حملة واسعة لتأكيد تقنين سعر السميد قريبا
أكّد الأمين العام للمنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه السيّد حمزة بلعباس على أنّ فعالية الحركة الجمعوية المهتمة بالدفاع عن المستهلك لم تتأكّد بعد على أرض الواقع لحداثة نشأتها من جهة وعزوف المستهلك عن التعاون معها من جهة ثانية ممّا أفرز واقعا تجاريا صعب فيه التحكم الأمثل في قضية الأسعار لاسيما حينما يتعلق الأمر بالمواد ذات الاستهلاك الواسع، ومن ثمّ فقد طالب هذا الاخير الجهات المعنية بضرورة بسط سيطرتها في الميدان من حيث إجبار التاجر على العمل بالفوترة مع نشر الأسعار على السلع، ويتّضح ذلك جليا من خلال هذا الحوار.
❊ الشعب: لوحظ ارتفاع لافت لأسعار معظم المواد الاستهلاكية مؤخرا بحجة ارتفاع الرسم على
القيمة المضافة، فهل يكفي ذلك كمبرر لما حصل؟
❊❊ حمزة بلعباس:ما نأسف له في الواقع كون الأسعار لم ترتفع تزامنا والشروع في تطبيق قانون المالية لهذه السنة، وإنّما سجلنا ارتفاعا ملحوظا للأسعار منذ كان هذا القانون عبارة عن مسودة مقترحة للنقاش والمصادقة قبل 4 أشهر تقريبا ومع بداية العام انتشرت الظاهرة، ومسّت سلعا كثيرة أخرى، بحيث لاحظنا بأنّ بعض الزيادات بلغت حدود 30 بالمائة، في حين أنّ قانون المالية يشير فقط الى زيادة قدرها 2 بالمائة في الرسم على القيمة المضافة، وإذا كان الأمر لا يحتمل نقاشا فيما يتعلق بالسلع ذات الأسعار الحرة وغير المقنّنة، فإنّ الأمر يختلف تماما حينما يتعلق الأمر بالسلع المقننة كالحليب والخبز والسميد، وهي السلع التي ارتفعت أسعارها نهارا جهارا دون أن نجد لذلك تفسيرا مقنعا، فيما لوحظ ارتفاع فاحش وغير مبرّر في مواد حليب الغبرة والقهوة والفواكه المستوردة والطماطم المصبّرة.
❊ بما أنّ قانون المالية يشير إلى نسبة 2 بالمائة، لماذا تجرّأ التجار على اعتماد زيادات أكبر؟
❊❊ من بين الحجج التي يستغلها المتعاملون الاقتصاديون والتجار انخفاض قيمة الدينار وتوقيف التعامل بالقطع النقدية الأقل قيمة من 5 دنانير، ولذلك فإنّ أقلّ قيمة يمكن الحديث عنها كزيادة في السع لا تقلّ عن 5 دنانير في مواد بسيطة جدا، وحينما يتعلق الأمر بمواد مرتفعة الثمن نسبيا فإنّ القيمة المالية تصبح أكثر شأنا كما يتحجّج التجار أيضا بتداعيات قانون العرض والطلب، بحيث يزداد السعر كلما زاد الطلب على السلعة ليتم بذلك رمي الكرة في مرمى المستهلك.
❊ بالنسبة للمواد المعنية بالسعر المقنّـن، لماذا تعرّضت لزيادة ملحوظة في اسعارها؟
❊❊ في الواقع لا يوجد في السوق حليب أكياس ب ـ25 دج إلا نادرا، بحيث يسوق هذا النمط من الحليب عادة حاليا بـ 30 دج بحجج مختلفة بالرغم من كون أكياس التعليب كتب عليها بالبند العريض عبارة «سعر مقنّـن»، كما أنّ كيس السميد ذي الـ 25 كلغ الذي قنّـن بسعر ألف دج أصبح يسوق حاليا بأسعار خيالية تصل الى 1600 دج أحيانا بما يفيد أنّ إحترام الأسعار لم يطبق على أرض الواقع.
