يبقى مشكل كيفية تسيير النفايات المنزلية من أهم الانشغالات المطروحة، نتيجة عدة عوامل ساهمت في تفاقمها من أهمها التعمير المتزايد والكثافة السكنية المرتفعة والسلوكات اللاحضارية لبعض المواطنين التي أصبحت السبب الرئيسي في إفرازها بكميات هائلة متسببة في انتشار الحشرات الضارة وانبعاث الروائح الكريهة مشوهة بذلك المنظر الجمالي للمدن، يحدث هذا رغم كل الإجراءات التي تمّ اتخاذها من طرف مصالح الولاية التي تعمل على محاربة كل النقاط السوداء التي تشوّه المنظر الجمالي لعاصمة البلاد.
ظاهرة جنّدت لأجلها المصالح الولائية مختلف الإمكانيات للقضاء النهائي عليها، خاصة في ظلّ الأخطار الناجمة عن مثل هذه النفايات صحيا وبيئيا، إلا أن مختلف هذه الجهود لا تزال لم تعط النتيجة المطلوبة بالنظر إلى بعض الظواهر المسجلة، خاصة على مستوى الأحياء الجديدة على غرار ما نشهده بحي بسة بلدية الشراقة غرب العاصمة، هذا الحي الجديد الذي تنعدم فيه حاويات لرمي النفايات ما يضطر المواطنين إلى وضع أكياس القمامة على الأرض، الأمر الذي بات يشوّه المنظر الجمالي لهذا الحي المشيد وفق رؤية عصرية.
وليس بعيدا عن هذا الحي وبالضبط على مستوى حي عدل ببلدية أولاد فايت، حيث يعاني سكانها من الانتشار الرهيب للنفايات بالنظر إلى غياب الحاويات، حيث يعجز السكان على إيجاد المكان المناسب الى رميها، ما يضطرهم الى وضعها على الأرض وهي الظاهرة التي تُصعّب من مهام أعوان النظافة، حيث يجدونها متناثرة في كل مكان بعد أن أصبحت مرتعا للكلاب والقطط المتشرّدة.
نفس الظاهرة نسجلها بالعديد من الأحياء سواء كانت مشيّدة حديثة أم قديمة، منها حيث تغيب على مستواها حاويات الخاصة بالنفايات،فالمتجوّل عبر شوارع العاصمة يلاحظ النقص الكبير ترمي النفايات حيث يحتار المتجول أو السائح من إيجاد مكان يرمي فيه حتى وإن تعلّق الأمر بقارورة ماء أو عصير أو علبة مثلجات يضطره إلى وضعها على الأرض.
وهنا سجلنا في تصريح لعدد من المواطنين مطلبهم الخاص بإعادة النظر في هذه المعضلة التي رغم كل توجيهات المسؤولين وعلى رأسها وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية التي أبرقت مؤخرا بتعليمة لمختلف السلطات الولائية عبر القطر الوطني لتنظيم حملات تنظيف واسعة من أجل القضاء على هذه المعضلة، وهنا دعا محدثينا بضرورة إعادة النظر في الطرق الكفيلة باستئصالها نهائيا.
كما دعا محدثينا بضرورة تخصيص حاويات على مستوى مختلف الأروقة والشوارع الكبرى من أجل تنظيم عملية الرمي مع محاولة تعميم ثقافة تنظيف المحيط لدى المواطن الجزائري من خلال برمجة حمالات تحسيسية وقوافل من شأنها أن توعي المواطن من هذا الخطر الذي يهدّد بيئتنا ويعطي صورة سلبية على جمال مدننا.
نموذجا بلدتيي الكالتيوس ودالي براهيم
وإن كانت الظاهرة لا تزال تشكل انشغال بعض المنتخبين المحلين، إلا أن بعض البلديات على غرار بلدية الكاليتوس ودالي إبراهيم تمكّنت من إيجاد الحل الفعلي لهذه الأزمة بعد تخصيصها حاويات عصرية جمالية عازلة للروائح بسعة 5 آلاف لتر يتم دفنها تحت الأرض، آليات عصرية جاءت لتدارك العجز المسجل ومحاربة ظاهرة الانتشار العشوائي للنفايات التي تشوّه المحيط وتضع حدّ لهذه السلوكات وتجعل منها نموذجا رائدا في مواجهة مشاكل النفايات وحماية المحيط، حيث يتمّ دفنها تحت الأرض في حين يبقى جزء منها على السطح. وقد تمّ لأجلها تخصيص شاحنة هيدروليكية مختصّة تحوي على رافعة أوتوماتيكية تقوم برفع هذه الحاويات من خلال سحب الكيس الموجود بداخلها وتساهم هذه الشاحنة في تسهيل مهمة عمال التنظيف.
ومن هذا المنطلق أبدى عدد من سكان العاصمة في حديث مع «الشعب» عن أمالهم في تعميم التجربة وبرمجة حاويات عصرية بنفس المواصفات بمختلف بلديات العاصمة التي تعاني من الانتشار الرهيب للنفايات والعمل جاهدا على عصرنة أجهزتها بإدراجها وسائل جدّ متطورة في مجال تنظيف المحيط تراعى فيه شروط وفرز النفايات، وكذا المكانس التي تجوب الأحياء والشوارع ورسكلتها للتوجه نحو تحقيق البعد البيئي والجمالي اللائق بمحيط البلدية.
وحتى نتمكّن من تحسين مستوى تنظيف المحيط وترقية المهارات المهنية يتطلّب الأمر وفق تصريحات عدد من الموطنين رسكلة أعوان النظافة والرفع من قدراتهم المهنية بتلقينهم تقنيات عصرية في مجال جمع وعصرنة الأجهزة المستعملة في نظافة المحيط وجمع وفرز النفايات وجعل عون النظافة يساهم بجدية في عملية جمع وفرز النفايات من خلال تخصيص له كل الأجهزة العصرية بذلك.
وتبقى هذه المطالب الكفيلة بتوفير محيط بيئ نظيف غير كافية يقول محدثينا في ظلّ السلوكات اللاحضارية لبعض المواطنين مذكرين في هذا السياق بالأضرار التي ألحقت بالحاويات التقليدية القديمة المتمركزة بمختلف أحياء بلديات العاصمة، حيث تعرضت للحرق والتكسير، كما أن السكان مطالبون باحترام مواقيت إخراج النفايات بعد جمعها في أكياس مغلوقة ووضعها داخل هذه الحاويات وهذا حتى نتمكن جميعا من المشاركة في القضاء على هذه الظاهرة السلبية التي كان لها التأثير السلبي على المحيط البيئي لعاصمة البلاد.