يعتبر السيد خزار لزهر من بين أكفأ إطارات الجماعات المحلية بعاصمة الاوراس باتنة، حيث يشهد له الجميع من مسؤولين ومواطنين حتى عمال البلدية الذين عمل معهم في مختلف المصالح على قوة شخصية الرجل وتقديسه للعمل، الذي يعتبر أمانة كبيرة، حملها منذ نيله شهادة البكالوريا سنة 1983 بثانوية الشهيد مصطفى بن بوالعيد في شعبة العلوم.
جريدة «الشعب» ارتأت في اليوم العالمي لعيد العمال، تسليط الضوء على هذا النموذج الناجح لموظف منح زهرة شبابه وسحابة عمره على مدار 35 سنة لبلدية باتنة التي شغل بها مختلف الوظائف، إلى غاية وصوله لمنصب الأمين العام البلدية.
بداية خزار مع عالم الشغل، حسبما أفاد به في تصريح لجريدة «الشعب» في سنة 1984 التي اجتاز فيها مسابقة ملحق اداري بمركز التكوين الإداري بباتنة، حيث مرافق الدولة الجزائرية في ذلك الوقت كانت بحاجة ماسة لإطارات إدارية كفأه لتسير خاصة شؤون الجماعات المحلية، ليتخرج شهر جوان 1985، أين تم توجيهه إلى ادارة بلدية باتنة، وكانت اول مهمة كلف بها هي تسيير شؤون مديرية المالية وعمل لمدة سنة واحدة اين التحق بصفوف الخدمة الوطنية بولاية قسنطينة ليعود لمنصبه الأصلي بالبلدية التي كانت فتية التجربة في مثل هذه المناصب النوعية خاصة تلك المتعلقة بالميزانية، ليكلف بعدها بتسيير مكتب التجهيز والاستثمار ومع التحولات الكبيرة التي بدأت تشهدها بلدية باتنة في تلك المرحلة وايمانا من مسؤولي البلدية بقدرات وكفأة خزار تمّ تكليفه بتسيير مكتب الصفقات العمومية الحسّاس.
تسيير الجماعات المحلية شرف ما بعده شرف
وأكّد خزار لـ «الشعب» أنّه اكتسب خبرة كبيرة في تسيير الجماعات المحلية فبالإضافة لمنصبه الأصلي شارك في تسيير مختلف مصالح البلدية عل غرار مصالح الأجور، المصالح التقنية، الكتابة العامة، ديوان رئيس المجلس الشعبي البلدي، وذلك إلى غاية 1994 اين تم تكليفه برئاسة مصلحة التجهيز والاستثمار الحيوية التي تحتوي على قسمي التسيير والتجهيز وما فيهما من ميزانية كبيرة تمكن ضيفنا من تسييرها باحترافية وشفافية رفقة اطارات شابة وتحت إشراف مسؤولين وفروا لهم - حسبه- جوا مناسبا للعمل والعطاء والمبادرة، رغم حساسية الفترة التي كانت تمر بها الجزائر وخطورة الأوضاع الأمنية.
ويتذكّر خزار الذي وجدناه منهمكا بمكتبه يتنقل من مكتب لآخر لمتابعة بعض الأمور الإدارية، كيف كان تسيير الجماعات المحلية يسير بجدية وصرامة وانضباط رغم قلة الإمكانيات المادية ونقص العامل البشري، إلا أن الصدق والحس المهني وتقديس العمل الذي كان يتميز به العمال في تلك الفترة مكّن من تجاوز كل الصعوبات وانعكس على السير الحسن لهذا المرفق العام الذي يقصده كل ساكنة بلدية باتنة.
