حتى هذه اللحظة من سنة 2016، لا يمكن لأحد أن يصدق بقاء بلدية تيمزريت الواقعة أقصى جنوب ولاية بومرداس المتكونة من 11 ألف نسمة تستهلك حصتها من مياه الشرب بعيدا عن أي معيار قانوني بسبب غياب العدادات في مساكن المواطنين، إنما تنوب السلطات المحلية لهذه البلدية النائية الفقيرة بدفع فاتورة جزافية بدلا عن السكان لفائدة شركة الجزائرية للمياه التي حملها رئيس البلدية محمد برارة مسؤولية هذا الوضع المتعفن وتهربها من مهمة تنصيب العدادات لمراقبة عملية الاستهلاك والقيام بأشغال الصيانة بالشبكة التي تعاني التسربات والربط غير القانوني.
كشف رئيس بلدية تيمزريت محمد برارة متحدثا لـ «الشعب» عن حالة احتقان كبيرة بين السلطات المحلية ووحدة الجزائرية للمياه وصلت أروقة المحاكم بسبب مستحقات المؤسسة التي قدرها بـ2.4 مليار سنتيم قيمة الاستهلاك الجزافي منذ سنة 2014، وهو تاريخ رفض المراقب المالي الإمضاء على فاتورة لا تستجيب لشروط المعاملة القانونية كون البلدية هي من كان ينوب عن المواطنين في تسديد نسبة الاستهلاك بالجملة بسبب غياب العدادات في البيوت، حيث تظلّ حوالي 4 آلاف عائلة تستهلك حظها من حصة المياه بعيدا عن أي رقابة أو متابعة من طرف الجزائرية للمياه مثلما كشف مصدرنا.
وأضاف رئيس بلدية تيمزريت معلقا على هذه الوضعية «منذ سنة 2002، والبلدية تقوم بتسديد الفاتورة التي تحدّدها الشركة بطريقة لا تعكس حجم الاستهلاك لسكان البلدية المقدر عددهم بحوالي 11 ألف نسمة أغلبهم محرومون من مياه الشرب على طول السنة بسبب التسربات والسرقة التي تتعرض لها القناة الرئيسية انطلاقا من منطقة كاف لعقاب ببلدية تادمايت، وهو تقليد توارثته البلدية منذ العشرية السوداء، حيث استمر الوضع حتى سنة 2013، لتدخل البلدية في نزاع مع المؤسسة بعد رفض المراقب المالي التأشير على الفاتورة التي لا تستجيب للشروط القانونية، مما دفع بالشركة إلى رفع دعوة قضائية في وقت لا يمكن لهذه البلدية النائية التي كانت تعتمد على دعم الولاية دفع هذا المبلغ ولا شروط المراقب المالي تسمح بذلك».
كما ندّد محمد برارة «من استمرار عملية التسيير العشوائي والتهرب من المسؤولية الملقاة على عاتق شركة الجزائرية للمياه التي رفضت وضع العدادات بل اكتفت بعداد واحد بمنطقة الناصرية يقوم باحتساب الكمية المستهلكة والضائعة التي يستفيد منها مواطنون ببلديات مجاورة والتقاعس في القيام بأعمال الصيانة لشبكة المياه التي تكلف البلدية ما بين 60 إلى 70 مليون سنتيم كل ثلاثة أشهر، في وقت كان من المفروض أن تقوم به المؤسسة المعنية التي تتحجّج في كل مرة بالظروف الصعبة لهذه المنطقة الجبلية، وذهب أبعد من ذلك عندما قال: «لا يمكن للبلدية الاستمرار في دفع فاتورة لا يستهلكها المواطن بسبب ظاهرة السرقة والتسربات وغياب العدادات، متسائلا بالقول، «أين أعوان الجزائرية للمياه المكلفين بأعمال الصيانة ورقابة شبكة التوزيع التي تتعرض للسرقات وتحويل مياه الشرب نحو السقي الفلاحي بمنطقة الناصرية وعلى مستوى قرية «ايت مسعود» التابعة لبلدية مكيرة بتيزي وزو؟ وأضاف «نحن مطالبون بدفع فاتورة المدارس الابتدائية، المساجد، الملعب وبعض المرافق الشبانية وليس فواتير المواطنين وتكاليف المياه التي تسيل هدرا في الطرقات».
وفي سؤال عن طريقة مواجهة الظاهرة وطبيعة الإجراءات المتخذة من قبل الجزائرية للمياه لردع المخالفين، قدم رئيس البلدية محمد برارة مثالا عن مجموعة من 10 مواطنين من قرية «ايغيل» رفعت الشركة المعنية دعوة قضائية ضدهم بتهمة سرقة المياه، لكن المحكمة ـ يقول ذات المسؤول برأتهم بعد تسليمهم شهادة من البلدية تفيد بأن هذه الأخيرة تقوم بالدفع بدلا عنهم وعدم امتلاكم للعدادات في بيوتهم فتم تبرئتهم من التهمة، وعن وضعية توزيع مياه الشرب بالبلدية ـ صرح رئيس المجلس الشعبي البلدي بالقول ـ «لقد رأينا العجب في هذا الصيف، بقينا مدة 38 يوما دون قطرة ماء رغم ذلك نحن مطالبون بدفع أكثر من 2 مليار سنتيم، وعلى الرغم من تحسن الوضعية نوعا ما في المدة الأخيرة إلا أن عملية التوزيع تبقى في أحسن الأحوال مرة واحدة في الأسبوع في حال استمرار عملية الضخ نحو الخزان الرئيسي الذي يمول البلدية 24 ساعة دون انقطاع. يذكر في الأخير وللأمانة، إننا قمنا بالاتصال بوحدة الجزائرية للمياه ببومرداس من أجل إيفادنا بملف وإحصائيات عن وضعية المؤسسة من حيث مبلغ المستحقات، عدد الحالات التي حولت للعدالة وأهم النقاط السوداء بالولاية التي تتعرض للربط العشوائي، إلا إننا قوبلنا بالتهرب، فبعد أن طالبت منا المكلفة بالإعلام إرسال البريد الالكتروني لإرسال حصيلة النشاطات بحجة أن المدير في عطلة، وصلتنا رسالة بعد يومين تؤكد على ضرورة الحضور وتحديد موعد رغم تأكيدنا أن المعلومات التي نريدها مستعجلة لا تتطلب المواعيد والإجراءات البيروقراطية.