تشكل «قضية التنمية المستدامة»، إحدى أكبر التحديات التي تعمل سلطات وهران على كسبها، لذلك كان من الضروري، وضع مخططات جديدة، ترتكز على محاور عدّة، أبرزها، الجماعات المحليّة، باعتبارها، دعامة أساسية للنسيج الاقتصادي والإداري للدولة، وزاد الإهتمام بهذه الهيئة، في ظلّ المتغيرات الجديدة، هذا ما توقفت عنده «الشعب» في استطلاعها حول المؤسسة المحلية ودورها في الاستقرار الاجتماعي والتشغيل.
ووعيا بالأهمية الاقتصادية للاستثمار، سارعت عاصمة الغرب الجزائري لتسجيل ما لا يقل عن 17 منطقة صناعية جديدة، استجابة للطلبات التي تلقتها مصالحها من قبل المستثمرين المحليين، وكذا رؤساء البلديات الأقل نموا، من الذين اقتنعوا أخيرا بضرورة الإسهام في رفع حجم الاستثمار، بغية مضاعفة مداخيلهم المالية، وتوفير مستويات عيش أفضل للمواطن.
أكّده الوالي، عبد الغني زعلان، لـ «الشعب»، أن إنشاء هذه المناطق الصناعية، سيتم بناءا على دراسات تقنية، عملية وواقعية، تأخذ بعين الاعتبار الهدف والغرض وطبيعة كل منطقة، مؤضحا، أنّ التكامل بين هذه العوامل، يضمن الاستمرارية والمنافسة، في ظلّ المتغيرات التي يعرفها الاقتصاد الجزائري.
وعلى ضوء ذالك، دعا الوالي البلديات، المكلفة بتنفيذ السياسة العامة للدولة، إلى التكيّف مع هذه الظروف والتحلي بروح المسؤولية، من خلال مراجعة أملاكها وطرق تحصيل حقوقها، نظرا لقيمة هذه الفوائد، في تدبير الندرة المالية، منوّها، في السياق ذاته، بالإصلاحات الاقتصادية المهمّة، التي اعتمدتها السلطات العمومية، من أجل تشجيع الاستثمار وتهيئة المناخ الملائم لجلبه.
وحسب رأي رئيس المجلس الشعبي الولائي «فتح الله شعبني»، فإن بلديات وهران «لم ترق بعد إلى مستوى طموحات الولاية، للنهوض بالإقتصاد الوطني وإدارة الخدمات العمومية الجوارية والرقي بها».
وقال شعبني في تصريح لـ»الشعب» أن أهميّة الضريبة التي تندرج تحت عنوان «الجباية» لها دورها في دعم مسيرة التنمية وتجنيب البلديات الحاجة إلى الدولة المركزية على الصعيد المالي، لكن العبرة تبقى، حسب ما ورد عنه ، في «الاستفادة من هذه الأتوات في زيادة معدلات الاستثمار الذي يعتبر العمود الفقري لتنمية جادة ومتطورة».
وعن البلديات الفقيرة والتي تعاني عجزا في ميزانيتها، بسبب ضعف مداخيلها الجبائية، قال فتح الله أن «عاصمة الغرب الجزائري، تتميّز عن غيرها من مدن الجزائر، بإمكانياتها الإقتصادية الهامة، وبمقوّماتها السياحية المتنوعة، وأراضيها الفلاحية الغنيّة وبناها التحتية القويّة، التي تعرف تطورا مستمرا، إضافة إلى مواردها البشرية المؤهلة، باعتبارها الأداة الرئيسية، المكلفة بتنفيذ السياسة العامة للدولة.
كما دعا الجماعات المحلية، إلى اتباع مسار تنموي، قائم على التطوير والإبداع، بما يخدم المجتمع ويكفل تحقيق الإستراتيجية التي تنتجها الولاية، في إطار تحفيز الجادين من المستثمرين الحاملين لأفكار ومشروعات استثمارية جديدة، وأن لا يقتصر دورها، على «المداولات»، هذه الصفة التي رافقتها طيلة سنوات خلت، يضيف نفس المتحدّث.
صيرورة اقتصادية على المستوى المحلي
من جهته اعتبر رئيس لجنة الإقتصاد والمالية للمجلس الشعبي الولائي، سيرات فتحي، البلدية القلب النابض للمجتمع والنظام الإداري السياسي مبيّنا، أنّ المجلس الشعبي الولائي، هيئة مداولة واقتراح على مستوى التنظيم، ولا يمكن أن يكون حال البلدية، ولكن في إطار القانون 07 / 12، المتعلق بالولاية، يضطلع بدور مهم جدا في الصيرورة الاقتصادية على المستوى المحلي، من خلال إعداد برامج ومخطّطات التنمية المحلية.
كشف، سيرات في تصريح حصري لـ»الشعب»، أنّ المجلس الولائي لوهران، بصدد تحضير «مخطط توجيهي للتنمية الإقتصادية»: يمس مختلف القطاعات ذات العلاقة بتنشيط الصيرورة الاقتصادية على المستوى المحلي، المكوّن من 26 بلدية.
وحول «الأهداف المتوخاة من إعداد هذا المخطط»، رد «سيرات»، مختصرا:»يمكن في إعداد خارطة طريق أواستراتيجية عمل، لترشيد وتوجيه والرفع من قدرات هذه الهيئات، حسب خصوصياتها الاقتصادية والإجتماعية، ليشمل الفلاحة والصناعة والسياحة والخدمات وما يسمى باقتصاديات المعرفة واقتصاديات المالية البنكية وإدارة الأعمال وغيرها من المجالات الأخرى».
