رؤساء بلديات تيبازة

المبادرة المحلية قد تؤدّي إلى متابعات

تيبازة: علاء ــ م

أجمع رؤساء بلديات تيبازة الذين عرضت عليهم مسألة نمط التسيير المرتقب للسنة المالية الجديدة، على أنّ الأمر لن يختلف كثيرا عن السنة المنصرمة بالنظر الى كون المستجدات تتعلق بالدرجة الأولى بترشيد النفقات، وتجنّب تبذير المال العام ولا علاقة لها بالتقشف بتاتا مع كون الاعانات المالية المقدمة من لدن الوصاية لم تتأثر إطلاقا مقارنة مع ما تمّ تداوله خلال السنوات الفارطة، وذلك حسب ما تشير إليه المعطيات الأولى الواردة من الجهات الوصية.
 أما فيما يتعلق بالبحث عن مصادر تمويل مكملة أو إضافية تمكن البلديات من تمويل مشاريعها ذاتيا عوضا عن الاعتماد على الجهات الوصية، فقد أشار هؤلاء الى أنّ القانون الساري المفعول يتيح للسلطة المحلية إنشاء مؤسسات اقتصادية بوسعها توفير أموال إضافية يمكن استغلالها لتسيير الشأن المحلي، غير أنّ تضييق القانون على رئيس البلدية بتجريمه عن كل مخالفة قد تحصل على مستوى هذه المؤسسات سواء كان ذلك عن قصد أو غير قصد حال دون إقدام المسؤولين المحليين على هذه الخطوة، التي بامكانها توريط العديد منهم لأسباب ليسوا طرفا فيها بالضرورة.
وفي ذات السياق، يؤكّد رئيس بلدية بني ميلك، وازن عبد العزيز، بأنّ الأمر يتعلق بتجسيد سياسة ترشيد النفقات ولا علاقة له بالتقشف على الاطلاق، ما يعني بأنّ الاعانات المالية المعتمدة خلال السنوات الفارطة ستبقى سارية المفعول خلال السنة الجارية، ومن ثمّ فلن تطرأ مستجدات كثيرة على نمط التسيير. ويشير رئيس بلدية بني ميلك أيضا إلى أنّ مشاريع التنمية خلال السنة الجارية ستأخذ في الحسبان الأولويات التي ترتبط مباشرة بالحياة اليومية للمواطن كتوفير الماء الشروب والتطهير الصحي والكهرباء والغاز وتهيئة الطرقات وغيرها، بحيث سيتم ترتيب المشاريع على حسب الحاجة المعبر عنها من طرف الساكنة.
أما فيما يتعلق بمسألة سهر السلطة المحلية على دعم الموارد المالية محليا، فإنّ ذلك يقتضي توفير صلاحيات أوسع لرئيس البلدية تمكنه من تجسيد مفهوم الكيان الاقتصادي بدلا من الكيان الاجتماعي القائم حاليا، وذلك بتحول البلدية كإدارة عمومية لانشاء مؤسسات إقتصادية من مختلف الأنماط يتم تسييرها وفق قانون أساسي خاص وبوسعها توفير مصادر مالية كافية لتسيير الشأن المحلي وتعويض صندوق التضامن للجماعات المحلية الذي لم يعد يلبي حاجة مختلف البلديات بالنظر الى تضاعف حاجيات المواطنين، بحيث لا يمانع قانون البلدية والولاية المعتمد حاليا تحقيق هذه الوثبة إلا أنّ الاشكال القائم يكمن في تعرّض رئيس البلدية لمختلف أنواع المتابعات القضائية في حال فشل المؤسسة المنشأة أو بروز بوادر تسيير سيئ على مستواها باعتباره المسؤول الأول عن كل ما يدور في فلك البلدية، والمشكل الأكبر أنّ كل خطأ يسجّل في هذا المجال يعتبر جناية في نظر القانون الساري المفعول، ومن ثمّ فقد تمّ قتل روح المبادرة في مهدها، وأضحى معظم المسؤولين المحليين يخشون تبني مبادرات محلية ذات جدوى، الأمر الذي يحدّ من مستوى التحضير لمرحلة التقشف الفعلي التي يحتمل الاعلان عنها العام المقبل.
