تعد البلدیية النواة الرئيسية للتنمية المحلية باعتبارها الأقرب من المواطن، وقد أنشئت أساسا بهدف تسيير شؤون الأشخاص وتحسين وضعيتهم، وقد خوّلت لها الدولة الصلاحيات بإتباع نظام اللامركزية من أجل التخفيف من حدة صعوبات الحياة ومحاولة تذليل عقباتها كل ما أمكن ذلك لترقية الوسط المعيشي، بدءا من وضع نظام قانوني لها، حيث مرّ هذا الأخير بعدة مراحل، إلى أن وصل إلى ما هو عليه الآن بقصد التكفل الجيد والایيجابي بانشغالات الناس، لذا من الطبيعي أن نجد مصالح البلدية تعمل وتنسق مع غيرها من الأجهزة الإدارية والمنتخبة المحلية لترقية برنامج التنمية المحلية.
المتتبع للتنظيم الإداري للبلدية يجد أنها مرّت بالعديد من المراحل والتعديلات التي شملت نصوصها القانونية بدءا من المرحلة الانتقالية 1962 - 1967، حيث وضع مشروع قانون البلدية في جوان 1965 من قبل المكتب السياسي لجبهة التحرير الوطني، وبعد التغيير السياسي الذي وقع في 19 جوان 1965 في أكتوبر 1966 تبنى مجلس الثورة قرارا حول الميثاق البلدي وأقره نهائيا في 4 اكتوبر 1966، وقد وافقت الحكومة على مشروع قانون البلدية الجديدة في 20 ديسمبر 1966،وأخيرا نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية رقم 06 سنة 1967 بموجب الأمر رقم 67 - 24 المؤرخ في 18 جانفي 1967، وصولا لقانون 90 - 08 المؤرخ في 7 أفريل 1990 المتعلق بالبلدية، وقد جاء في ظل مبادئ جديدة أرساها دستور 1989 بإلغاء نظام الحزب الواحد واعتماد نظام التعددية الحزبية والانفتاح الاقتصادي، إلا أن تطبيق هذا القانون اصطدم بحقائق الميدان ووضعيات أخرى مختلفة تم تسجيلها على ضوء التجربة المعيشة خلال السنوات العشرين من تطبيق هذا القانون، ومنه بات ضروريا إجراء بعض التعديلات على المنظومة التشريعية المسيرة للبلدية، فجاء القانون 11 / 10 الذي يكتسي أهمية بالغة لأنه يندرج تحت إطار إصلاح الجماعات المحلية والذي هو إحدى الحلقات الرئيسية في سلسلة الاصلاحات الأشمل، المتمثلة في إصلاح هياكل الدولة الهادف إلى إرساء دولة القانون.
بالرغم من الإيجابيات التي ميزت قانون ـ 90 08، إلا أنه تسوّده الكثير من النقائص لذا جاء قانون 11 / 10 ليسد هذه النقائص، وهو يحوز على أهمية بالغة إذا إنه يندرج ضمن اطار اصلاح الجماعات المحلية الأشمل والمتمثلة في اصلاح هياكل الدولة وإرساء دولة الحق والقانون، وجاء لتكريس مشاركة المواطنين في الشؤون المحلية لتحقيق الديمقراطية، وكذا ترقية حقوق المرأة من خلال توسيع حظوظها في تمثيل المجالس المنتخبة.
إن تنظيم الجماعــات المحليـة مــذكور عبــر مختلــف الدســاتير، التــي تناولتهــا حيـث اعتبـر دسـتور 1963 البلدية أساسـا مـن خـلال مادتـه التاسـعة، وبعـد صـدور ميثـاق البلدية فـي أكتوبر 1966 وميثاق الولاية في 26 مارس 1969 وتطبيقا لهمـا تـمّ إصـدار قـانون البلدية رقـم 67/24 في 18 جانفي 1967 وقانون الولاية رقم 69 / 36 في 23 ماي 1969، وبعـد صـدر دستور 1976 الذي نصّ فـي مادتـه 36 علـى «المجموعـات الإقليمية هـي الولاية والبلدية». أما دسـتور 1989 أشـار إليهـا بـأن «الجماعـة الإقليمية للدولـة هـي الولاية والبلدية.