تعتبر عاصمة الأوراس باتنة على غرار باقي ولايات الوطن من بين الولايات التي تشهد تأخّرا كبيرا في إنجاز عدد من المشاريع التنموية خاصة ببعض القطاعات الحيوية على غرار السكن، التربية، الصحة والمياه الشروب، الأمر الذي تسبّب في وقفات للمطالبة بالإسراع في استلامها في آجالها، واحترام معايير الإنجاز.
لا تكاد تمر خرجة ميدانية لوالي باتنة فريد محمدي إلى مختلف دوائر وبلديات الولاية دون أن يصب جام غضبه على مديري الهيئة التنفيذية ومكاتب الدراسات والمقاولين بسبب التأخر المسجل في إنجاز المشاريع، حيث يلاحظ أحيانا عدم انطلاق مشاريع أصلا رغم مرور اشهر على تأكيد المسؤولين المحليين انطلاقها.
وفي هذا الشأن أكّد بعض المديرين الذين تحدّث إليهم «الشعب»، أن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء تعطّل الكثير من المشاريع التنموية المسجلة على مستوى الولاية، تعود بالدرجة الأولى إلى عدم تسديد المستحقات المالية لمختلف المؤسسات المنجزة والمقاولين في الآجال التي تمكن صاحبها من مواصلة وإتمام العمل في الآجال المحددة، حيث يلتزم بدوره المقاول ماليا مع العمال، ومع من يزوّده بمواد الأولية للبناء، إضافة إلى عدم صعوبة الإجراءات القانونية والتي تحد من صلاحيات المدراء ورؤساء الدوائر والأميار في تغيير المقاول الفاشل بمقاول آخر نشط، وكذا تعقد عمليات إلغاء الصفقة المتعلقة بأي عملية تنموية.
ويلح الوالي خلال كل اجتماعات العمل التي يعقدها أسبوعيا لمتابعة وتيرة إنجاز المشاريع التنموية على ضرورة التواجد الميداني للمسؤوين بورشات الإنجاز لتفقد نسب الأشغال والتدخل لإجبار المقاول على استكمال الأشغال والإسراع فيها، وتكليف لجان الدوائر بإيجاد حلول للأسباب الفعلية والحقيقية للتأخر في إنجاز مختلف المشاريع، لاسيما تلك المتعلقة بالسكن والأشغال العمومية والري وغيرها، والتي تعتبر حيوية نظرا لعلاقتها المباشرة اليومية بحياة الساكنة.
وحثّ محمدي المسؤولين المحليين بمتابعة سير المشاريع التنموية وتحمل مسؤولية التأخر في إنجازها، خاصة في ظل توفر الأغلفة المالية لهذه العمليات التنموية، معتبرا أن ما يحدث من تأخر في إتمام البرامج التنموية يرجع أساسا لأسباب بيروقراطية محضة وأخرى ذات علاقة بعدم نزول المكلفين بمتابعتها إلى الميدان لمتابعة سيرها.
كما أوعز بعض المسؤولين المحليين ببعض بلديات باتنة تأخر إنجاز المشاريع إلى بطء الإجراءات التنظيمية المتعلقة بتوفير المساحات العقارية المخصصة لانجاز المشاريع ونقص الأوعية العقارية، سيما في البلديات الكبرى ونقص مكاتب الدراسات المختصة في بعض المجالات، وعدم امتلاك المؤسسات التي أوكلت لها مهمة إنجاز هذه المشاريع للوسائل الضرورية، بالإضافة إلى العامل البيروقراطي والمتمثل في البطء المسجل في إجراءات المصادقة على الصفقات العمومية.
ويضاف لما سبق سوء التخطيط والتسيير وغياب المتابعة وبعض المشاكل التنظيمية والمالية، وأخرى ذات طابع عقاري حالت دون تجسيدها، فقد واجه المشرفون على برنامج السكن الريفي خاصة بالولاية المعروفة بطابعها الريفي عراقيل تنظيمية تتعلق بعدم السماح للمستفيدين بالبناء العمودي في المناطق التي شملتها عملية مسح الأراضي، ما تسبّب في إقصاء عدد كبير من طالبي الإعانات، بالإضافة إلى التأخر في تجسيد برنامج توصيل الكهرباء وعدم مسايرته لبرنامج البناء الريفي.
كما سجّلنا بعاصمة الاوراس تأخر تسوية بعض الوضعيات المتعلقة بنزع أراضي من مواطنين واستغلالها لفائدة المصلحة العامة، حيث تطرح مشاكل العقار بقوة ببعض البلديات، حيث تتأخّر كثيرا الجهات المنية بتكييف المساحات والأراضي المنزوعة مع الواقع المالي لسوق العقار المحلي، بهدف تفادي المعارضات المسجلة من قِبل الملاك الحقيقين لهذه الأراضي التي تعبرها مختلف شبكات المنفعة العامة، والتي ساهمت بدورها في تأخر المشاريع.