مرّ أكثر من شهرين تقريبا على تنصيب المجالس البلدية المنتخبة بولاية بومرداس وسط تقديرات متباينة للمواطنين المتابعين باهتمام لتحركات الأميار الجدد في الميدان، حسب سلم الأولويات المسطرة في برنامج العمل، ولو أن هذه التحركات حسب تقييم المتابعين متفاوتة من بلدية إلى أخرى، أغلبها محتشمة شملت بعض الملفات والمشاريع البسيطة، وأخرى لم تتحرّك لمباشرة المهمّة وتجسيد الوعود المقدّمة أثناء الحملة.
تحوّلت منصّات التواصل الاجتماعي ببومرداس خاصة الفايسبوك إلى منابر مفضّلة للمساءلة وتقييم الأشهر الأولى من تولي رؤساء البلديات الجدد لمهامهم، وصلت في بعض الصفحات إلى تقديم ما يشبه سبر الآراء لتحديد رئيس البلدية الناشط الذي أثبت حضوره في فترة قصيرة من المتقاعس، وهي مؤشّرات إيجابية بيّنت مدى تجاوب المواطنين ومتابعتهم لسير الشأن المحلي الأقرب إلى اهتماماتهم وتفاعلهم مع محيطهم الاجتماعي، كما جعلت الطرف الآخر في منصب المسير يتحسس بمسؤوليته، واقتناعه أنه مراقب ومتابع ولا يمكن أن يسلم من التعليقات اليومية عبر هذه المواقع.
بالمقابل تفطّنت الكثير من المجالس البلدية لأهمية التواصل مع المواطنين، واستغلال مختلف منابر الاتصال لتبليغ الفكرة واستقبال المقترحات المرفوعة من القاعدة للاستفادة منها، وإعطاء حق المشاركة في تسيير الشأن المحلي، وأحسن مثال على ذلك بلدية بودواو، التي عرضت عبر صفحتها الرسمية برنامج النشاطات وأهم المشاريع المقترحة للانجاز من قبل السلطات المحلية وفئة المستثمرين، وأخرى عرضت ولأول مرة مداولات عملية المصادقة على تعيين نواب رئيس المجلس الشعبي البلدي ورؤساء اللجان المختلفة خاصة منها لجنة الصفقات العمومية والشؤون الاجتماعية وبالأسماء، مع فتح خطوط التواصل مع السكان وممثلي الأحياء والقرى على غرار بلدية دلس، وهي المبادرات التي تركت استحسانا لدى المهتمين والمعلقين على مثل هذه الخطوات الايجابية التي ستفتح المجال دون شك للمزيد من الشفافية في التعامل وتسيير الشؤون المحلية، والأهم من كل ذلك هو إشراك المواطن في عملية الرقابة، والاطلاع على ما يدور في محيطه وعلى مختلف برامج ومشاريع التنمية المحلية التي تهمه بالدرجة الأولى، ولم لا إبداء الرأي والمشورة فيما يخص أولوية الانشغالات المطروحة حسب كل منطقة عملا بمبدأ الديمقراطية التشاركية التي أصبحت قاعدة أساسية في ترقية مفهوم التسيير وإدارة شؤون البلدية بطريقة شفافة ومتكاملة.
اللاّفت أيضا من خلال التركيبة الجديدة لرؤساء المجالس البلدية المنتخبة المتكونة من نسبة لا بأس بها من الإطارات الشابة والمثقّفة، أنّ أغلبها أدركت أهمية التواصل وربط علاقات متينة مع ممثلي فعاليات المجتمع المدني عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واليوم نجد العديد من رؤساء البلديات يملكون صفحات شخصية على الفايسبوك كمؤشر على التفتح نحو المجتمع واستقبال طلبات المواطنين وتعليقاتهم المختلفة نحو مختلف المشاكل اليومية في المحيط السكني في انتظار تعميم العملية على باقي المجالس الأخرى بالخصوص الريفية منها، وهي تقريبا لب الإشكالية التي أردنا معالجتها في هذا الموضوع، والمتعلقة باهتمامات المواطن ورؤيته للقائمين على شؤونه المحلية ومدى تجاوبه مع واقع التسيير، ودرجة التكفل باهتماماته اليومية وطريقة إيصال هذه الانشغالات.
وعليه يمكن القول في الأخير أنّ لجوء بعض البلديات بولاية بومرداس إلى تفعيل الاتصال عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي قد أزال الكثير من اللبس لدى المواطن، وجعله يتفاعل أكثر مع برامج التنمية المحلية ومحاولة فهم ما يفيده، أو على الأقل تكون له الفرصة للحصول على المعلومة الصحيحة التي كانت شبه مغيّبة سابقا أو لا تصله بطريقة واضحة، وكانت هذه الوضعية سببا في الكثير من النّزاعات وظاهرة لجوء المواطنين إلى غلق البلديات والطرقات العامة للمطالبة بحقوقهم الاجتماعية، وهي تقريبا نفس الرسالة التي أدركها المنتخبون الجدد بفتح قنوات التواصل بين الطرفين، وتقريب الفجوة الفاصلة إلى أدنى نقطة ممكنة من أجل كسر الحواجز، وجعل المواطن شريكا فعّالا بإمكانه لعب دورا إيجابيا في إنجاح استراتيجية التسيير المشترك للشأن المحلي بعيدا عن الإقصاء والتصادم.