الماء والمسالك الريفية تعرقل طموح «البريّة»
ومن أهم المناطق الفلاحية، بإقليم الولاية، بلدية البرية التي تتربع على مساحة فلاحية إجمالية، قدرها 2929 هكتار، منها 2789 هكتار، صالحة للزراعة، وتتميّز بعدد من الشعب الهامة، أبرزها المحاصيل الكبرى، الأشجار المثمرة والتربية الحيوانية.
وتشكل شعبة المحاصيل الكبرى، في البلدية أحد القطاعات الهامة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة، حيث تسيطر على مساحة قدرها، ألفين ومائة، أي بنسبة تناهز الـ 95 بالمائة من المساحة الصالحة للزراعة بالبلدية، أهمها القمح والشعير والخرطال والذرة.
وتعرف المساحة المسقية، حسب رئيس الغرفة الفلاحية لولاية وهران، براشمي مفتاح الحاج، توسعا، مستمرا، رغم أزمة المياه، الناجمة عن الجفاف وعمق المياه الجوفية وارتفاع تكلفة حفر الآبار، وما يقابلها من العراقيل الإدارية، ناصحا، الفلاحين، بالتقرب من تعاونية الحبوب والإستفادة من عتاد السقي التكميلي، المدعم من طرف الدولة بـ60 بالمائة، على أن يسدّد الباقي، حسب المدخول السّنوي، لكل فلاح، حسب التوضيحات المقدّمة.
من جانبه، دعا رئيس مكتب الإنتاج، على مستوى المقاطعة الفلاحية لدائرة وادي تليلات، خالدي العتوي، الجهات المعنية، إلى ضرورة الإسراع في تسليم محيط سهل «ملاتة» المسقي بالمياه المعالجة الصادرة عن محطة التصفية للكرمة، والتي يتوقع أن تمس عددا كبيرا من المستثمرات الفلاحية ببلدية البرية، تنتمي في أغلبها إلى المزرعة النموذجية «سي محمد».
مع العلم أن محطة التطهير بالكرمة، تعالج يوميا ما يزيد عن 120 ألف متر مكعب من المياه المستعملة لبلديات وهران، السانيا، الكرمة، سيدي الشحمي وبئر الجير، المشكّلة لمجمّع وهران، ومن المزمع أن يدخل محيط السقي «ملاتة»، حيّز الخدمة، كمرحلة أولى، خلال شهر جوان المقبل، على مساحة تزيد عن 6600 هكتار.
وبخصوص واقع التنمية الفلاحية والريفية بالبلدية، قال رئيس المجلس الشعبي عبد القادر بن عمر لـ «الشعب»، أنّ مصالحه، تسعى جاهدة لتحسين نوعية الحياة ورفاهية السكّان، لما لها من أهمية كبيرة في التنمية الاقتصادية، مشيرا إلى أنّ عملية الربط بالكهرباء الريفية، فاقت الـ95 بالمائة، فيما تتواصل أشغال إنجاز مجمع للسكن الريفي، يتسع لأكثر من 50 وحدة سكنية، وهذا في انتظار استكمال دراسة زهاء 20 طلبا على السكنات الفردية.
كما أشار نفس المسؤول، إلى مشكلة انعدام المسالك الريفية وصعوبتها، وهو ما دفعه لمطالبة محافظة الغابات لولاية وهران، بأخذ هذا الملف على محمل الجد، وبالتالي ضمان الإستقرار في الريف، كما دعا الغرفة الفلاحية، إلى فتح فرع لها بالبلدية، بعدما ثبت، أن عدد الفلاحين الحاملين للبطاقة المهنية، لا يتعد 300 فلاح، من بينهم 188 فلاح مربي أغنام وبقر حلوب.
وادي تليلات تراهن على مواردها الجبائية لتغطية نفقا
يحدث هذا في وقت، تواصل فيه بلدية وادي تليلات، جنوب وهران، جرد المحلات المهملة، التابعة لها، وتلك الموسومة بـ»محلات الشباب» وعددها 100 محل، تعمل مصالحها جاهدة على تنشيطها، والاستفادة إلى أقصى حد من عائداتها الجباية، وفق نفس المتحدّث.
وجاءت هذه المواقف، في ظلّ محدودية عرض العقار، بعدما تمّ تحويل أكثر من 50 بالمائة من الأوعية العقارية بها إلى بناء مشاريع سكنية جديدة، التي شهدتها وادي تليلات، في إطار عملية الترحيل الكبرى، وما ترتّبت عنها، من ارتفاع حاد في فاتورة الكهرباء العمومية، التي فاقت 20 مليون دينار، ناهيك عن المستلزمات والمتطلبات المعيشية الأخرى.
كما تجدر الإشارة إلى أنّ بلدية وادي تليلات، الواقعة جنوب ولاية وهران، سطّرت مشروع إنشاء مؤسّسة لجمع النفايات المنزلية، هي حاليا في طور الإنجاز، حسب تصريحات «نفس المسؤول».
انعدام التنسيق والجهل بقانون الصفقات العمومية سبب مشاكل الكرمة...
من جهته أرجع كريم عبد القادر، رئيس بلدية الكرمة لعهدتين سابقتين، عضو المجلس الشعبي البلدي، حاليا، تأخر البلديّة، في تنفيذ المشاريع العالقة ومجموع المشاكل الاجتماعية المتراكمة، إلى جهل أغلب أعضائها لقوانين الصفقات العمومية، كآلية لدعم التنمية.