تعتبر عاصمة الأوراس باتنة من بين الولايات التي شهدت فيها عملية تسوية البنايات مشاكل عدة، ونسب غير مشجّعة لعدد الملفات التي تمت تسويتها بسبب العراقيل الإدارية التي ميّزت العملية منذ انطلاقها، وحتى بعد مراحل التمديد الثلاثة التي منحتها الدولة للمواطنين إلى غاية شهر أوت المنصرم لتدارك النقائص، واستكمال ملفاتهم بهدف تسوية بناياتهم ومطابقتها.
واجه قانون مطابقة البنايات وتسوية وضعيتها ١٥ / ٠٨ ببلديات باتنة 61، صعوبات كثيرة بعضها تقني وآخر إداري زادت من تعقيد العملية التي أرهقت كاهل المواطنين المعنيين بها كون كل بلدية تفرض شروطا ووثائق مختلفة عن تلك التي تطلبها بلدية أخرى في ولاية باتنة رغم أن القانون واضح وموحّد في هذا الشأن، الأمر الذي أدخل المواطنين في دوّامة أجبرت الكثير منهم على التخلي عن فكرة تسوية بناياتهم وصرف النظر عن مطابقتها، حسبما وقفت عليه جريدة «الشعب» ببعض البلديات.
لعل من بين أهم العراقيل هو أن أغلب السكنات أنجزت في فترات متباعدة نسبيا وقديمة لم تتسبب في فوضى المران التي تتحدث عنها وزارة السكن والعمران والمدينة صاحبة مشروع التسوية، فببلدية عين التوتة مثلا تجاوزت عدد الملفات عشرات المئات، ونفس الشيء بالنسبة لبريكة، مروانة وغيرهما، رغم أن الحظيرة السكنية بهذه البلديات الكبرى تقدر بالآلاف، ما يعني حسب ما أفاد به بعض مسؤولي المصالح التقنية ببلديات باتنة، أن إقبال المواطنين مازال محتشما لأسباب عديدة، منها ثقل الإجراءات الإدارية وتشدد لجان المعاينة الميدانية، وغياب التواصل بين اللجان المعنية بدراسة الملفات والمواطنين.
وكشفت ذات المصادر أن غالبية الملفات المودعة والخاضعة للدراسة، جاءت نسب الرفض فيها كبيرة في حين أجّل بعضها وتم التحفظ على أخرى لأسباب تقنية أثارت مخاوف وقلق أصحاب الملفات، الذين تخلى بعضهم عن فكرة استكمال الملفات ورفع التحفظات بسبب الوثائق والإجراءات الإدارة الكثيرة بين لجان الدوائر والولاية.
ويأتي أيضا سبب تأخر العملية هو رفض المواطنين لسعر المتر المربع عند التسوية رغم انه مقبول نسبيا مقارنة بسعره في سوق العقار، إلا أن الكثير منهم يتخوف من عدم قدرته على تسديد المبلغ النهائي للتسوية خاصة في ضل غياب ثقافة التواصل معهم وشرح مضمون قانون التسوية الذي من بين مواده إمكانية الدفع بالتقسيط المريح للمعسورين على فترات زمنية متباعدة تفوق 10 سنوات.
ورغم انقضاء الآجال المحددة قانونا، إلا أن غالبية بلديات باتنة لا تزال تتسلم ملفات التسوية من المواطنين وتدرجها على أساسا إيداعها قبل تاريخ نهاية المهلة التي حددها القانون بـ 3 أوت المنصرم، بهدف ضمان تسوية أكبر قدر ممكن من البنايات.
وأوضح بعض المواطنين الذين تحدّثنا إليهم في هذا الخصوص، أن السبب الرئيس لإقبالهم على تسوية بنايتهم وتحملهم لثقل وبيروقراطية بعض أعضاء اللجان المعنية بالتسوية على غرار مصالح البناء والتعمير، مكاتب المصالح التقنية بالبلديات هو رفض أغلب التجار كراء محلاتهم التجارية الموجودة بسكناتهم بسبب اشتراط وثيقة مطابقة البناية في ملف السجل التجاري، وبالتالي حرمانهم من عائدات مالية معتبرة جراء عدم كراء المحلات، حيث يعزف التجار على كراء المحلات المتواجدة ببنايات لا تمتلك وثيقة المطابقة، إضافة إلى منع الموثقين من تحرير نختلف عقود التعاملات العقارية من كراء أوشراء أوتأجير، دون استلام شهادة مطابقة البناية.
وأوضح محدثونا أن مصالح مختلطة بين السكن، التجارة والداخلية، تقوم بين الحين والآخر بحملات مداهمة للمحلات التجارية للتحقق مما إذا كان أصحابها قد أودعوا طلبات تسوية وضعية لتحسين المظهر الخارجي، تطبيقا للقرار الوزاري المشترك الصادر في 21 فيفري 2016، خاصة ما تعلق باستكمال الواجهات الخاصة بهذه المحلات والمنازل، كونها ملكية عمومية قبل وضع محلاتهم قيد الاستغلال التجاري.
ونشير أن الحكومة كانت قد أصدرت قانون ١٥ / ٠٨ الصادر بتاريخ 20 جويلية 2008، المتعلق بتسوية البنايات غير المطابقة، وحدّدت له تاريخ 2012 لانتهاء العملية، قبل أن يتم تمديدها إلى أوت 2013 ثم إلى أوت 2016، لتمدّده مرة ثالثة إلى غاية أوت 2019.