة بمختلف الشبكات الحيوية، مع ترحيل العائلات المتضررة الى سكنات اجتماعية على غرار ما حصل بحي هواري بومدين بفوكة.
وكان حي علي عماري الشعبي ببلدية فوكة قد احتفظ بالسبق في الاستفادة من مشروع لاعادة الهيكلة، حيث كان يعتبر حينها أكبر حي على مستوى مجمل بلديات الولاية، وتمّ الشروع في بداية الألفية في تجسيد المشروع، وهو المشروع الذي تضمّن تهيئة الطرقات وتجديد شبكات التطهير الصحي والماء الشروب والانارة العمومية، إضافة الى عدّة مرافق أخرى، كما أنّ سكان الحي دفعوا أموالا محدودة للحصول على عقود الملكية لسكناتهم ليتجاوز الحي بذلك مرحلة الفوضى ويلتحق سكانه بالمحيط العمراني المهيكل، قبل أن يحين الدور على حي هواري بومدين المجاور، إلا أنّ سكانه رفضوا كثيرا من الشروط التي أملتها مقتضيات عملية إعادة الهيكلة لاسيما ما تعلق منه بدفع تكاليف إنجاز سكنات جديدة بنمط الاجتماعي التساهمي لـ 100 عائلة، كان يفترض ترحيلها لغرض التمكن من توسيع الطرقات والأزقة داخل الحي. وبعد أخذ وردّ تلقى المتعاملون في هذا المشروع تعليمة وزارية تعنى بتحويل الصيغة السكنية الى الطابع الاجتماعي، بحيث تمّ ترحيل 100 عائلة من ذات الحي إلى حي بن دومي واستفادوا من سكنات اجتماعية لائقة، إلا أنّ التراجع عن تمويل المشروع وتكليف الولاية للوكالة العقارية للتسيير الحضري بتجسيد المشروع بغلاف مالي متواضع قدّر في شطره الأول بـ 25 مليون دج حال دون تحقيق العملية لأهدافها المرجوة، بحيث لم ينطلق الشطر الثاني بعد، وتوقفت مع مرور الزمن مختلف العمليات المماثلة المتعلقة باعادة الهيكلة للأحياء الفوضوية.
وبتوقّف عمليات إعادة الهيكلة التي استبشر بها الساكنة خيرا بداية الألفية، لا تزال مشاكل الساكنة بالأحياء غير المهيكلة تتكاثر وتتفاقم، وتزيد من وتيرة الضغط على السلطات المحلية التي لا تجد سبلا كفيلة للتكفل بها بعيدا عن مشاريع شاملة تعتمد من طرف الجهات الوصية.