يعاني المرضى والمواطنون من عدم وجود صيدليات ليلية مناوبة يمكنهم الذهاب إليها عند الحاجة، ممّا يدفعهم إلى خوض سباق لساعات وقطع عشرات الكيلومترات بحثا عن الدواء.
قال جميع من تحدّثنا إليهم أنّ الصيدليات تغلق بعد الساعة الثامنة مساءً، باستثناء البعض التي تعد على الاصابع، حيث طالب هؤلاء تمديد المداومة ليلا على أن تكون متوفرة بالجوار أو على الأقل على مسافات قريبة من بلدياتهم.
ومن بين المناطق التي تشكو من هذا النقص، نجد بلديات الجهة الشرقية التي تكاد تنعدم في جل أحيائها، مما أدى بسكانها إلى المطالبة بفتح صيدليات ليلية للمناوبة خلال سائر أيام الأسبوع، وعدم التنقل إلى وسط العاصمة التي صارت تضمن ذلك ببقاء بعضها مفتوحا ليلاً كتلك الموجودة بشارع طرابلس في حسين داي، التي تظل أبوابها مفتوحة على مدار 24 ساعة لقربها من مستشفى نفيسة حمودي (بارني)، وصيدليات أخرى بالقبة بالقرب من المستشفى غير أن هذا يبقى غير كاف بالنظر إلى الكثافة السكانية.
غياب الصيدليات المناوبة بالعديد من البلديات على غرار الحراش، وادي السمار، باش جراح والمحمدية، ادى الى استياء سكان هذه البلديات، الذين أكّدوا لـ «الشعب» بأنهم يضطرون إلى التنقل إلى وسط العاصمة والبحث عن صيدلية مفتوحة من أجل الحصول على الدواء، خاصة في الأوقات المتأخرة من الليل أين تصبح إمكانية الحصول عليه صعبة نظرا لنقص وسائل النقل.
كما تطرّق المواطنون من جهة أخرى الى مشكل غياب الاشهار والاعلام فيما يخص المناوبة الليلية، حيث أكد العديد منهم أن اللافتات واللوحات التي كانت تعلق على واجهات الصيدليات التي تتضمن توقيت وأيام المناوبة لأيام العطل والأعياد بالإضافة إلى برنامج المناوبة الليلية غابت تماماً، كما غابت رزنامة المناوبة على صفحات الجرائد اليومية ليجد الباحث عن الدواء نفسه تائهاً في العديد من المرات بين أزقة شوارع العاصمة لعله يجد صيدلية مفتوحة.
صيد ليون يشترطون ضمان الأمن
يرى العديد من الصيدليون الذين تحدّثت إليهم «الشعب» أن ضمان أمن الصيدلي يعد أهم شرط لتمديد العمل إلى غاية الصباح، بعد الاعتداءات المتكررة التي راح ضحيتها عددا من المهنيين اضطروا إلى فتح صيدلياتهم إلى ساعات متأخرة دون توفر أدنى شروط الأمن، هذا ما تكلّم عنه أحد الصيادلة بالحراش قائلا بأن العمل ليلا في ظروف غير ملائمة قد يعرض صاحب الصيدلية ونفسه لاعتداءات المنحرفين، وهو المشكل الذي يشكو منه العديد من أصحاب الصيدليات الواقعة بضواحي العاصمة.
ومن جانبها، قالت الصيدلية «ب- ل» بحي الحياة بجسر قسنطينة، أن تواجد عدد من الصيدليات في منطقة واحدة أصبح يعيق العمل الليلي، بحيث لا يرى العديد منهم جدوى فتح أبواب صيدلياتهم في وقت واحد، بالاضافة الى هذا فإن هناك فوضى عارمة تحكم نظام مناوبة الصيادلة، وعلى الوزارة الوصية معالجة هذه الفوضى أولا ومن بعد ذلك التكلم عن ما مدى تطبيق الصيادلة لنظام المناوبة الليلية.
كما أكد اخرون أنّ عملية تسيير التداول بين الصيدليات لا تأخذ بعين الاعتبار خصوصية المنطقة التي توجد بها الصيدلية، حيث يجبر الصيادلة على العمل لساعات إضافية، ولا يوجد جدول للمناوبة الليلية لضمان العمل خلال نهاية الأسبوع وفي الأعياد الوطنية والدينية، مما يعني المزيد من معاناة المريض وعلى الخصوص في المناطق المعزولة.
وأوضح هؤلاء الصيادلة بأنه يجب تغيير النظام القديم الذي يرخص فقط بفتح أكثر من صيدلية في التجمعات التي تزيد عن 15 ألف نسمة، وهذا مستحيل لتغطية المناوبة أو المداولة الليلية من طرف صيدلية واحدة، حيث يجب أن تتوفر على الأقل صيدليتين للتداول فيما بينهما، وهذا لا يتم إلا بتعديل القانون المنظم للمداولة وشروط فتح الصيدليات.
تطبيق يحدّد الصّيدليات والمستشفيات المناوبة
أعلنت وزارة الصّحة والسّكان وإصلاح المستشفيات عن وضع تطبيق على الهواتف النقالة لفائدة المواطنين، يعمل على تحديد أماكن تواجد الصيدليات المفتوحة على المستوى الوطني خلال النهار والصيدليات المناوبة، حسب ما أفاد به بيان للوزارة.
كما يحدّد التطبيق «المؤسسات الاستشفائية وأنشطتها الطبية والجراحية والاستعجالات وكذا الهياكل الجوارية،العيادات متعددة الخدمات وقاعات العلاج».
وحسب ذات المصدر، فإنه يمكن تحميل التطبيق عبر «غوغل بلاي ستور» والموقع الإلكتروني للوزارة.
www.sante.gov.dz/downloads/sihadz.php
وفي هذا الشّأن، ثمّنت الصيدلية «ح - م» ببلدية جسر قسنطينة هذا الاجراء، مؤكّدة بأنّه سيجنّب المواطنين عناء البحث عن صيدلية مفتوحة ليلا، غير أنّها شدّدت على أهمية وضع قانون صارم ينظم المناوبة الليلة للصيدليات، بالاضافة الى توفير الشروط الملائمة للصيدلى لتمكينه من العمل في أريحية، وبدون مضايقات خاصة الجانب الأمني.