أحدث مشروع قانون المناوبة جدلا واسعا لدى الصيادلة، الذين عبّروا عن استيائهم لما احتواه من مواد، حيث صرح لنا أحد المهنيّين بولاية تيارت أن النص القديم لا يخدم أحدا عندما يلزم على بقاء بعض الصيادلة المناوبين لمدة 24 ساعة دون انقطاع، فحتى المسؤولية الامنية تبقى مرهونة بتواجد الصيدلية المناوبة لأن رجال الامن يقومون بواجبهم ليل نهار لكن التغطية الكاملة لبلدية كبيرة تبقى محدودة.
من الناحية المادية، فإن خدمة المؤمّن تشوبها اختلالات في حالة تطبيقه، فالكثير من المؤمّنين يشترون الأدوية عن طريق الاستدانة لذلك فصيدلي الحي أو المنطقة يعرف جيدا زبائنه يسمح لهم بالاستدانة ويدفعون ثمن الدواء بمجرد حصولهم على المستحقات الشهرية بالنسبة للعمال والموظفين، لكن عندما يذهب المريض إلى حي أو بلدية مجاورة يشكل مشقة سفرية لا سيما إذا كان الوقت متأخّرا، ومن الناحية المادية فإن بعد المؤمن عن حيّه يؤثر كذلك وبالقانون القديم ويعاني بعض المرضى بالبقاء بطاقاتهم للشفاء لدى الصيادلة حتى يسدّدون ما عليهم من ديون، وفي بعض الأحيان يشتكي بعض المؤمّنين من استعمال بطاقاتهم فيتوجّهون إلى صيدليات أخرى للتأكد من عدم استعمالها.
ظاهرة أخرى تقع بالمناطق والبلديات الصغيرة أيام العطل والاعياد، حيث يذهب بعض المؤمّنين الذين يعملون بعيدا عن ذويهم يتنقّلون أيام الراحة ويحتاجون إلى أدوية مهمة، وقد ألفوا التعامل مع صيدليي أحياءهم لا سيما الشّراء عن طريق الاستدانة ممّا يعرّضهم للمشاكل.
المواطنون كذلك الذين يقطنون بالمناطق الريفية لهم صلة بصيادلة قريبين من مقرات سكناتهم، ويشترون الادوية مرة في الاسبوع كلّما توجهوا الى الاسواق الشعبية التي يقصدونها صباحا ويعودون عند الظهر،ولكون المداومة تبدأ مساء أو أثناء العطل والاعياد فإن الحصول على الادوية يبدو بعيد المنال بسبب بعد الصيدليات واستحالة وجود وسائل النقل.
مشكل آخر حسب بعض المؤمّنين بولاية تيارت يتمثل في الأدوية ذاتها، فبعض الصيادلة الخواص يوفرون الادوية حسب متطلبات مرضاهم لان لهم قائمة باسم المرضى وما يحتاجونه وتوفير الادوية لدى الصيادلة المناوبين لا يخدمهم، تفرض عليهم الادوية الجنيسة حيث يجد بعض الصيادلة فرصة للتخلص منها وتسويقها وحتى الادوية التي قربت مدة انتهاء صلاحيتها حسب بعض المؤمنين الذين يعرفون خبايا تسيير الصيدليات أكثر من غيرهم عن تجربة ومداومة لشراء الادوية، وفي بعض الاحيان لا تعطى بعض الادوية سوى للزبائن ويرفض بعض الصيادلة إعطاء أدوية مرضاهم الدائمين وزبائنهم للغير أثناء المداومة التي تدوم ليلة أو أكثر، خاصة للمرضى المزمنين، ولا سيما أن أغلب الصيادلة يحتاجون الى راحة اسبوعية ويخلفهم الباعة الصيادلة غير المتخصّصين، ويغيّرون أدوية المرضى دون اخذ استشارة الأطباء كما قال لنا مريض مؤمّن يحفظ دواءه جيدا ويشكو من تغييره عندما يتوجه الى صيادلة لا يعرفهم.
هذه بعض ما يعاني منه المرضى والمؤمنون جراء قانون المناوبة المسائية والليلية على وجه الخصوص، ولا سيما في الحالات الاستعجالية، بينما يرى بعض الصيادلة ان تخصيص صيدلية في كل بلدية وفي كل تجمع سكاني لا يلبي الحاجيات بسبب ما سموه بالغلق الاجباري، في وقت يحتاج فيه البعض الى حليب الاطفال والحفاضات وما يتسبب لهم في حالة عدم حصولهم على الحاجيات المذكورة لكونهم لا يملكون السيولة والمال لتسديد الحاجيات الاستعجالية، ويضطر الصيادلة غير المعنيين بالمداومة الى غلق صيدلياتهم رغم تلقيهم لحالات استعجالية تستحق ادوية فورية خوفا من تسليط عقوبات مهنية عليهم، ويتغير القانون أو يبقى القديم ساري المفعول ومعه يبقى المريض ولا سيما المؤمّن اجتماعيا ضحية مطرقة الصيادلة وسندان القانون.