بدأت في السّنوات الأخيرة مراكز التكوين المهني بولاية بومرداس تستقطب شريحة جديدة من الشباب لم تكن قبل هذا التاريخ مبرمجة ضمن الفئات المستهدفة من القائمين على القطاع بالنظر الى جملة من العوامل منها اختلاف المستوى والشهادة المطلوبة في مجال التكوين التي لا تتعدى في الغالب المستوى النهائي، وأيضا اختلاف الطموحات والاهداف المسطرة لكلا الفريقين، لكن شبح البطالة وتقلص فرص العمل خاصة في الجانب الاداري قد قلّص هذه الفوارق، ووحّد الرؤى استثنائيا لتستقر على حتمية إيجاد منصب عمل واكتساب خبرة مهنية في الميدان.
تحوّلت عدد من المراكز المهنية المتخصصة ومعاهد وطنية معروفة بولاية بومرداس وحتى خارج الولاية على غرار المعهد الوطني المتخصص في التكوين المهني عبد الحق حمودة، معهد الفندقة والسياحة بالكرمة، المعهد الوطني المتخصص في مهن السمعي البصري وبعض المراكز الاخرى التي تضمن تكوينا في تخصصات مهنية تلقى مزيدا من الطلب في عالم الشغل كالاشغال العمومية والبناء، الري، الاعلام الالي، المحاسبة، الصيانة الصناعية، تكنولوجيا الاتصال، مهن الصيد البحري وتربية المائيات، الفلاحة والصناعة الغذائية، وغيرها من المهن الاخرى تحولت الى مراكز جذب للشباب من مختلف الفئات، بالأخص منها الطلبة الجامعيين المتخرجين الذين اقتنعت نسبة كبيرة منهم أنّه لا سبيل لضمان مستقبل ناجح وعملي سوى الحصول على حرفة يدوية يواجه بها صعوبات الحياة، واقتحام ميدان الشغل بأكثر ثقة بفضل برامج الدعم وأجهزة التشغيل المحلية التي وضعت تحفيزات كبيرة للمتربّصين المتخرجين، ومرافقتهم في الميدان لإنشاء مؤسسات مصغرة عن طريق «أونساج، كناك وأونجام».
كما أظهرت الاحصائيات المقدّمة من طرف مديري وكالات التشغيل المحلية لولاية بومرداس،»أنّ أكثر المؤسّسات المصغّرة نجاحا في الميدان تلك التي بادر إلى إنشائها الشباب المتخرّجين من مراكز التكوين المهني بسبب امتيازات المؤهل، والقدرة على تجسيد الفكرة في الميدان بعكس الفئات الاخرى، الأمر الذي جعل القائمين على هذه الأجهزة تقدّم تسهيلات ودعم أكبر للمتربّصين بناء على استرتيجية التشغيل التي سطّرتها الوزارة.
بدورها سطرت الوكالة الولائية للتشغيل برنامجا خاصا لتكوين الطلبة الجامعيين إلى جانب المتربّصين عن طريق إعداد ورشات تكوينية للتحكم في تقنيات البحث عن العمل، حيث تمّ خلال سنة 2018 تكوين أكثر من 954 جامعي ومتربص، حسب الأرقام المقدمة من طرف الوكالة، وهو ما يدل على التوجه الجديد وحجم الاقبال الذي تعرفه مختلف مراكز التكوين المنتشرة عبر بلديات الولاية.
أمام هذا التحول تسعى مديرية التكوين المهني الى التكيف مع المعطيات الجديدة من خلال تحيين مدونة التخصصات لتتماشى ورغبات المتربّصين والجامعيّين منهم مع اقتراب انطلاق دورة فيفري الاسبوع القادم، إضافة إلى دعم قدرات الاستقبال بأزيد من 3500 منصب جديد، وتوسيع شبكة المرافق وهياكل الاستقبال التي تدعّمت بمعهدين وطنيين متخصصين الاول ببودواو متخصص في مهن السمعي والبصري والثاني معهد للتعليم العالي بالكرمة، في انتظار استقبال معهد الصناعة والصيانة لخميس الخشنة ومعهد الاشغال العمومية لبني عمران، وكذا المعهد الوطني المتخصص في الفلاحة والصناعة الغذائية ليسر.