قدّرت المصالح الفلاحية بتيبازة قيمة الخضروات والفواكه المنتجة محليا بـ 6 ملايير دج كمعدل سنوي، فيما تحتل الولاية المرتبة الثالثة وطنيا في الزراعات المحمية والرابعة وطنيا في كل من الحمضيات والكروم والثانية في منتوج الفراولة، ما يبشّر بمساهمة الانتاج المحلي في تحقيق الاكتفاء الذاتي بشكل ملحوظ.
في ذات السياق، تشير الأرقام الرسمية المعدة من طرف مديرية المصالح الفلاحية بالولاية إلى كون الأراضي الفلاحية المستغلة تتربّع على امتداد 62243 هكتار من بينها 19622 هكتار مسقية و24128 هكتار قابلة للسقي، وتنتج هذه المساحات مجتمعة 3 ملايين و222 ألف قنطار من الخضروات سنويا على مساحة قدرها 14038 هكتار، من بينها 1086436 قنطار تنتج داخل البيوت البلاستيكية من بينها 443356 قنطار من الطماطم على امتداد 503 هكتار بمعية 461820 قنطار من البطاطا، أما فيما يتعلق بالحمضيات فقد سجّلت المصالح الفلاحية معدلا سنويا يتجاوز عتبة مليون قنطار من مختلف الأصناف، إضافة الى 274482 قنطار من عنب المائدة التي تنتج على مساحة 1980 هكتار و438 ألف قنطار من الحبوب التي تنتج على امتداد أكثر من 17 ألف هكتار، وكذا 14907 قنطار من الحبوب الجافة التي تنتج على مساحة 763 هكتار.
كما يحتفظ الانتاج الحيواني بحصة جدّ محترمة من نشاط فلاحي الولاية، الذين يساهمون بفعالية في توفير الحليب واللحوم بمختلف أنماطها للمستهلك الجزائري، بحيث تجاوز عدد رؤوس البقر 7600 رأس من بينها 3775 رأس من البقر الحلوب، وقارب عدد رؤوس الغنم عتبة 50 ألف رأس مقابل 127765 رأس من الماعز، حسب الاحصاء الرسمي المنجز ميدانيا خلال الموسم الفارط 2017 - 2018، وتجاوز عدد رؤوس الدجاج الموجه للاستهلاك عتبة 4 ملايين وحدة مقابل 655700 وحدة للدجاج البيوض و72700 للديك الرومي، فيما قدّر عدد خلايا النحل بـ 55658 خلية، إلا أنّ عدد مربي النحل يبقى في تزايد مستمر على مدار عدّة سنوات خلت حسب ما أكّدته مصادرنا من الغرفة الفلاحية وجمعية النحالين بالولاية.
وقد أفرزت هذه المعطيات مجتمعة إنتاج أكثر من مليونين لتر من الحليب خلال الموسم الفارط، غير أنّ الاشكال القائم في هذه العملية يكمن في وجود خلل في عملية التجميع والتحويل لأسباب لم تتمكن المصالح الفلاحية من ضبطها بدقة بعد، كما أنتج فلاحو الولاية أكثر من 15500 قنطار من اللحوم الحمراء بمعدل 7170 قنطار للحوم البقر و7260 قنطار للحوم الغنم و1145 قنطار للحوم الماعز، فيما تجاوزت كمية اللحوم البيضاء عتبة 104 ألف قنطار وكمية البيض 130 مليون وحدة، وأنتجت خلايا النحل أكثر من 1400 قنطار من العسل.
أما بالنسبة لآفاق سنة 2019، فإنّ المصالح الفلاحية بالولاية ترتقب تجاوز عتبة 6 ملايين قنطار من الخضروات سنويا ومليون و650 ألف قنطار من البطاطا و580 ألف قنطار من الحبوب ومليون قنطار من الحمضيات، وأكثر من 900 ألف قنطار من منتجات الأشجار المثمرة ذات النوى، تضاف الى 45 ألف لتر من الحليب بمختلف أصنافه و19500 قنطار من اللحوم الحمراء و120 ألف قنطار من اللحوم البيضاء، بحيث ستتجاوز هذه المعدلات مجمل الأرقام المسجلة حاليا بنسب متفاوتة، وتعد بتحقيق وثبة نوعية في مختلف مصادر الغذاء للجزائريين كخطوة لابد منها لتحقيق إكتفاء ذاتي يغنينا من كابوس الاستيراد، غير أنّ هذه المعطيات تبقى بحاجة ماسة الى مرافقة جدية وفاعلة تعنى بتفعيل وتجسيد مختلف البرامج المعنية بالتخزين والتحويل تجنبا لتكبّد خسائر فادحة لاسيما حينما يسجّل فائض كبير في الانتاج، كما أنّ الجهات المعنية تبقى ملزمة بإيجاد حلّ سريع لمشكل ندرة اليد العاملة في القطاع الفلاحي، وهي الندرة التي أسفرت في الكثير من المرات عن بقاء مزارع الطماطم والفلفل والباذنجان والفاصوليا بدون جني للمحصول لفترات طويلة، بحيث ولّدت هذه الظاهرة قلقا كبيرا لدى الفلاحين بشأن مصير مهنتهم ومساهمتهم في توفير الغذاء للجزائريين.
