الانطباع العام الذي يتبادر إلى ذهن كل من يقوم بإطلالة على أسواق الخضر والفواكه والمواد الغذائية واسعة الإستهلاك، هو أن الأسعار توجد في سقف أعلى لا يترجم أبدا ما ورد في قانون المالية، بقدر ما يعود إلى سلوكيات المتحكمين في هذه الفضاءات بشكل رهيب وفق مزاجهم الخاص اعتادوا على ذلك منذ سنوات خلت.
هذه المعاينة جاءت متطابقة مع قراءة وزارة التجارة الأخيرة في شكل بيانات حول اتجاهات الأسعار، لشهر ديسمبر ٢٠١٦، والتي لخصتها في أنها مصنفة في خانة الإرتفاع لأغلب المنتوجات في حين رأت بأن هناك إستقرار في عينات أخرى لحوالي ١٩ مادة كانت محل هذه الدراسة التحليلية بما فيها المحلية والمستوردة واللحوم منها الحمراء والبيضاء والمجمدة.
ولا داعي للعودة إلى ما تضمنه هذا التقييم نظرا للتغييرات السريعة والطارئة التي مسّت الأسعار ما بعد شهر ديسمبر، أي في أيام معدودات قفزت قفزة مضاعفة، البطاطا اليوم بـ ٧٠ دينارا، إن لم نقل أكثر لدى البعض من الجشعين وقس على ذلك.. وليست في مستوى ٤٥ دينارا.. هذا كان خلال الصائفة وباقتراب الخريف وموسم البرودة تغير المشهد رأسا على عقب.
ما نوّد قوله هنا هو أن الإشارات الأولية تدعونا وخاصة السلطات العمومية وعلى رأسها وزارتا الفلاحة والتجارة إلى التفكير في آليات إعادة تنظيم أسواق الجملة التي تعد مصدر الاقتناء بالنسبة للتاجر الذي يبيع .
لأن الحجج المذكورة في هذه الزيادات لا تقنع المستهلك عندما نحدثه عن صعوبة الجني ونقل المواد وغياب وسائل التخزين والتبريد وانعدام اليد العاملة، هذه العوامل مهما كانت صحيحة غير أنها غير مستساغة لدى المواطن. لذلك، فإن النقاش الواقعي هو الذي يستغني عن التبريرات أو الاختفاء خلف أراء لا تؤثر على ما يجري، لأن التشخيص بقدر ما كان صائبا وموفقا فإنه لا يغير أي شيء لذلك فإنه من الضروري نقل الحوار إلى مستويات أكثر نضجا وعمليا. وفي هذا السياق، فإن الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين والمنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك حاولتا تقديم إقتراحات عملية للتخفيف عن كاهل المواطن من أعباء هذه الأسعار، وهذا بالتواصل المباشر مع مموني سوق التجزئة خلال هذه الظروف.
لتفادي التأثير على القيمة الحقيقية للمواد وكذلك التحرك باتجاه تثبيت السعر الحقيقي للسميد أي الدقيق والعمل بالتنسيق مع المتعاملين الإقتصاديين من أجل احترام مرجعية الأسعار. اليوم ليس من أجل البكاء على الأطلال وإنما علينا أن نبحث على أفضل السبل من أجل استقرار الأسعار ولن يكون هذا إلا بفضل تضافر جهود الجميع وتفهمهم لتحديات المرحلة.