وقال رئيس بلدية شرشال موسى جمال  بهذا الشأن، بأنّ بلديته تحوز على ميزانية محترمة مقارنة مع بلديات اخرى، إلا أنّ ذلك لا يعني بتاتا قدرتها على التسيير المحلي دون الحاجة الى إعانات مالية من الوصاية، بحيث أنّه تمّ صرف مبلغ مليار و600 مليون سنتيم خلال السنة المنصرمة على تنظيف المحيط فقط، وذلك برفع ما يعادل 39 طنا من النفايات شهريا، ولم تبلغ السلطات المحلية المبتغى في هذا المجال مما يستدعي طلب معونات لوجيستية ومالية من الجهات الوصية لضمان تكفل أحسن بالحياة اليومية للمواطن. وأكّد رئيس بلدية شرشال أيضا على وجود عدّة تعليمات فوقية وردت الى البلديات مؤخرا، تشير جميعها الى ترشيد النفقات في صرف المال العام، إلا أنّ مسائل توفير الماء الشروب والتطهير وتنظيف المحيط لا يمكن أن تطالها هذه التعليمات الصارمة، ولابد من تلبية طلبات المواطنين المتعلقة بهذا الشأن.
وبالنسبة لقدرة البلدية على توفير موارد مالية إضافية لتسيير الشأن المحلي، أكّد موسى جمال بأنّ رئيس البلدية يبقى بحاجة ماسة الى صلاحيات أوسع للتمكن من التصرّف في مختلف الجوانب المتعلقة برفع المداخيل المالية، من خلال إقرار معطيات جديدة في تسيير الفضاءات والعقارات التابعة للدولة محليا، مع عرض العقارات على المستثمرين الخواص دون المرور على اللجنة الولائية للاستثمار، وما يمكن التحكم فيه حاليا لا يتجاوز درجة تغيير قيم الايجار مع المطالبة بتحويل ملكية عدة عقارات من أملاك الدولة إلى البلدية للتمكن من ضمان موارد مالية إضافية.
أما رئيس بلدية الداموس كريم جحلاط، فقد أشار بدوره إلى أنّه لا يوجد اختلاف ملحوظ هذه السنة مقارنة مع ما تمّ تداوله خلال العام الفارط من حيث عدد المشاريع المحصل عليها، وطبيعة الاعانات المالية الواردة من الوصاية، ومن ثمّ فإنّه لا داعي للقلق لأنّ الأمر يتعلق أساسا بترشيد النفقات وليس بالتقشف مثلما يروّج له البعض. وللاشارة فقط فقد تحصّلت البلدية على حصة مالية تتراوح ما بين 30 و35 مليون دج لإنجاز مشاريع المخططات البلدية للتنمية مقابل 22 مليون دج سنة 2013، مع الاشارة أيضا الى أنّ المشاريع التنموية المنجزة خلال السنوات الفارطة أسفرت عن تقليص نسبي لوتيرة الحاجيات المعبر عنها باستثناء تلك التي ترتبط بالحياة اليومية للمواطن كالانارة العمومية وتصريف النفايات والصرف الصحي، وهي حاجيات تتناسب طردا والكثافة السكانية، في حين قلّت حاجيات تهيئة الطرق والمسالك الجبلية.
وبالنسبة للتسيير المرتقب للعام الحالي، فقد أكّد كريم جحلاط على أنّ البلدية واظبت منذ سنوات على سياسة ترشيد النفقات والتعليمات الواردة من الوصاية بهذا الشأن هذه السنة ليست غريبة، ولا يمكن بأن تؤثّر عمليا على مختلف أوجه التسيير المحلي. وبالنظر إلى كون كتلة الأجور تلتهم لوحدها 5 ملايير سنتيم سنويا، في حين لا تتجاوز مداخيل البلدية مليارا ونصف المليار، إلا أنّ السلطة المحلية ليس بوسعها التفكير أو المبادرة بالبحث عن مصادر مالية محلية لتحقيق التوازن المالي حسب كريم جحلاط، لأنّ التخوّف من الخطأ والتعرّض لمتابعات قضائية يبقى الهاجس المسيطر على مختلف رؤساء البلديات بالولاية.  

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024