أحصت السلطات الولائية بتيبازة غلق 127 قسم دراسي في السنوات الأخيرة لأسباب متعددة، تأتي في مقدمتها غياب التلاميذ وتداعيات مادة الأميانت، وتعرَّض بعضها لخطر السقوط، الأمر الذي أرغم هذه الأخيرة على مباشرة جملة من التدابير الميدانية لمجابهة الوضع، وردّ الاعتبار لسيرورة التمدرس الجيّد.
هذا الرقم المثير أعلن عنه مدير الادارة المحلية بالولاية عبد القادر بختي، الذي يتابع عن كثب مختلف التطورات الحاصلة بالمؤسسات التربوية بالمرحلة الابتدائية منذ فترة طويلة، وسطّرت إدارته بالتنسيق مع القطاعات المعنية جملة من التدابير الميدانية الرامية الى تحسين ظروف التمدرس، وأشار عبد القادر بختي في حديث خاص لـ «الشعب» إلى وجود العديد من العوائق التي أسهمت في غلق الأقسام الدراسية، وهي تعنى بغياب المتمدرسين بفعل النزوح الريفي وتطور مفعول مادة الأميانت، وتعرّض بعض الأقسام لخطر السقوط بفعل عوامل طبيعية متراكمة.
وتندرج ضمن هذا الرقم 5 مدارس ابتدائية مغلقة بصفة كلية، ثلاث منها بمنطقة قوراية وأخرى ببوركيكة، فيما تقع الخامسة بحجوط، وهي المدارس التي أغلقت بفعل نزوح سكان المناطق المعنية خلال العشرية السوداء نحو مناطق آمنة، ولم تسعفهم الظروف للعودة الى قراهم لأسباب متشعّبة، فيما تبقى مدارس أخرى تنشط بأعداد جدّ محدودة من المتمدرسين بعيدة كلّ البعد عن طاقتها الفعلية بفعل عدم رجوع السكان الأصليين إلى قراهم.
وما يلفت الانتباه في هذا الملف الحسّاس، كون مصالح مديرية الادارة المحلية ألقت بكلّ ثقلها على أرض الواقع لغرض ترقيع ما يمكن ترقيعه من خلال اقتراح جملة من الاجراءات الميدانية الرامية لاستدراك الوضع، الا أنّ حجم التراكمات التي ولّدتها عوامل مختلفة عبر عقود خلت من الزمن لا تزال شاهدة على تردي الاوضاع، خاصة ما تعلق منها بجانب التأطير الذي عبّر عنه جموع المعلمين مؤخرا بجملة من التوقفات عن العمل بالتوازي مع التردّد على مديرية التربية بالولاية لنقل انشغالاتهم.
260 مليون دج لإعادة تهيئة المدارس
رصدت السلطات الولائية هذه السنة مبلغ 260 مليون دج خصيصا لردّ الاعتبار للمدارس المهترئة يتموقع العديد منها بالمناطق الجبلية والنائية، بحيث تمّ تخصيص 80 مليون دج لاقتناء مواد التطهير والتكفل بأعباء الكهرباء والغاز والوقود والأجور، فيما خصّص المبلغ المتبقي لإعادة التهيئة الشاملة التي شملت الكتامة وصيانة دورات المياه والساحات والأسوار المحيطة.
ولعلّه من بين أهم الاضافات التي حظيت بها المدارس الابتدائية، مشروع التعميم المتدرج للتدفئة المركزية بدلا من التدفئة بوقود المازوت لاسيما بالمناطق الجبلية، بحيث استفادت مدارس بلدية بني ميلك النائية مثلا هذه السنة من المشروع ذاته، مع الاشارة الى أنّها تقع بالمناطق الجبلية لأقصى غرب الولاية لتلتحق بذلك بكوكبة المدارس المعنية بهذه العملية، والتي تشكّل ما نسبته 40 بالمائة من مجموع ابتدائيات الولاية، حسب تقدير مدير الادارة المحلية عبد القادر بختي، والذي أكّد أيضا بأنّه تمّ إعتماد تجربة تموذجية بمدرستين نائيتين من بلدية مناصر تعنى بالتزود بالطاقة الشمسية، وهي التجربة التي ستحظى بالمتابعة والتقييم مع نهاية الموسم الدراسي لغرض تعميم العملية على باقي المدارس عقب توفير الأغلفة المالية الضرورية.
على صعيد آخر، أبرمت مديرية الادارة المحلية اتفاقية مع مصالح التكوين المهني تقضي بالتكفل باصلاح الطاولات الخاصة بالتمدرس، في بادرة تهدف الى تجنب اقتناء طاولات جديدة مكلفة وإعادة استغلال الطاولات المشوهة بفعل أسباب متعددة، وهي العملية التي مكّنت من إصلاح أكثر من 7 آلاف طاولة أعيد استغلالها من جديد بعدما كانت المدارس الابتدائية على وجه الخصوص تعاني من نقص فادح في المقاعد الدراسية، واضطرّ مسئولو عدّة مدارس لإلغاء عمليات التسجيل بالأقسام التحضيرية لذات السبب.
كما تجدر الاشارة هنا إلى أنّ السلطات الولائية حرصت هذه السنة على إرسال لجان متابعة وتفتيش من أعلى مستوى للعديد من المدارس لتفقد واقع التمدرس والاطعام والتكفل بالتلاميذ من مختلف الجوانب، الأمر الذي لفت انتباه أسرة التربية وأولياء التلاميذ، الذين استحسنوا المبادرة معتبرين إيّاها خطوة لابد منها لإعطاء ديناميكية جديدة لعملية التمدرس.