يشهد سوق الإخوة صالح الأسبوعي المعروف بـ «المكسيك» بالقليعة كل يوم جمعة ظاهرة الترويج للأعشاب الطبية باستعمال مكبرات الصوت المزعجة، مستغلين بذلك غياب مصالح الرقابة بالنظر الى كون الجمعة يوم عطلة بالنسبة لمعظم المصالح العمومية.
وما يثير الانتباه في هذه الظاهرة كون تجار الأعشاب يدركون جيّدا أهم الأمراض والمتاعب الصحية التي يعاني منها معظم الجزائريين، وهي المتاعب التي تختلف من فصل لآخر كآلام الظهر والروماتيزم مثلا خلال فترة البرد وآلام الجهاز الهضمي والأسنان خلال فترة الصيف ليتم بذلك اللعب على الوتر الحساس الذي يجلب انتباه المعنيين ليتم عرض السلعة عليهم بأثمان زهيدة لا تقبل التنافس على الاطلاق، ويتفنّن التجار الذين يبدو على ملامحهم صفات التواضع والوقار في انتقاء السلعة التي تجلب أكبر قدر من الفضوليين معتبرين إياها من تلك التي يصعب العثور عليها بأماكن أخرى، ويدّعي بعضهم بأنّه جلبها عن طريق عدّة وسطاء من بلدان أجنبية، وأنّ الأطباء على اختلاف مستوياتهم لا يمكنهم علاج الأمراض التي يعاني منها أصحابها بالطرق المعتادة، في حين يبقى مفعول الأعشاب المسوقة من طرف هؤلاء كفيلا بالقضاء على المتاعب الصحية التي يعاني منها المرضى في أوقات قياسية على حدّ تعبيرهم ووصفهم، كما يتفنّن هؤلاء أيضا في ذكر بعض الحالات التي لا يحبّذ فيها تقديم الأعشاب للمريض بطريقة تجعل الزبائن يعتقدون بأنّ تجار الأعشاب على دراية تامة ودقيقة بتفاصيل استعمال الأعشاب الطبية بمعية التداعيات الايجابية والسلبية التي تتمخّض عن ذلك.
ولأنّ معظم رواد السوق الأسبوعي بالقليعة من الطبقات الاجتماعية الضعيفة التي لا تقوى على تحمّل تكاليف العلاج الباهضة لدى الأطباء الخواص في ظلّ غياب الآليات والتجهيزات اللازمة لدى المؤسسات الاستشفائية العمومية، وفي ظلّ إقدام تجار الأعشاب على تخفيض الأسعار إلى حدودها الدنيا، فقد أضحى العديد من الزبائن يتهافتون بشكل لافت على هذه المنتجات غير المضمونة وغير المرخص لها أصلا باعتبارها لا تخضع لأيّ معيار مراقبة قبلية من طرف الجهات المعنية، ناهيك عن تزامن موعد تسويقها مع يوم العطلة الأسبوعية وبفضاءات تجارية لا تزورها هيئات المراقبة الا في حالات نادرة. وتبقى طريقة التخويف من عواقب الأمراض المستعصية والترغيب في استعمال الأعشاب الطبيعية للعلاج التي يستعملها التجار وسيلة مثلى لجلب الزبائن، الذين يقتنون الأدوية في حالات عدّة قد تكون بعضها لا علاقة لها إطلاقا بالأمراض وإنّما يقتنيها الزبون لغرض الاحتياط واستعمالها في أوقات الحاجة.
غير أنّ العديد من مقتني تلك الأعشاب غير المراقبة كثيرا ما عانوا من أمراض الحساسية وتداعيات سلبية أخرى غير مرغوب فيها لاسيما حينما يتعلق الأمر بالمواد المستهلكة عن طريق الجهاز الهضمي، والتي تسبّب التهابات غير مرغوب فيها أو تلك التي تستعمل لغرض تنظيف الأسنان والوقاية من التسوّس، والتي تسبّبت في الكثير من الحالات في تعرّض الأسنان المعنية لأعراض مرضية مستعصية، كما لاحظ مستعملون آخرون لمرهم يقال عنه بأنّه مصنوع من شحم الجمل بأنّ المنتج المقتنى لا يؤثّر بتاتا في الالتهابات العضلية التي يتعرّضون لها ممّا يكشف منذ الوهلة الاولى بأنّ ذات المنتج يعتبر مزيفا، ولا يمتّ للحقيقة بأيّة صفة، وبالنظر إلى كون هؤلاء التجار لا يزالون يروجون لسلعهم بعيدا عن أعين المراقبة الطبية والتجارية ويكسبون أسبوعيا زبائن جدد، فإنّ الجهات المعنية تبقى مطالبة بالتدخل بجدية وبأسرع وقت ممكن تجنّبا لتداعيات سلبية لا تحمد عقباها.