أكد فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، أن الدولة لم يكن لها خيار أمام توافد العديد من العائلات إلى المدن الكبرى خلال العشرية السوداء باعتبارها كانت تبحث عن الأمن خلال هذه الفترة الحرجة، حيث أعطت لها كل التسهيلات الإدارية الضرورية حتى تنعم بحياة طبيعية، ...غير أنه وبعد استتباب الأمن رفضت العودة إلى قراها لأسباب اجتماعية على غرار اعتيادها على هذه الحياة، ما تسبّب في أزمة السكن والشغل وخلق نوع من اللاتوازن فيما يخصّ توزيع الكثافة السكنية.
وفي هذا السياق، عرفت العاصمة خلال العشرية السوداء توافد العديد من العائلات الجزائرية من مختلف ربوع الوطن بحثا عن الأمن والاستقرار قابلتها تسهيلات عديدة من طرف السلطات المحلية التي قامت بتسهيل كل الإجراءات الإدارية التي تسمح لأبنائهم بالتمدرس، على غرار السماح لها ببناء بيوت حتى وإن كانت في شكل بيوت قصديرية واحتلال أراضي هي في الأصل ملك للدولة بعد أن رأت أن أمن وسلامة مواطنيها فوق كل اعتبار، متجاهلة العديد من القوانين الإدارية وهذا في إطار تسهيل الحياة المعيشية عليهم.
واستمرت هذه العائلات بالعاصمة تقطن بيوتا قصديرية رغم عودة الأمن على مستوى مدنهم الأصلية التي انحدر منها حيث رفض العودة مجددا إليها بحجة تعودهم على الحياة بها، ما تطلّب من الدولة إعلان برنامج ضخم وكبير خاص بالقضاء على البيوت القصديرية من خلال برمجة حصص سكنية لفائدة هذه العائلات بعد أن شابت العاصمة صور مشوّهة للجزائر البيضاء.
وأفاد قسنطيني أنه من الصعب إعادة هذه العائلات إلى مدنها الأصلية بعد تعوّدها على نمط الحياة في العاصمة، غير أن العملية تحتاج إلى مبادرة من خلال إعلان حملة واسعة لإقناعهم بالعودة والاستثمار في مزارعهم باعتبار أن معظمهم ينحدرون من مدن ريفية هي بحاجة إلى التكفل بها خاصة في ظلّ أزمة السكن ونقص مناصب الشغل.
ويرى قسنطيني، أن هذه العملية تحتاج إلى تحفيزات لإقناع هذه العائلات بالعودة إلى قراها الأصلية على غرار ما باشرته الدولة من برنامج التنمية الريفية، غير أنه يرجح صعوبة عودتها بشكل كبير.