التّخزين..مشاريع جاهزة
وأخرى في طور الانجاز
كشف رئيس الغرفة الفلاحية بالولاية عثمان طلبة عن وجود 6 غرف ضخمة للتخزين عبر إقليم الولاية، تستغلّ حاليا لتخزين مختلف المنتجات التي تعتبر فائضا في موسمها لغرض تسويقها في مواسم أخرى تلبية للحاجة المعبّر عنها كالبطاطا والبصل والتفاح والاجاص بمعية غرف أخرى يستغلها تجار سوق الجملة للخضر والفواكه بالحطاطبة، مشيرا الى كون هذه الغرف تخزّن حاليا 6 آلاف قنطار من البطاطا يرتقب تحويلها قريبا نحو السوق المحلية تزامنا وفترة ارتفاع أسعار هذه المادة بفعل نقص انتاجها لأسباب مناخية وأخرى تقنية، كما تحوي هذه الغرف أيضا كميات هامة من الفواكه يرتقب تسويقها على فترات متعاقبة وفقا لحاجيات السوق.
وأشار محدثنا أيضا الى وجود عدّة مشاريع لغرف تبريد مماثلة توجد حاليا قيد الانجاز، ويرتقب دخولها عالم الاستغلال قريبا بالتوازي مع تسجيل رغبة جامحة لدى العديد من المستثمرين للاستثمار في هذا النشاط، بحيث لا تزال الطلبات تتهاطل على اللجنة الولائية للاستثمار في هذا المجال ما يمكّن من استيعاب الكميات الفائضة من المنتوج الفلاحي المحلي والقادم من الولايات المجاورة من حيث تخزينه واستغلاله عند الحاجة، لاسيما وأنّ سوق الحطاطبة للخضر والفواكه يحصي سنويا رمي 700 ألف قنطار من الخضر والفواكه سنويا يتم تحويلها الى مراكز الردم التقني أو مراكز التحويل إلى منتجات عضوية موجهة للاستغلال الفلاحي.
وفي سياق التخزين دائما، فقد أكّد عدد من الفلاحين الممارسين على كون هياكل التخزين لمختلف المنتجات المستغلّة حاليا تبقى غير كافية لاسيما في ظلّ اندثار طرق التخزين التقليدية لأسباب موضوعية، بحيث يؤكّد هؤلاء على أنّ البطاطا مثلا لا تحتاج الى غرف تبريد أصلا لتخزينها لفترة 3 أو 4 أشهر، وإنّما يمكن تخزينها تحت الأرض في شروط نظامية يدركها أهل الاختصاص وبدون أيّ استهلاك للطاقة ممّا يخفّض من حجم تكاليفها، والأمر نفسه بالنسبة للثوم والبصل وعدّة خضروات أخرى بمعية مختلف أنواع البقول الجافة التي لا تحتاج الى استغلال التكنولوجيا الحديثة للحفاظ على ديمومتها لفترات طويلة، ولكنّ الواقع المعيش يشهد بأنّ مجمل هذه الطرق التقليدية أصبحت من الماضي، وقلّما تخطر ببال أحد لاستغلالها نظرا لتداخل عدّة عوامل موضوعية في العملية، تأتي في مقدمتها ندرة اليد العاملة التي تسند لها مهام التخزين والمراقبة و عدم جاهزية المواقع المهيّأة لهذه العملية بفعل الانتشار المذهل للحيوانات البرية من جهة، وارتفاع درجة حرارة الأرض من جهة أخرى، بحيث كشف العديد من الفلاحين الذين أدلوا بدلوهم في هذا الموضوع بأنّ منابع مائية عديدة عبر ربوع الولاية كانت تستغل 3 مرات يوميا لأغراض السقي الفلاحية، وجفّت من المياه اليوم بشكل رهيب بتأثير مباشر من ارتفاع درجة حرارة الأرض.
وفي سياق ذي صلة، يفضّل العديد من سكان الأرياف وغيرها من المواقع تسويق منتجاتهم الفلاحية طازجة وعند نضجها مباشرة لضمان تحصيل قدر من المال في وقت مبكر، مع تجنّب الجنوح لعمليات التجفيف والتحويل والتخزين لأسباب يعتبرها هؤلاء تخفي وراءها أتعابا مضاعفة لا تقابلها فوائد ذات جدوى، ومن ثمّ فقد استفحلت لدى هؤلاء ثقافة الجني المبكر للمحصول وتسويقه بشكل مباشر وسريع لغرض الحصول على المال مبكرا أيضا، بحيث ينطبق الامر على مختلف أنواع الخضروات والبقول الجافة وحتى الفواكه لم تنج من هذه الظاهرة في أحيان كثيرة، الأمر الذي يسفر عن تشبع السوق محليا بالمنتجات الطازجة كالفول والفاصوليا والجلبانة وغيرها، فيما تبقى أسعار تلك المواد مجفّفة مرتفعة إلى حدود لا تطاق، مع الاشارة إلى كون الانتاج المحلي لا يفي الحاجة المعبّر عنها، بحيث يجنح أهل الاختصاص الى استيراد كميات كبيرة منها.