تتوفر ولاية سكيكدة على قدرات هامة في مجال الموارد المائية، حيث تتواجد بها 04 سدود كبرى، وهي سد زردازة بالحروش بقدرة استيعاب تصل إلى 18 مليون متر مكعب، سد القنيطرة بأم الطوب بسعة أكثر من 117 مليون متر مكعب، سد بني زيد بسعة أكثر من 35 مليون متر مكعب وزيت العنبة ببكوش لخضر بسعة 116 مليون متر مكعب، كما تتواجد بها محطة لتحلية مياه البحر بالمنطقة الصناعية الكبرى، والتي انطلقت في العمل سنة 2009 بطاقة إنتاجية يومية تصل إلى 100 ألف متر مكعب من المياه، موجهة لتموين القاعدة البتروكيميائية بالماء، فضلا عن سكان مدينة سكيكدة وعدة مراكز عمرانية تابعة لها، وكذا بلديات مجاورة.
كما تتوفّر الولاية على 291 مليون متر مكعب من المياه السطحية و31 مليون متر مكعب من المياه البديلة، ويصل المعدل السنوي لتهاطل المطار إلى 2000 ملمتر، وهو الاعلى على المستوى الوطني، حسب أرقام قطاع الموارد المائية، ومع ذلك فإن المساحة الحقيقية التي يتم سقيها عن طريق أنظمة الري الفلاحي الممارسة حاليا لا تتعدى 10 في المائة، حيث تقدر المساحة الصالحة للزراعة 140 الف هكتار، فيما لا تتجاوز المساحة المسقية فعليا 2000 هكتار. كما تدعّمت الولاية بـ 03 سدود جديدة بطاقة استيعاب إجمالية تقدر بـ ٨ . ١١٨ مليون متر مكعب، تمّت برمجتها في إطار المخطط الخماسي الثاني 2015 ــ 2019، حيث انطلقت عملية الإنجاز على أن يتم تسليمها جميعا قبل نهاية سنة 2019.
وستغطّي مياه السدود حاجيات السكان المتزايدة من مياه الشرب وتدعيم عملية السقي، لاسيما على مستوى المحيطات المسقية، إلى جانب حماية مدينة سكيكدة وما جاورها من الفيضانات، علما أن السدود الثلاثة التي تدعّمت بها الولاية هي سد رمضان جمال الواقع بالمكان المسمى “خماخم” وتقدّر طاقة استيعابه عند الانتهاء من إنجازه بـ 89 مليون متر مكعب.
وسيخصّص هذا السد لسقي محيط الصفصاف على مساحة تقدر بـ 5850 هكتارا وسد بوشطاطة التي ستقدر سعته بـ ٨ . ٧ ملايين متر مكعب، حيث سيخصّص لسقي سهل الحدائق في حين سيوجه سد وادي الزهور الواقع أقصى غرب ولاية سكيكدة على الحدود مع ولاية جيجل، وستبلغ طاقة استيعابه الإجمالية 22 مليون متر مكعب لسقي سهل وادي الزهور.
فحسب تقرير لمديرية المصالح الفلاحية، فإن المساحات المسقية الموجودة عبر تراب الولاية لا تتعدى 30 بالمائة من المساحة الإجمالية القابلة للزراعة، رغم الإمكانيات الزراعية المعتبرة للمنطقة، وكميات الأمطار الضخمة التي تتساقط كل سنة في كل الجهات،وأنه أعدّت دراسة تقنية لسقي 4 آلاف هكتار من الأراضي الواقعة في سهل بن عزوز، انطلاقا من سد زيت العنبة ببلدية بكوش لخضر مدرجة ضمن المخطط الخماسي الحالي، ودراسة ثانية لتوسيع المساحات المسقية في حوض الصفصاف، بإضافة 12 هكتارا جديدا للمساحات القائمة، كما أن الولاية لا تتوفر إلا على عدد قليل من الحواجز المائية التي شرع في بنائها على المستوى الوطني في بداية الثمانينات، إلا أنها سرعان ما توقفت بعد أن لحقت الأزمة الاقتصادية العالمية آنذاك بالجزائر واضطرت البلاد إلى الاستغناء عن الكثير من برامج التنمية.
وعلى الرغم من أنّ الولاية لا تتوفر في الوقت الحاضر إلا على ثلاثة محيطات للسقي، اثنان منها وهما محيط الصفصاف ومحيط زيت العنبة دخلا مرحلة الاستغلال الفعلي، بينما لا تزال الأشغال جارية لإدخال محيط السقي لبني زيد في مرحلة السقي الفعلي، إلا أن المحيطين الاوليين يعرفان مشاكل كبيرة ونقائص لم يتم التغلب عليها وإيجاد الحلول المناسبة لها إلى الوقت الحالي، من ذلك أن محيط الصفصاف الذي يعتمد علي المياه من سد القنيطرة بأم الطوب، وتبلغ المساحة المخصصة للسقي في هذا المحيط من الناحية النظرية 1638 هكتار برمضان جمال، و1533 هكتار بصالح بوالشعور، و1023 هكتار بالحروش، و1302 هكتار بمجاز الدشيش، هذا الاخير يعاني من ظاهرة الازدواجية في استغلال مياه القنيطرة، حيث أنّ جزءا من طاقة السد توجه كمياه صالحة للشرب لتزويد المدن الكبيرة وجزء يسير يخصص للسقي، كما يوجد مشكل قائم منذ مدة بمحطة الضخ بالقنيطرة يتمثل في تشغيل منخفض الضغط، ومشكل آخر يتعلق بالانقطاعات المتكررة في الطاقة الكهربائية بالسد، وتعرّض محطة الضخ بالسد من حين لآخر إلى خلل تقني يضع نظام التوزيع برمته من حين لآخر في دائرة الخلل والاضطراب، مع عدم وجود تموين دائم ومنتظم لكميات المياه الموجهة للري الفلاحي.
