تنتشر بسكيكدة العشرات من المحلات التي امتهنت بيع الأعشاب وما يستخرج منها من الزيوت، حتى أن الواحد منا يجد صعوبة في التفريق بينها وين الصيدليات لا تخادها ألوان هذه الأخيرة، بل أنها من الداخل جد فاخرة، ما يؤكّد على الأرباح الطائلة من هذه التجارة ورواج «الطب البديل» كما يدعى في الوسط الشعبي طلبا في العلاج لما يجده من إشهار يكاد أن يكون خيالي، فالأعشاب ومشتقاتها حسب الدعاية وما يكتب عليها إنها تعالج كل الأمراض التي استعصت على الطب.
كما أنّه من الخطأ القول إنّ من أسباب إقبال المواطنين على الأعشاب الطبية، الهروب من الأسعار المرتفعة للأدوية والسعي وراء الأسعار المنخفضة، فثمن الخلطة الواحدة من الأعشاب الطبية التي توصف مثلا لعلاج داء السكري، وتحتوي على الكثير من الزنجبيل والقليل من العسل والحبة السوداء وبعض الزيوت وغيرها، قد يفوق 30 ألف دينار جزائري، مع جهل إن كانت مفيدة، أو على الأقل ليست لها آثار جانبية.
فشهرة الممتهنين ببيع الأعشاب الطبية أصبحت تنافس الأطباء، فأصبح الناس يقطعون مئات الكيلومترات لزيارة أحد هؤلاء الأخصائيين الذين سمعوا عنهم عن طريق أقارب، أصدقاء أو في إحدى وسائل الإعلام وبالحسابات الاجتماعية، كمثال «ا - ك»، الذي خصص منزلا كاملا بالبليدة يحج اليه الكثير وبالأخص من الجنس اللطيف، للعلاج من البهاق بخلطات أكثر ما يقال عنها انها عادية وبأسعار تزيد عن 40 ألف دينار جزائري، فالكثير من سكيكدة وبعض الولايات المجاورة قصد منزل هذا الشخص للضفر بدواء يعالج البهاق.
زارت جريدة «الشعب» بعض محلات لبيع الأعشاب الطبية بوسط المدينة منها الموجودة على مستوى السوق المغطاة، أو التي توجد بشارع ديدوش مراد، اما الموجودة بممرات 20 أوت 55، بعض أصحابها وكلاء لمخابر لبنانية وسورية تشتهر بكامل الوطن العربي، وتمتلك قنوات تلفزيونية خاصة ومواقع على الأنترنت تقوم بالدعاية مستمرة لمنتجاتها، في حين تمثل محلات أخرى مخابر جزائرية اشتهرت مؤخرا. والمثير للانتباه أنّ هذه المنتجات تقدم للزبائن بعلب فاخرة، كما أنّ المنتجات المتراكمة على الرفوف لدى هذه المحلات توصف لجميع أنواع الأمراض دون استثناء، سواء كانت عضوية أو نفسية، فهناك أدوية لأمراض الجلد والبشرة، وأدوية لآلام المفاصل والعظام، وأخرى توصف لمرضى الربو، كما أن هناك منتجات تقدم لمن يعانون من مشاكل في الجهاز الهضمي والقولون، وكذلك لمرضى الكلى والمسالك البولية والكبد والبروستاتا، وحتى ضغط الدم والسكري والكولسترول والروماتيزم، وغيرها من الامراض التي استعصت على الطب الحديث.
فالإقبال على هذه المنتجات يتزايد بين المواطنين، وأصبحت تنافس الأدوية التي يصفها الأطباء، رغم نتائجها غير المضمونة وعرض هذه المواد بأسعار جنونية. بالمقابل أوضح إطار بمديرية التجارة بالولاية، «بأنّ أغلب المواد المستخدمة في الأعشاب الطبية غير مقنّنة، وبالتالي لا تخضع لتراخيص من مديرية الصحة، فأصحاب هذه المحلات يمارسون نشاطهم في إطار تجاري ويخضعون للسجل التجاري على غرار باقي التجار»، وأضاف «أنّ مصالح التجارة للولاية قامت بحملات تحسيسية سابقة حذّرت فيها المواطنين من خطورة استهلاك بعض أنواع هذه المواد خاصة مجهولة المصدر، مؤكدا بأنّها قد تتسبّب في أمراض خطيرة يمكن أن تؤدي إلى الوفاة».
وكان عبد المالك بوضياف، وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، قد شدّد مؤخرا على ضرورة تكوين مختصين يشرفون على تسيير محلات بيع الأعشاب الطبية لكون بعضها يحتوي - كما قال - على تسمّمات مضرّة بصحة المواطن، وقال إنّها «محلاّت تصدّر الموت للجزائريّين».