اتخذت العديد من الإجراءات سعيا من السلطات المعنية إلى تحقيق التنمية المستدامة، حيث ينصب الاهتمام إلى تعميق البحث حول فكرة الاستثمار في مجال رسكلة النفايات، ويقصد بها إعادة تدوير النفايات الصناعية لاسيما الصلبة منها، وفتح السوق أمام الاستثمارات الخاصة التي من شأنها توفير آلاف من مناصب الشغل وتوفير الموارد المالية، وفتح مجال الرسكلة الذي كان مصيرها التقليدي هو الحرق، والذي يتسبب بدوره في تلويث البيئة ويخل بنظامها العام، ولكن باستعمال وسيلة الردم التقني تمكننا من تحقيق توازن بيئي واقتصادي من جهة واستغلال هذه المواد المتلفة والاستفادة منها مجددا.
استفادت الولاية على غرار باقي الولايات من إنشاء مؤسسة تسيير ومعالجة النفايات «كلينسكي» إلى جانب مركزين للطمر التقني بالتعجيل بإيجاد حلول مناسبة بهدف التكفل بالنفايات الصناعية السامة التي تفرزها المنطقة بتروكيماوية والتي توجد مكدسة ومخزنة على مستوى المنطقة الصناعية الكبرى، إضافة إلى الركام من المواد المسترجعة التي يقوم بجمعها بعض الخواص على مستوى مركز الردم التقني بالزفزاف، الذين يمارسون هذا النشاط بطريقة غير قانونية وعشوائية مشوّهة للمحيط. وتعتبر، البيئة في الولاية غير سليمة ومهدّدة أكثر من أي وقت مضى من جانب عوامل داخلية وأخرى خارجية ما تزال قائمة ولم تتم معالجتها، وفي مقدمتها التلوث الصناعي الناجم عن الإفرازات الكيماوية للمنشآت البترولية والغازية الواقعة في المنطقة الصناعية بالعربي بن مهيدي والمياه القذرة ومياه الصرف الصحي وغيرها التي يتم رميها في السواحل وبالقرب من الشواطئ الكبرى في سكيكدة وعزابة والقل والإفرازات الصناعية المتعددة زيادة عن رمي سوائل كيميائية ومواد خطيرة في العراء ومواد طبية مستعملة.
وقد أفاد تقرير أعدته لجنة تشكلت لهذا الغرض أن الأحواض المائية والمصبات والسدود والمحيطات المسقية والسلاسل الجبلية والغابية الواقعة في الجهات الغربية والجنوبية والشرقية للولاية، أصبحت عرضة للعديد من التجاوزات والأعمال المنافية للقواعد المعمول بها في ميدان حماية البيئة والحفاظ على الثروات الطبيعية. كما تتواصل الإفرازات السامة للنفايات الصناعية الناجمة عن المنطقة البتروكيماوية في ظلّ استمرار نقائص فظيعة في التصدي للتسيير البيئي للنفايات والتلوث المقلق للمياه السطحية والمياه الجوفية بسبب التفريغ غير المنظم للنفايات.
ووجود ثمانية عشر مؤسسة ذات أخطار كبرى، منها ثلاثة عشر مؤسسة بتروكيماوية بمنطقة العربي بن مهيدي وأخرى بالميناء، علاوة على وحدات تخزين الوقود، إضافة إلى مصنع حجار السود لإنتاج الإسمنت رغم إنجاز محطة لمعالجة المياه المستعملة بمعظم الوحدات الصناعية ومحطة لمعالجة الزيوت بمركب تمييع الغاز الطبيعي.
وفي هذا الإطار إعادة استغلال مصنع الزئبق بالسبت الذي يحتوي على ثلاثة أفران خاصة بهذا الشأن يمكن استعمالها بعد إعادة تجديدها للتخلص من هذه الظاهرة التي تتلف وتقضي على الأخضر واليابس، كما يمكن جعله مركز ترميد لكل النفايات على مستوى الولاية، ما فتح هذه المؤسسة سينعكس بالإيجاب على المنطقة سواء من ناحية الإيرادات أو من حيث استحداث مناصب شغل.
بعد أن طالبت لجنة البيئة بالمجلس الولائي، بالإسراع في إنجاز محطة تصفية المياه المستعملة والملوثة التي تعاني من تأخر كبير في الإنجاز، أشارت إلى أن بعض المصبات التابعة للصرف الصحي تصبّ مباشرة في الأودية وفي بعض السدود والشعاب، وهناك بلديات تفتقر للأحواض الخاصة بترسيب مياه الصرف الصحي، ما ولد فوضى واسعة في انتشار النقاط السوداء للصرف الصحي بالبلديات الريفية. يضاف إليها وجود قنوات للصرف قديمة جدا ومهترئة وغير قادرة على استيعاب إفرازات التوسع العمراني الكبير الذي تشهدها الولاية دون هوادة.
وطرحت اللجنة إشكالية التلوث الجوي الناجم عن الافرازات الصناعية الغازية، حيث تمتد أعمدة عريضة وطويلة من المنطقة البتروكيماوية إلى مسافات بعيدة تزيد عن عشرين كيلومترا، وتثير تسمما للجو وتأثيرا شديدا على البيئة وعلى المزروعات، حيث يشتكي الفلاحون من ضعف مردود الأشجار المثمرة القريبة من المنطقة الصناعية وموت الكثير منها قرب مدته القانونية، وما يزال مركب الإسمنت بحجار السود ينشر غبارا كبيرا يتطاير من المصنع إلى الأراضي الزراعية وإلى بساتين البرتقال والاشجار المثمرة الأخرى، ويحدث تأثيرا شديدا على الإنتاج.—