ويسترجع محدثنا فترات مهمة في مساره المهني الحافل بالنجاح والتضحية في تسيير ميزانية بلدية باتنة التي كانت تقدر بالمليارات من الدينارات، والتي كانت تحتاج لنفس طويل وتركيز دقيق يحتم عل خزار البقاء لساعات طويلة وكثيرة ودائمة بمكتبه خارج أوقات الدوام الرسمي وبعد مغادرة كل العمال، ليبقى وحيدا رفقة الوثائق والأرقام والآلات الحاسبة والراقنة...إلخ، الأمر الذي حرمه حتى من الجوالعائلي والعطل وممارسة حياته الاجتماعية بصفة طبيعية، خاصة في ظل التحولات الكبيرة التي شهدتها الجماعات المحلية في تلك الفترة، وغياب وسائل العمل المريحة كتقنيات الإعلام الآلي، حيث اجتازها خزار بنجاح يتذكّره اليوم بكثير من الفخر والسعادة.
وفي سنة 2002 تمت اعادة هيكلة مختلف مصالح البلدية واستحداث برنامج جديد يتمثل في «قسم» كلف بتسييره يضم 3 مديريات هامة وحساسة لها صلة مباشرة بالتكفل بانشغالات الساكنة على غرار مديرية المالية وكذا الشؤون الاجتماعية وأخيرا الشؤون الاقتصادية، وذلك الى غاية سنة 2012 وما تحتاجه من حضور دائم ونزول للميدان واستقبال المواطنين بالإضافة لمسؤولية إعداد ميزانية البلدية التي أصبحت لصيقة به على مدار 9 سنوات كاملة منذ 2010.
السّعادة الحقيقية للعامل الصّادق هي الفرحة التي يرسمها على وجه المواطن
ودفع تقديس العمل بضيفنا إلى العمل حتى في أيام العطل ونهاية الأسبوع، ووصل به الأمر إلى حد الاستغناء عن العطلة السنوية لعدة سنوات متتالية، غير متأسّف على ذلك كون نداء الوطن والواجب أكبر وأقوى، خاصة عندما يتم التكفل بانشغال أو تقديم خدمة لمواطنين تعوض ذلك الجهد المضني.
وفي سنة 2012 وبعد شغور منصب الأمين العام بالبلدية تمّ اختياره عن جدارة واستحقاق وترقيته لتبوء هذا المنصب الهام، ولما فيه من احتكاك مباشر مع المواطن والذي اعتبره محدثنا أمانة كبيرة ألقيت على عاتقه، حيث يحرص على تلقين العمال والموظفين الشباب تقنيات العمل الجاد والصادق والاحترافي لضمان استمرارية سير المرفق العام بعد تقاعده، من خلال توفير المعلومة الصحيحة ومنح الفرصة للجميع لإجراء تربصات ميدانية يتابعها شخصيا ويشرف عليها رفقة زملائه الموظفين في البلدية.
وثمّن خزار، خلال حديثنا عن المجلس البلدي الحالي، الذي قطع أشواطا كبيرة في تحسين الخدمة العمومية، ثمّن الجو العام والإيجابي الذي وفّره لهم رئيس بلدية باتنة، السيد نور الدين ملاخسو، الذي شجّع روح المبادرة وحفّزهم كل في مجال عمله على التكفل بالمواطنين، وتجسيد مبادئ الديمقراطية التشاركية في الميدان من خلال الحضور الدائم لمختلف فعاليات المجتمع المدني ولجان الاحياء في برمجة وترتيب أولويات المشاريع التنموية خاصة الكبرى خلال دراسة ميزانية البلدية التي يقارب تعداد ساكنتها الـنصف مليون ساكن.
ويعوّل محدّثنا على نجاعة التقسيم الإداري الجديد المنتظر للبلدية إلى 11 قطاع لتخفيف العبء على المواطن، وتقريبه أكثر من الإدارة، ونشير هنا إلى أنّ البلدية تتوفر على 14 ملحقة إدارية تتوفر على بعض الصلاحيات بهدف عصرنة تسيير الشؤون المحلية.
وفي الأخير وجّه خزار رسالة للعمال من الجيل الجديد، بمناسبة عيدهم العالمي، حاثّا إياهم على الإخلاص في العمل لأنه بقدر الإخلاص والصدق يكون الجزاء، مذكّرا إيّاهم بتضحيات الأجداد في سبيل رفعة وعزة الوطن، متمنيا لكل العمال الجزائريين المزيد من النجاح والمكاسب التي تعزّز صرح البناء المؤسّساتي ببلادنا.