مع تعدد النابغات من النساء بولاية تيارت، اخترنا السيدة ميلودي جميلة من بلدية السوقر العاملة في الفلاحة، ورغم قساوة هذا النشاط إلا أن الظروف القاهرة لم تثنها عن ممارسة هوايتها التي تعتبر مصدر رزقها.
جميلة التي تحب الطبيعة وتسخّر له كل وقتها التحقت اولا بمعهد فلاحي بولاية سطيف سنة 1986 تخصص المحاصيل الزراعية الكبرى كالبقوليات والقمح والشعير وحتى الحمضيات، وبعد التخرج انتقلت الى المزرعة النموذجية لوماني عن طريق التسيير الذاتي للمؤسسات كمسيرة للانتاج الفلاحي والبيع والشراء للمحاصيل، لم تغادر المجال الفلاحي بل استفادت من قطعة ارض مساحتها 23 هكتار في إطار فائض الاراضي الذي لم يتم استغلاله آنذاك، وقامت بإصلاح الارض التي كانت بها بعض المعوقات كالحجارة والمسالك سنة 1993، وقد استفادت جميلة من الدعم الفلاحي منها بئر ارتوازية، خزان مائي وبعض الامتيازات.
العمل الفلاحي بالنسبة للسيدة جميلة هو شغلها الشاغل، حيث استطاعت تحويل أرض جرداء الى جنة غناء من خلال غرس الاشجار المثمرة كالتفاح واللوز والسفرجل و غيرها من الخضر والفواكه.
خلال طرحنا لسؤال عن العمل اليدوي الذي تقوم به، فورا فهمت ضيفتنا المقصود وأجابت أنها تعمل جنبا الى جنب رفقة العمال الذين جلبتهم للعمل معها كعملية الحفر لغرس الشجيرات، وعملية السقي والتقليم وحتى سياقة الجرار وتنظيف الاصطبل، وأضافت أن معاملة الشركاء أي الذين تستخدمهم معها يزيد في ثقتهم ويعملون بإتقان ويحسون كأنهم يعملون في مزرعتهم.
والدليل تضيف أنها رفقة العمال قاموا أول امس بغرس مستلزمات شهر رمضان من الخضر للاستهلاك الشخصي وليس للمتاجرة كالقطايف وبعض الخضر حتى يستفيد منها العمال وصاحبة المزرعة، التي هيّأت منزلا خاصا لراحة العمال وبيتا خاصا بها عندما تريد الاستراحة، وما ادى بها الى مزاولة الاعمال الشاقة في الفلاحة هو أساتذتها بالمعهد الفلاحي قديما، حيث كانوا يقسون على الطلبة لاخراجهم من الخمول والعمل الاداري الى خدمة الارض والاستفادة منها، وحتى الاعمال الميكانيكة وإصلاح العطب تعلمته جميلة في المعهد، وهي تطبقه الان، وتقول أيضا إنه يصعب ايجاد عمال فتضطر للعمل رفقة اخيها الذي رافقها منذ كان صغيرا، إلى أن استقرّ ببيته حاليا.
وأثنت ضيفتنا على والدتها التي ترافقها دائما أثناء الذهاب اليومي تقريبا الى المزرعة التي تبعد على السكن العائلي بأكثر من 13 كلم، تستقل سيارة «كلونديستان» للوصول اليها، وبعض المرات تقوم بالمشي لكونها رياضية حيث مارست العاب القوى وكرة اليد والكرة الطائرة، وتحوز على شهادة تقني سامي في الرياضة مما اهلها كذلك لخدمة الفلاحة.
انشغالات جميلة متعددة، فقد وجدناها على وشك المغادرة لجبل بذور الفاصوليا وبعض البذور الاخرى التي حان وقت غرسها، وقد أجّلت الموعد الى بعد الحديث معها.
جميلة طالبت الشباب التوجه الى العمل الفلاحي لما له من فائدة مادية وجسمية وحتى معنوية لكون العامل في الفلاحية يقضي طول يومه بين النباتات وفي الهواء الطلق، ولم تخف ثناءها على بعض الشباب في البادية الذين شمّروا عن سواعدهم واستقلوا ذاتيا عن اوليائهم بسبب العمل الفلاحي، غير انها تعيب على البعض الذين رغم تواجدهم بالبادية ومن عائلة تهتم بالفلاحة غير أنهم أهملوا هذه الثروة التي رأت أنها مستقبل الجزائر ومخرجها الوحيد من التبعية الغذائية.
وعن عمل النساء رفقة السيدة جميلة في الفلاحة، أجابت بأنها اتصلت ببعض النساء لكن دون جدوى، زيادة على أن مزرعتها لا تتسع لعدد كبير من العمال ولا سيما ان جل الاعمال موسمية.
النشاط الفلاحي دخل هو الاخر مرحلة التكنولوجيا، حيث تساير ضيفتنا هذا المجال وتتواصل مع زملاء ومختصين من اجل الاستشارة، وقد اختارت تجربة جديدة في تربية الدواجن الاليفة أي دجاج «العرب» كما سمت تجربتها، وتتنبأ بانها ستنجح لكون لحم الدجاج الذي يربى داخل المنازل ويرعى في الخلاء له قيمة غذائية كبيرة وطعم خاص.
وقد أسرت لنا الفلاحة جميلة أنها بصدد تنفيذ تجربة لنبات «القرافيولا» وفواكه أخرى، وفي الأخير أصرّت ضيفتنا الفلاحة المولوعة بعملها أن تطلب الأمن والأمان للجزائر، داعية الشباب الى مراعاة مصلحة الجزائر.