قامت السلطات المحلية نهاية الثمانينات وبداية التسعينيات من القرن الماضي، باستحداث مناطق ومفارز سكنية، للبناء الذاتي بغرض تخفيف الضغط على السكن الاجتماعي، على غرار، احياء سيدي احمد، بولقرود، وادي الوحش، وبوعباز، الا ان هذه السكنات التي تحوّلت الى مجمعات سكنية الواحدة منها تكبر العديد من بعض البلديات التي زارها والي الولاية مؤخرا وتحتاج هي كذلك لأغلفة مالية لإنشاء المرافق الضرورية لتلبية حاجيات السكان.
هذه التجمعات السكنية، تخلت عنها السلطات المتعاقبة، وتركت لحالها، دون توفير ابسط مرفق، ولم يتم التفكير في انجاز بعض المرافق الضرورية، كفرع للبلدية او مركز صحي، او مرافق الترفيه والتسلية، بل ان بعض الأحياء من هذه الأخيرة، لا تتوفر على الربط بقنوات تصريف المياه القذر ومياه الامطار. اما عن التهيئة العمرانية فذلك امر آخر، حتى يخيل للوافد لهذه الأحياء، انه في قرية من القرى النائية، ليس بوسط مدينة قيل عنها الكثير، حيث البحبوحة المالية، والرتبة الثانية على المستوى الوطني من حيث مداخيل الجباية البترولية وميناء سكيكدة.
ما تزال معاناة المستفيدين من المفارز الاجتماعية التي تمّ إنشاؤها في أطراف المدينة كحي بوعباز المنطقة الصناعية الصغرى وبولقرود في الجهة العليا لبني مالك و500 مسكن وسيدي أحمد بمدينة سكيكدة سنة 1986 مستمرة إلى اليوم، وتعرف بالمفارز الاجتماعية بكل أصنافها، والتي تمّ إنجازها عبر تراب الولاية بغرض المساهمة في حلّ إشكالية السكن، فإنّ أغلبها يواجه إشكالية عدم التسوية الإدارية نظرا لجملة من العوائق، منها مشكلة تحويل الأرضية وعدم تهيئتها وعدم إصدار عقود الملكية للمستفيدين بسبب عجز ميزانية البلديات عن التكفل بها.
والمفارز الواقعة في أطراف المدينة وفي الجهات العلوية تتحوّل في فصل الشتاء إلى تجمعات سكنية معزولة، حيث يصعب على وسائل النقل الجماعية الدخول إليها ويجد السكان صعوبات في التحرك ما بين أحيائهم وباقي أحياء المدينة، بحيث تتدهور الطرق الفرعية الداخلية غير المعبدة ويزداد عدد البرك المائية لغياب شبكات تصريف مياه الأمطار.
ورغم أنّ القانون الخاص بالتهيئة الحضرية يلزم البلدية بالتكفل بالتهيئة الحضرية للمفارز الاجتماعية، إلاّ أنّ هذه المواقع الحضرية مازالت بعيدة عن اهتمامات رؤساء البلديات، الذين تعاقبوا على ثاني أغنى بلدية على المستوى الوطني، فهي خالية تماما من أية مظاهر للتهيئة باستثناء توصيل الكهرباء إليها من طرف الشركة الوطنية للكهرباء والغاز منذ قرابة ستة وعشرين سنة.
مصالح بلدية سكيكدة ترجع تأخر أشغال التهيئة وتعطّل المشاريع التي خصصها المجلس الشعبي البلدي في بداية 2008، لهذه المفارز للتكفل بها من جميع الجوانب، إلى مديرية التعمير التي وعدت بالتكفل بها إلاّ أنّها لم تفعل شيئا في الميدان ثم عادت في النهاية وسمحت للبلدية بالتصرف في ملف تهيئة المفارز، أما مديرية التعمير نفت مزاعم البلدية وأكدت على أنّ تهيئة المفارز الاجتماعية مهمة البلدية ولا دخل للمديرية فيها.