عرف القطاع الصحي بولاية سيدي بلعباس حركية هامة سنة 2018، دعّمت الإنجازات السابقة المحققة في المجال، حيث تبنّت المديرية رؤيةجديدة في تسيير القطاع جمعت بين مشروع المؤسسة وإستراتيجية المقاطعة الصحية، كما تدعّم القطاع بهياكل صحية جديدة من شأنها الرفع من مستوى الخدمات والتكفل الجيد بالمرضى.
باشرت مديرية الصحة خلال 2018 استراتيجية ورؤية جديدة في التسيير من خلال تطبيق ما يعرف بالمقاطعة الصحية، وهي تنظيم جديد للخارطة الصحية الولائية وتحتوي على وحدة إستشفائية ووحدات قاعدية جوارية إلى جانب مؤسسات إستشفائية متخصصة، وقد تمّ الأخذ بعين الإعتبار ضمن هذا التقسيم المسافة بين الوحدة الإستشفائية والوحدات الصحية الجوارية وكذا المعيار السكاني. تحتوي هذه المقاطعات على هياكل تسيير مجلس طبي علمي ومجلس توجيهي، ويسمح هذا التقسيم الجديد الذي حدّد 6 مقاطعات صحية على مستوى الولاية بتوحيد الوسائل المالية المادية والبشرية، وإعطاء نفس جديد للقطاع من حيث التسيير والتكفل الحسن بالمرضى.
كما تبنّت المديرية مشروع المؤسّسة الذي يرمي إلى مواصلة الجهود الرامية إلى عصرنة التسيير، وتدعيم مختلف الهياكل بالآليات التي تسمح بتحسين نشاطاتها وخدماتها، ويرتكز المشروع على لوحة القيادة ومؤشرات التسيير لتفادي الأخطاء المتعلقة بالتسيير، وهو المشروع الذي حدّد بسنتين إلى 5 سنوات، واستند على ثلاث خطط أولها خطة عمل لتصفية الأوضاع المهنية لمهني الصحة، خطة عمل أخرى لتصفية ديون الصيدلية المركزية، وخطة أخرى لتسهيل إجراء الفحوصات الخارجية والعلاجات داخل الهياكل الصحية.
تدعّم القطاع الصحي بولاية سيدي بلعباس سنة 2018 بمرافق صحية جديدة أهمّها مستشفى بسعة 60 سرير دخل الخدمة ببلدية الطابية، وهو المشروع الذي سيخفّف الضغط عن المستشفى الجامعي، في انتظار إستكمال بعض المرافق داخله كوضع حيز الخدمة وحدة العناية المركزة، مع إضافة غرفة جراحة على مستوى وحدة الإستعجالات الطبية، هذا ولاتزال الأشغال متواصلة لتجهيز وحدة زرع الكلى لتمكين فريق طبي متخصص في جراحة الكلى والمسالك البولية بالمستشفى الجامعي عبد القادر حساني بسيدي بلعباس، وبالتعاون مع الوكالة الوطنية لزرع الأعضاء من استئناف عمليات زرع للكلى على مستوى هذا المستشفى الجديد، وهو المشروع الذي يهدف إلى جعل الولاية قطبا جهويا مختصا في زراعة الكلى، من خلال إعادة بعث عمليات زرع الكلى التي توقفت منذ سنة 2007، ويتم بالموازاة إنشاء وحدة لمعالجة الحصى بالجهاز البولي والكلى، والتي ستكون وحدة نموذجية على المستوى الوطني.
هذا وتمّ أيضا تهيئة الفضاء المخصص لوحدة تصفية الدم، وإتمام إجراءات لإقتناء العتاد الخاص بها بغلاف إجمالي يقدر بـ 82 مليون دج على أن تدخل الخدمة قريبا.
وفي ذات الصدد، شهدت مصلحة جراحة الأذن والحنجرة بالمؤسسة الإستشفائية دحماني سليمان عمليات زرع القوقعة للأطفال، حيث استأنف شهر أفريل الماضي الفريق الطبي المتخصص التابع للمصلحة خمس عمليات كللت كلها بالنجاح لفائدة أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 3 و4 سنوات ممن يعانون من مشاكل في السمع، على أن يتواصل التكفل تدريجيا بالأطفال المسجلين في قائمة الإنتظار والبالغ عددهم 67 طفلا بعد إنقطاع دام أكثر من 7 سنوات.
أما على مستوى مركز مكافحة أمراض السرطان، فقد تدعّم هذا الأخير بثالث مسرع للعلاج الإشعاعي من الجيل الأخير شهر مارس الماضي، الجهاز المسمى «تروبيم» يعد الأول من نوعه في الجزائر، يساعد في علاج الحالات المعقدة للأورام السرطانية الصغيرة الحجم التي تحتاج إلى دقة عالية، كما تمّ الإنطلاق في إقتناء العتاد الخاص بالطب النووي، وهي التجهيزات التي ساهمت وبشكل كبير في التكفل بعدد كبير من المرضى فاق الألف مريض خلال أشهر فقط.
وبخصوص الصحة الجوارية، فقد تمّ وضع العيادة المتعددة الخدمات ببلدية لمطار حيز الخدمة، كما تتواصل الأشغال لإنجاز 4 عيادات صحية جوارية إثنان بعاصمة الولاية بكل من حيي سوريكور والمقام وعيادتين ببلديتي مصطفى بن براهيم وبلدية تسالة.