❊ ولماذا لم تبلّغوا الجهات المعنية عن هذه التجاوزات؟
❊❊ ما تجب الاشارة إليه هنا أنّ الأمر تمّ تبليغه للجهات المعنية التي تدخّلت في الميدان الا أنّها كثيرا ما تصطدم بعائق كون التاجر يلتزم بالسعر القانوني حينما يلاحظ قدون أعوان الرقابة قبل أن يفعل فعلته في غيابهم، بحيث يحصل ذلك في ظلّ عدم تعاون المستهلك مع الجهات المعنية بالرقابة، وأصبح المستهلك بهذه الطريقة يعتبر نفسه مجرّد ضحية، ولكنّه لا يفكّر إطلاقا في التحوّل الى رقم مهم في هذه المعادلة من خلال التأثير وفق منحى ايجابي في مسألة الأسعار، وبالاضافة الى ضعف ثقافة الاستهلاك لدى المستهلك عموما فقد تطور الأمر الى مرتبة أخرى أكثر خطورة، وتتعلق بغياب ثقافة التبليغ عن التجاوزات للجهات المعنية بحكم فقدانه للثقة المطلوبة في عمل هذه الجهات، وبفعل هذه القطيعة الحاصلة مع المستهلك فإنّه كثيرا ما نجد نحن كمجتمع مدني صعوبات جمّة في جمع المعطيات المتعلقة ببعض التجاوزات المسجلة، مع الاشارة أيضا الى أنّ بعض المتعاملين فرضوا زياداتهم فرضا ولم يأبهوا إطلاقا بما ستقرره جهات الرقابة كما هو حاصل بقطاع النقل مثلا، بحيث تمّ الوقوف على بعض الاختلالات بعدّة ولايات من بينها بومرداس، تيبازة و تيزي وزو خلال الآونة الأخيرة.
❊ بما أنّ الأمر يتعلق بقضية الأسعار المقنّنة، لماذا لم تتدخّل منظّمتكم بشكل لافت ومباشر لإعادة الأمور الى نصابها؟
❊❊ نحن كنا نراقب من بعيد فترة من الزمن وقمنا بتوثيق مختلف التجاوزات الحاصلة في مرحلة جس النبض، وحان الوقت للتحرّك ميدانيا لوقف هذا التجاوز الآن، بحيث قرّرنا كمنظمة الشروع رسميا في تجسيد حملة وطنية لتأكيد تقنين سعر السميد بداية من الفاتح فيفري القادم، وذلك عن طريق حثّ تجار التجزئة على عدم إقتناء هذه المادة بأسعار تتنافى وما هو مشار اليه في التعليمات والتوجيهات الرسمية على أمل تمكنهم من تسويقها للزبون بسعرها الحقيقي الذي حددته الجهات الرسمية والمقدر بألف دج للنوعية الرفيعة أو الممتازة و900 دج للنوعية العادية، وشرعنا في الواقع خلال الشهر الحالي في تحسيس التجار والمستهلكين بهذه الحملة المرتقبة، ونحن نعتبر هذا التحرك كفيلا بمحاصرة مافيا الدقيق عموما الا أنّه في كلّ الحالات فلابد من تظافر جهود الجميع من المستهلك الى التاجر والمجتمع المدني وجهات الرقابة لأنّ القضية ليست سهلة التجسيد على أرض الواقع باعتبارها ترتبط بالمال والمصالح ولكننا سنعمل جاهدين من أجل التبليغ عن كل تاجر يبيع السميد بأكثر من سعره المقنن بداية من الشهر المقبل، وفي حال نجاح هذه المبادرة فسوف يتم تعميمها على مواد أخرى ذات استهلاك واسع.
