تتحوّل مدينة باتنة كل مساء خاصة بعد الغروب إلى مدينة للأشباح، فهي تكون خاوية على عروشها خاصة بوسط المدينة، إذا استثنينا الأحياء الشعبية الكبيرة على غرار أحياء كشيدة، بوعقال، الزمالة، شيخي وغيرها.
فكل مظاهر الحياة تختفي، أصحاب المحلات التجارية يغلقون محلاتهم، المطاعم تفتقر للوجبات، وحتى المقاهي الموجودة بقلب باتنة لا تجد لمرتاديها في النهار وما أكثرهم أثرا. فالزائر لباتنة ليلا يجد صعوبة كبيرة في إيجاد فندق ينام فيه رغم وجود عدد معتبر من الفنادق، إلا أنّ الزائر يصطدم بإنتهاء الحجوزات، لتبدأ رحلته بين الـ 10 فنادق الموجودة بمدينة باتنة لعلّه يظفر بغرفة بسيطة يقضي فيها ليلته. يحدث هذا دون الحديث عن المطاعم والمحلات التجارية التي يرغب فيها الزائر مثلا أن يتناول عشاءه أو يقوم بالتسوق، وتظهر هذه الحقيقة المرة بشكل كبير أثناء التظاهرات الرياضية والثقافية الكبيرة التي تحتضنها باتنة، على غرار مهرجان تيمقاد الدولي، حيث تجد الجهات المنظمة صعوبة كبيرة في توفير المرافق الضرورية لإنجاح التظاهرة وإيواء المشاركين والضيوف.
ولعل أغلب هاته المشاكل حسب بعض المهتمين ترجع بالأساس إلى غياب الإستثمار في مثل المرافق الخدماتية، وكذا مركزية القرار والمشاريع الكبرى التي يتم برمجة مشاريعها من عدة جهات مركزية بالوطن، لا تملك معها مدينة باتنة مثلا أي قوة لجعل المدينة مكانا خصبا للاستثمار العمومي، حسب ما أكده رئيس بلدية باتنة، عبد الكريم ماروك في عدة لقاءات، مشيرا إلى سعيه تحويل مدينة باتنة إلى مكان للسياحة والثقافة والمشاريع والاستثمارات الكبرى، حيث نفى عن البلدية اقتصارها على القيام بحملات النظافة وتهيئة الطرق، مؤكدا أنه من المفروض أن تكون للبلدية أدوار تسييرية كبيرة.
إذا استثنينا حي شيخي، الذي تتواجد به مجموعة من المحلات التجارية والمطاعم، والتي تعمل إلى ساعات متأخرة من الليل، حيث بإمكان الزائر لباتنة أو حتى المقيم فيها الراغب في تناول وجبة العشاء مع عائلته خارج المنزل، لا يكاد يذكر لباتنة حي آخر تتوفر فيه بعض الضروريات “الليلية” دون الحديث عن الراغب في قضاء أمسية خارج المنزل، لغياب المرافق الترفيهية وفضاءات اللعب.
وحتى الوجبات الغذائية في الفترة الليلية تكون مقتصرة على تلك التي “بقيت” من وجبة الغذاء، أي لا يخصّص لليلي أي برنامج غذائي، ماعدا بمطعم الأمير الصغير والذي قادتنا زيارة له، أين وجدنا عديد الأطعمة الخاصة بالأطفال الصغار غائبة، ما أوقع العائلات في حرج كبير، اضطرت معه إما إلى التضحية بالوجبة كاملة والعودة إلى المنزل خائبة، أو القبول بالحد الأدنى الموجود، فلا مجال للخيارات أبدا.