تتباين رؤى رؤساء المجالس الشعبية البلدية لولاية المدية حول أداء البلديات منذ تأسيسها سنة 1967 إلى يومنا هذا ونظرتهم لمستقبل هذه الجماعات المحلية بالنظر إلى ثنائية الممارسة الفعلية بها أو المستوى المعارفي والتأهيلي للمنتخبين.
يرى علال مكي رئيس المجلس الشعبي لبلدية بني سليمان بالجهة الشرقية لولاية المدية صاحب 05 عهدات انتخابية «رئيس بلدية سيدي الربيع لعهدتين»، «نائب رئيس بلدية بني سليمان لعهدتين» ثم رئيس بلدية في هذه العهدة بـأنه يمكن اعطاء تقييم فعلي لأداء المجالس الشعبية البلدية منذ تأسيسها بالنظر إلى المراحل التي تعاقبت عليها، حيث كان في بداية تأسيسه محدودا بموجب الأمر رقم: 67 / 24 المؤرخ في 18 / 01 /1967 المتعلق بالبلدية، الذي نصّ على المجلس الشعبي البلدي الذي كان عبارة عن جهازين جهاز المداولة بين أعضاء المجلس الشعبي البلدي وجهاز تنفيذي يسهر على تنفيذ المداولات، وأنه تبعا للتطور الاجتماعي والاقتصادي والتركيبة البشرية للمجتمع الجزائري كان لزاما أن يكون لهذه الجماعات المحلية دور أكبر للإستجابة لحاجيات المواطنين والتنمية المحلية وتجسد ذلك بإصدار قانون للبلدية في ثوب جديد وكان بمقتضى القانون رقم: 81 / 09 المؤرخ في: 04 / 07 /1981، الذي عزز دور أكبر للمجالس المنتخبة وسيما في مجال التنمية المحلية وذلك بإعطائها كل الصلاحيات التي استوحت بعضها في عملية الانتقال من عملية الاستقطاب البشري للكادر المسير إلى انتقاء النخب التي بإمكانها أن تستجيب للتحول الذي شهدته الدولة وقتها من النظام التسييري التقليدي إلى العصري.
وتعزّز دور البلدية أكثر حسب محدثنا في صدور قانون 84 / 09 مؤرخ في: 04 / 02 /1984 المتضمن التنظيم الإقليمي للبلاد الذي رفع عدد البلديات إلى 1541 بلدية، بحيث توسعت إصلاحات البلدية مرة أخرى لكن من منطلق دستوري، فكان نتاجا لذلك صدور القانون 90 / 08 المؤرخ في: 07 / 04 / 1990 المتعلق بالبلدية والذي ألغى بصفة نهائية أحكام الأمر 67 - 24 المؤرخ في: 18 / 01 /1967، حيث ساهمت عبقرية المشرع والنضال المستميت للنخب المسيرة لهذه البلديات على مرور الزمن في المساهمة في إشراك المواطن إلى جانب الإدارة المحلية في تسيير ومراقبة شؤونها المحلية عن طريق ممثليه في المجلس الشعبي البلدي، وقد تجسّد ذلك بشكل صريح في تعزيز المنظومة القانونية بصدور القانون رقم: 11 / 10 المؤرخ في: 22 /06 /2011 ،المتعلق بالبلدية الذي منح دور أكبر للمجالس الشعبي البلدية، مما انعكس ايجابيا على الحياة العامة للمواطن، غير أنه لا يجب أن ننكر بأنه بالرغم من هذا التطور والإنفتاح الذي عرفته البلديات منذ 1967 إلى يومنا، إلا أن اقتصار أداء رؤساء المجالس الشعبية على بعض المهام التي نصّ عليها القانون دون تعديها إلى اختيار رئيس ديوان الرئيس، وكاتبه الخاص ومساعديه التقنيين مثله مثل الوالي غلب مصلحة الإدارة على طرق تسيير الكثير من رؤساء البلديات إلى حدّ أن بعضهم من جر إلى حالات الإنسداد والخروج من الباب الضيق دون الإستجابة إلى حاجيات المواطنين المشروعة التي تمّ التعهد بها سلفا.
ويعتقد رئيس البلدية، بأن مستقبل البلديات يتم حصره في أنها كيانات اقتصادية أم اجتماعية أم سياسية بأنه في حقيقة الأمر لا يمكن الفصل بين الكيانات الثلاث التي ذكرتها لأنه لابد للبلدية أن تموّل نفسها بنفسها وذلك بالاعتماد على الجباية المحلية وتثمين مختلف الأملاك العقارية لضمان مداخيل ثابتة دون الاعتماد على الإعانات التي تجود بها الدولة مع ضرورة خلق الثروة وتبني مشاريع ناجعة، وذلك بتشجيع مختلف المبادرات وكذا إبراز مختلف الإمكانيات الاقتصادية والبشرية التي تتمتع بها البلدية لجلب مستثمرين قادرين على خلق الثروة وتوفير مناصب الشغل، كما لا يمكن إغفال الجانب الاجتماعي وذلك بمساعدة المعوزين (قفة رمضان على سبيل المثال)، مساعدة الفئات الهشّة وذوي الاحتياجات الخاصة وإدماجهم في الحياة العامة، كما أن لهذه الجماعات المحلية دورا سياسيا بتمثيل المواطنين ووكذا تمثيل مختلف التشكيلات السياسية، كما أنه لا يمكن تغافل في هذا الصدد فكرة الديمقراطية التشاركية التي باتت تفرض نفسها كونها انتصار في حياة البلديات بصفتها كبديل استشرافي بديل لخلق الثروة والحرص على استمرار المرفق العام بهذه البلديات من أجل إشراك حقيقي للمواطن في التنمية المحلية بفضل أفكاره ونظرته الواقعية، إذ بدون هذه النظرة لا يمكن أن ترتقي خدمات البلديات وتجد لنفسها مواضع ايجابية لما ما يتطلع له المواطن البسيط.