❊ وهل من حملات أخرى لها علاقة بالمواد الاستهلاكية ذات السعر غير المقنـّن؟
❊❊ المواد غير المقنّنة في أسعارها تخضع في الواقع لقانون العرض والطلب، ولا يمكن تحديد أسعارها و لكن المستهلك يبقى دائما مطالبا بالتأثير في هذه العملية من خلال الانتباه لقضية نشر الأسعار بمختلف السلع، وهي العملية التي يفرضها القانون على مجمل التجار، الامر الذي يمكّن المستهلك من العزوف عن اقتناء المواد ذات الأسعار المرتفعة كإجراء تحفظي و عقابي للتاجر الجشع، مع التبليغ الفوري عن التجاوزات الحاصلة في أسعار بعض المواد لاسيما في المساحات الكبرى حين يتم نشر أسعار بذاتها ويتم قبض مبالغ أخرى من الزبون تفوق تلك التي تمت الاشارة اليها في الرفوف أمام السلع المعنية. ونحن كمنظمة نطالب الوزارة الوصية بضرورة السهر على التطبيق الصارم للمرسوم التنفيذي رقم 66 ـ 16 المتعلق بالفوترة لغرض إضفاء مزيد من الشفافية على السلسلة التجارية القائمة بين المنتج إو المستورد والمستهلك مع العمل الجدي من أجل إرغام مجمل التجار على نشر الأسعار لمختلف المنتجات المعروضة كغجراء تحفظي بوسعه الحد من ظاهرة التلاعب بالأسعار.
❊ وما هي أهم الحيل التي يجب أن يتفطّن لها المستهلك في هذه الحالة؟
❊❊ الحيل المعتمدة من طرف التجار والمتعاملين الاقتصاديين كثيرة جدا، ولا يمكن حصرها هنا إلا أنّ لابأس من الاشارة إلى بعض منها كأن يكتب المتعامل الاقتصادي وزن المنتوج ببند صغير نسبيا لا يمكن للزبون التفطن اليه مع خفضه عما كان معمولا به من قبل وترك السعر المعتمد كما هو، ولجوء بعض المتعاملين الى الاحتفاظ بنفس السعر والوزن المعتمدين إلا أنّه يتم تخفيض الوزن دون إشعار الزبون.
❊ هل فكّرتم في سياسة المقاطعة للمنتجات مثلا؟
❊❊ قمنا بعمليات منظمة تتعلق بمقاطعة بعض المنتجات في فترات مختلفة كالبيض والسمك وبعض الفواكه حينما يرتفع سعرها بشكل جنوني غير أنّه في حال ارتفاع أسعار معظم المنتجات دفعة واحدة، فإنّ سياسة المقاطعة لن تكون مجدية على الاطلاق ولابد من التفكير في حلول أخرى غير أنّ ذلك لا يعني أبدا التخلي عن هذه الفكرة التي تبقى بالرغم من كلّ الصعوبات سلاحا قويا بوسعه التأثير المباشر على أسعار بعض المنتجات، ونحن نحضّر حاليا لمبادرة تتعلق بتحضير قائمة من المواد ذات الاستهلاك الواسع سنقدم طلبا بشأنها للمصنع يتعلق بتبرير ارتفاع أسعارها و في حال عدم إقدام هذا الأخير على اقناعنا سنقوم بحملة مقاطعة بالتنسيق مع المستهلكين، ولكن هذه المبادرة لا يمكن تجسيدها على أرض الواقع ولابد من تهيئة الظروف على كافة المستويات لانجاحها.
❊ كلمة أخيرة للمستهلك؟
❊❊ ما يجب الاقتناع به في الواقع أنّه مهما ارتفعت الامكانيات البشرية والتقنية للوزارة الوصية على قطاع التجارة، فإنّه لا يمكن التحكم بدقة كبيرة في سيرورة تسويق السلع كما أنّ المجتمع المدني المهتم بهذا الملف يبقى قاصرا إلى حدّ الآن، ومن ثمّ فلابد على المستهلك بأن يتحرّر من ثقافة التملّص من مسؤولياته المتعلقة بالتبليغ عن التجاوزات، والمستهلك يبقى مطالبا هنا بالتأثير في أسعار المنتجات من خلال مقاطعة العالية منها وتشجيع ما هو في متناوله، وبهذه الطريقة يمكن له بأن يقتني موادا استهلاكية بأسعار معقولة ومقبولة.