أما محيط السقي زيت العنبة فيمتد على مساحة 6500 هكتار بين بلديات بكوش لخضر، بن عزوز وجندل، فرغم توفر المورد المائي والأراضي الفلاحية الشاسعة، إلا أن محيط زيت العنبة غير مجهّز كلية بعتاد الري، كما أنه تضرّر بفعل كميات الاتربة الناتجة عن اشغال السكة الحديدية (رمضان جمال - عنابة)، والتي وضعت فوق قنوات السقي ذات الاقطار الكبيرة، اضافة الى وجود سكنات فوق محيط السقي بالقرب من القنوات.
تآكل متواصل في الحواجز المائية
وتوجد مساحة تقدّر 400 هكتار بمنطقة الحروش لا يتم استغلالها في السقي، ولا تتلقى الكميات المخصصة لها منذ ثلاثة سنوات، بسبب قيام أحد الخواص ببناء منزل له فوق محطة للضخ معرضة في أي لحظة لعطب تقني من شأنه أن يلحق الضرر بالمسكن، حسب ما أكدته مصالح مديرية الري، وتوجد القضية حاليا بالعدالة، بينما اقترح المجلس الشعبي الولائي تنفيذ حل تقني يتجاوز هذا الإشكال بمد قناة اجتنابية بعيدة عن المسكن وإلغاء القناة الواصلة إلى هذا المنزل.
وتعرف الحواجز المائية البالغة 13 حاجزا ، والتي أنجزت خلال الثمانينيات من تآكل متواصل، ويوجد جزء كبير منها في مرحلة الاختفاء، ناهيك عن صلاحيته كوسيلة للسقي، فيما لا توجد هيئة حقيقية بإمكانها التكفل بصيانة هذه الحواجز وحمايتها من التلف والتدهور جراء الفيضانات وعمليات ىالطمي المتواصلة، كما كشف تقرير مديرية المصالح الفلاحية لولاية عن وجود برنامج جديد في إطار المخطط الخماسي الحالي، يهدف إلى رفع المساحات المسقية في الولاية إلى 33 ألف هكتار ، وإنجاز 11 حاجزا مائيا إضافيا، إضافة إلى أنه من المنتظر أن تدخل الخدمة خلال السنة الجارية مساحة بمحيط فلاحي مسقي يقام في سهل تلزة بالقل، ويتم سقيه بواسطة سد بني زيد، ما يرفع نسبة الأراضي المسقية في الولاية إلى 50 في المائة بعد إتمام الأشغال الجارية لتوصيل الشبكات وتجهيز المحيط بالطاقة الكهربائية.
وقد انتقد أعضاء المجلس الشعبي للولاية في دوراته الاخيرة، التأخر الفادح الذي تعاني منه الولاية في مجال الري الفلاحي، حيث لم تستفد على مدار العشرة سنوات الماضية من أي مشروع للسقي، سواء تعلق الأمر بالسدود الصغيرة والمتوسطة الحجم أو الحواجز المائية، رغم الطابع الفلاحي المميز للولاية الذي جعل منها ثاني أكبر منطقة فلاحية في الجزائر بعد المتيجة، بفضل أراضيها الخصبة واحتلالها المراتب الأولى في إنتاج الطماطم الصناعية والخضر والفواكه والحليب والزراعات الصناعية.
وأشار المتدخّلون إلى أنّ الولاية تتوفر على طاقات مائية جوفية هائلة، وعلى أعلى معدل سنوي للتهاطل يلامس حدود 2000 مليمتر في السنة، ولكنها محرومة من تنظيمات وهياكل السقي الصغير والمتوسط مند سنين، ناهيك عن الري الكبير الذي لا وجود له في الواقع، بالرغم من وجود أربعة سدود كبرى ومحطة ضخمة لتحلية مياه البحر، ومصادر مائية سطحية غير مستغلة بالقدر الكافي، بينما تذهب كميات الأمطار السنوية إلى البحر دون الانتفاع بها لسقي الأراضي الزراعية.
وقد طالب أعضاء المجلس الولائي بتفعيل محيطات السقي بتجهيزها بعتاد الري اللازم، وكذا إصلاح التسربات التي تعاني منها وتهيئة مسالك الاستغلال المؤدية إلى مختلف الحقول،تخصيص سد زردازة للسقي قصد تدعيم قطاعي امجاز الدشيش وصالح بوالشعور، لنقص المورد المائي من سد قنيطرة ثم تزويد مدينة الحروش وضواحيها، من سد قنيطرة عبر نقطة ربط السدين بصالح بوالشعور، عقد اتفاقية بين مصالح المياه ومصالح السقي تبين كيفية التزود من سد قنيطرة حسب حاجة كل قطاع والالتزام بتطبيقها، وإنشاء محطات لتنقية مياه التجمعات السكانية للمحافظة على نظافة الوديان من جهة واستغلال هده المياه في السقي من جهة اخرى، إضافة إلى استعمال الطرق الحديثة للسقي (التقطير) لاقتصاد الثروة المائية، والحفاظ على سلامة النبات وخصوبة التربة.