كشفت الأمطار الأخيرة التي شهدتها ولاية بومرداس مدى تقاعس الجماعات المحلية في أخذ الاحتياطات اللازمة لاستقبال موجة الأمطار الفصلية الأولى، التي عادة ما تتزامن مع نهاية فصل الصيف وبداية فصل الخريف، أحيانا تكون معتبرة ومصحوبة برياح قوية تتسبّب في حدوث فيضانات وانزلاقات وخسائر مادية خاصة في شبكة الطرق، فرغم تجارب السنوات السابقة التي كثيرا ما كانت قاسية ومكلفة في بعض البلديات، إلاّ أنّ الظّاهرة تتكرّر كل سنة.
تحرّكات محتشمة لفرق الصيانة التابعة لتقسيمة الأشغال العمومية بالدوائر وبعض أعوان البلديات مباشرة بعد موجة الأمطار الغزيرة التي تهاطلت الأسبوع الماضي بولاية بومرداس وصلت بالمنطقة الشرقية إلى 47 ملم، كانت كافية لإغراق الطرقات والأرصفة بالمياه نتيجة انسداد البالوعات وقنوات التصريف، وقد توقفت «الشعب» عند بعض الأشغال الترقيعية على مستوى الطريق الوطني رقم 24 و25، كلف بها أعوان بإمكانيات بسيطة لرفع المخلفات من طمي ونفايات بكل أشكالها كان من المفروض رفعها قبل مدة لتجنب كل الأخطار المحتملة من فيضانات وانزلاقات للتربة.
وقد ازدادت في السنوات الأخيرة النداءات والتحذير من هذه الأخطار التي بدأت تزيد من أتعاب البلديات بسبب الخسائر المادية الكبيرة المسجلة كل سنة جراء شبه الفيضانات ومجاري المياه العشوائية التي غمرت الطرق وبعض الأحياء بأكملها متسببة في شل حركة المرور، ناهيك عن الأضرار القادمة بشبكة الطرقات التي استهلكت الملايير لإعادة تعبيدها، وبالأخص على مستوى الطرق البلدية والمسالك المؤدية إلى القرى والأحياء المعزولة، كما ساهمت وزارة الداخلية والجماعات المحلية بمجهودات ميدانية عن طريق إطلاق مشاريع كبيرة لحماية المدن المتواجدة على حواف الأودية من خطر الفيضانات السنوية، والأمثلة على ذلك عديدة أبرزها فيضانات باب الواد سنة 2001 وفيضانات دلس 2007، التي خلّفت خسائر مادية وبشرية معتبرة، جزء كبير من المسؤولية تتحمّلها البلديات التي لا تعطي أهمية كبيرة للموضوع.
كما يتحمّل المواطن حسب أصداء رصدتها «الشعب» لدى بعض المسؤولين المحليين جزءاً آخرا من المسؤولية أيضا، نتيجة التهاون وانتشار البناءات الفوضوية في حواف الوديان، حيث لجأ بعض الخواص وحتى المرقّين الذين استغلّوا هشاشة المجالس المنتخبة إلى الاستفادة من عقار لإنجاز سكنات ترقوية في أماكن كانت تشكل إلى وقت قريب خطرا عاما حرم السكان من تجسيد مشاريع عمومية، وكل ذلك عن طريق التحايل وتحويل مجاري المياه والوديان الفرعية عن مجاريها الأصلية، وتركها تجري بطريقة عشوائية إلى مسافات طويلة في الطرقات والأرصفة دون إيجاد منفذ لها، بما فيها لجوء البعض إلى غلق وسد قنوات صرف المياه بالطرقات، بحجة أنّها عرقلت مشاريعه وعقاراته في مشهد ينم عن غياب الرقابة والمتابعة الصارمة لمثل هذه التجاوزات التي باتت سمة مشتركة في اغلب بلديات بومرداس، وهو ما يستدعي أيضا إجراءات صارمة لمعالجة الظاهرة عن طريق تنسيق الجهود بين مختلف المصالح المعنية لحماية المواطنين والممتلكات العمومية من مثل هذه المظاهر السلبية التي تتكرر مع بداية كل شتاء.