يسجّل القطاع الفلاحي خاصة في منتوج البطاطا على مستوى ولاية عين الدفلى تراجعا رهيبا إن لم تتحرك مصالح الوزارة المعنية لمعالجة الوضع، فمن أزيد من 3 ملايين قنطار خلال الغلة الواحدة في موسم 2011 ــ 2012 الى حوالي مليونين و600 ألف قنطار ضمن توقعات نهاية السنة من هذا الموسم في حالة الجفاف المهدّد للمنتوج الذي فقد ريادته على المستوى الوطني.
وبحسب المختصّين والعاملين بالقطاع، فإن الحصيلة السنوية ستعرف تراجعا على مستوى المنتوج بالنظر إلى الظروف المحيطة بالإنتاج، وعملية التسويق وتخزينه ومراقبته. هذه السلسلة مازالت بحاجة إلى مراجعة وضبط، وتحقيق للتجاوزات المسجلة والتي يتناقلها الفلاحون دون أن تجد من يكشف ملفاتها كقضية الدعم ومدى تنفيذ المشاريع ميدانيا، والإختلالات الحاصلة في كميات التخزين وقلة الهياكل، وبالمقابل انعدام الوحدات التحويلية.
كل هذه الملفات الثقيلة تنعكس على مستوى الإنتاج وتوسيع رقعته أو تراجعه، وهو ما يؤثّر على المردود وسعر هذه المادة في الأسواق الوطنية، فتحقيق أزيد من 6 ملايين قنطار سنويا كان يضع الولاية في المرتبة الأولى خلال السنوات المنصرمة، أي ما يعادل 40 في المائة المنتوج الوطني حسب مسؤولي القطاع ورئيس الغرفة الفلاحية الحاج جعلالي.
غير أنّ حصيلة هذه السنة تراجعت بشكل كبير، حيث كشفت إدارة القطاع عن توقعات من خلال بدء عملية الجني التي مسّت 500 هكتار من جملة 10 آلاف هكتار المبرمجة لهذه الغلة، والاستقرار في المردود قد يتأثر بعامل الجفاف الذي تضرر منه الفلاحون، والذين مازالوا ينتظرون عملية السقي من السدود.
هذه الوضعية تجعل حصيلة الإنتاج لا تخرج عن مليونين و600 ألف قنطار حسب توقعات مصالح القطاع مع نهاية هذه السنة، وهو ما يعني تراجعا في الإنتاج والذي من دون شك سيؤثر على الأسعار وتقليص المساحة بسبب ما سبق ذكرة من معوقات في التحكم التي يقرّها الفلاحون أنفسهم.
هذا وقد نبّه رئيس شعبة البطاطا بالمجلس الوطني ما بين المهن الحاج عبد مزيان، وهو أكبر منتج في مدينة خميس مليانة وعين الدفلى، عن طريق المقارنة أن موسم 2011 ــ 2012 قد سبق تخصيص 165 ألف طنا من البذور لمساحة 10 آلاف هكتار ضمن غلة ما بعد الموسم، ممّا مكّمن إنتاج 3 ملايين قنطار، لكن بعد تدهور الأسعار والخسائر التي لحقت الفلاحين والتي لحسن الحظ تدخلت الدولة للحد من تفاقمها، ما حفّز المنتجون لمباشرة عملية الغرس لكن بتراجع في كمية البدور المخصصة التي تراوحت بين 120 و130 ألف طن، وهو ما انعكس على تقليص المساحة التي يتحكم فيها عاملي الربح والخسارة لدى المنتجين وتكاليف الإنتاج التي تفوق 65 مليون للهكتار الواحد حسب الفلاحين الكبار. لكن تبقى معاناة صنف من الفلاحين الذين لا يتجاوزون 15 هكتار، وبأقل درجة 5 هكتارات يعانون الأمرين، وهي عوامل من شأنها إعادة النظر وبجرأة في ميكانيزمات تفعيل القطاع والمتابعة الميدانية عن طريق لجنة تكون من خارج الولاية تفاديا لمحاولات الإغراء لتحويل عمل اللجنة عن وجهته.
فضبط الأرقام والإحصائيات الدقيقة والتي على ضوئها تضع الوزارة مخططاتها الإستراتيجية في التعامل مع الإستهلاك المحلي وتوفير المادة بالقدر الكافي، الذي يضمن استقرار السوق وانتعاشه، وهو ما يضمن مصلحة المنتج والمستهلك معا.
ومن جانب آخر، لم تعمل المصالح المعنية بالكيفية اللازمة مع الغرفة الفلاحية، وفي وقت يسجّل غياب اتحاد الفلاحين لجلب المستثمرين الخواص لإنتاج وحدات صناعية تحويلية من شأنها تحفيز المنتجين للإستمرار في نشاطهم، مادام هناك من يستقبل منتوجهم سواء في أزمة الأسعار أو التسويق العادي، بالإضافة إلى تعميم عملية الدعم والإستفادة من التحفيزات من طرف مصالح الوزارة دون التفريق بين الفلاحين على أساس مقاييس لا تعود بالفائدة على القطاع الفلاحي ككل بالولاية.
هذا ما يستدعي تجنّد كافة الأطراف، وخاصة اتحاد الفلاحين الذي كان في السنوات المنصرمة وخاصة في فترة التسعينيات منظمة قوية بالولاية، والتي تمّ عن طريقها الوصول إلى نتائج جيدة، فتحرّكه الميداني في غياب الغرفة الفلاحية آنذاك سمح بالدفاع عن الفلاحين والأراضي المخصصة والهياكل التابعة له، لذا فإعادة نشاط الإتحاد ووضعه في أياد نشيطة وميدانية لا انتهازية ومصلحية على حساب المنتوج، من شأنه تحقيق قفزة نوعية في انتاج المادة وأنواع أخرى يقول العارفون بالقطاع ميدانيا، خلافا لمن يسوقون أرقاما من وراء المكاتب والمنابر الإعلامية، وهو ما يجعل هذه التقارير لا تعكس الواقع الحقيقي التي لا تبين إلا الحصيلة السنوية وواقع السوق.