كما تمّ أيضا إعادة فتح مصلحة أمراض المعدة والأمعاء بالمستشفى الجامعي حساني عبد القادر بسيدي بلعباس بعد أربعة أشهر من الغلق جراء الحريق الذي أتلف أجزاء هامة منها، وتسبّب في تعطلها عن أداء مهامها كما تمّ تسجيل عملية هامة أخرى تتعلق بإعادة الإعتبار لشبكة الكهرباء داخل المستشفى بكامله. وبالموازاة تمّ أيضا إعادة فتح مصلحة أمراض الغدد الصماء التي خضعت هي الأخرى لترميمات هامة، على أن تتواصل عملية الترميم لتشمل مصالح أخرى كمصلحة الطب الداخلي ومصلحة أمراض الصدر بعد رصد مبلغ إجمالي قدره 34 مليار سنتيم.
هذا وتمّ فتح مصلحة جديدة للتوليد على مستوى المؤسسة الإستشفائية دحماني سليمان بحي سيدي الجيلالي في مسعى لتخفيف الضغط عن المؤسسة الإستشفائية المتخصصة في أمراض النساء والتوليد، هذه الأخيرة التي تعرف توافدا كبيرا من طرف النساء الحوامل القادمات من جميع أنحاء الولاية، فالمؤسسة وعلى الرغم من اتساعها لـ 182 سريرا فقط إلا أنها تستقبل أعدادا كبيرة من الحوامل من مختلف بلديات الولاية وكذا من الولايات المجاورة، حيث تسجل من 60 حتى 70 ولادة يوميا بسبب التحويلات المستعجلة من الولايات المذكورة كسعيدة، البيض، عين تموشنت ومدينة المشرية، وتتسع الوحدة الجديدة لـ 30 سريرا وهي مجهزة بالمعدات الأساسية لإستقبال المريضات، ويؤطّرها طاقم طبي تلقى تكوينا في المجال يضم 4 قابلات من ذوات الخبرة من المؤسسة الأم فضلا عن قابلات أخريات يعملن بذات المؤسسة، وأطباء عامين في مجال الأمومة، وعدد من شبه الطبيين الذين خضعوا لتكوين على مستوى مصلحة حديثي الولادة.
الإكتظاظ واستنفاد المعدّات الطبية لعمرها الإفتراضي
باشرت فرقة التفتيش المكونة من ثلاث أطباء مفتشين وجراحي أسنان مفتشان تحت إشراف طبيب مفتش رئيس منسق للمديرية مهامها المتمثلة في القيام بخرجات ميدانية تفتيشية لمراقبة كافة المؤسسات العمومية والخاصة، حيث قامت بمراقبة 65 عيادة متعددة الخدمات تابعة لسبعة مؤسسات صحية جوارية، مع مراقبة تهيئة وترقية مكاتب الدخول على مستوى المركز الإستشفائي الجامعي والمؤسسات العمومية الإستشفائية والمتخصصة، وكذا تفتيش عيادات الأطباء العامين الأخصائيين والجراحين وجراحي الأسنان ومخابر التحاليل الطبية، بالإضافة إلى المؤسسة الإستشفائية الجراحية ومركز التشخيص الطبي ومصالح الاستعجالات والمناوبات، كما أشرفت على تقييم البرامج بالتنسيق مع مصالح الوقاية والقيام خرجات تقييمية تفتيشية للصيدليات المركزية من أجل عقلنة إستهلاك المواد الصيدلانية، مع العمل على مرافقة المؤسسات الصحية في وضع حيز الخدمة شبكة الإعلام الآلي والشبكة الصحية لمتابعة والتكفل بالمرأة الحامل وكذا شبكة الإستعجالات.
وإستنادا لتقاريرها أحصت مديرية الصحة جملة النقائص التي تشوب القطاع بداية بالضغط المسجل على مستوى المستشفى الجامعي، الذي لم يعد يستوعب العدد الكبير من المرضى الوافدين إليه من داخل الولاية والولايات المجاورة، وهو المشكل الذي تشهده أيضا مصلحة الإستعجالات، فضلا عن المشاكل التي تعيق السير الحسن لمعظم المصالح داخله، والتي لم تعد تستجيب للمعايير التقنية الحديثة باستثناء المصالح التي خضعت لعمليات ترميم، وكذا تعطل العديد من التجهيزات الطبية التي استنفذت عمرها الإفتراضي ما يتطلب تغييرها بمعدات حديثة وعصرية، ناهيك عن النقص المسجل في وحدات التخزين على مستوى الصيدلية المركزية وضعف الميزانية المخصصة لنشاط المخبر المركزي لم تعد تكفي للتكفل بجميع المرضى المقيمين وغيرهم من طالبي التحاليل المختلفة.
وفي ذات السياق، تشهد المؤسسة الإستشفائية المتخصصة في التوليد هي الأخرى ضغطا رهيبا، وحالة إكتظاظ بعد تضاعف أعداد الوافدات إليها من داخل وخارج الولاية بسبب ضيق المنشأة وتجميد عملية توسيعها، فضلا عن نقص الأطباء المتخصصين بها. أما المؤسسة الإستشفائية المتخصصة في الأمراض العقلية فهي الأخرى تعمل بطرق غير مطابقة للمعايير التقنية العالمية المختصة في هذا المجال، والخاصة بالتكفل بهذه الفئة من المرضى.