تساؤلات عديدة برزت بعد المقابلتين التحضيريتين للمنتخب الوطني أمام غينيا والسينغال، أين وقف كل المتتبعين على الأداء غير المقنع لـ “ الخضر “ لا سيما في المباراة الأولى، أين أصبح الاختبار ليس للمنتخب وإنما للناخب الوطني كريستيان غوركوف الذي عاش أصعب مرحلة له كمدرب، خلال الأسبوع الماضي، بالنظر لعدم رضى الجمهور على الورقة التي قدمها في “ الامتحان “ الذي اجتازه مع المنتخب الجزائري، الأمر الذي أدى به الى الظهور في الندوة الصحفية بوجه لم يعتده الجمهور من شدة الضغط الذي عرفه في فترة وجيزة.
ففي الوقت الذي كان من الممكن أن يربح الفريق الوطني العديد من الأشياء خلال التربص الماضي باجراء مقابلتين وديتين من أعلى مستوى حدث العكس و ضيع التركيز و خطة العمل التي قد تؤثر على المواعيد الرسمية ، خاصة و ان غوركوف ظهر غير متحمسا للبقاء في منصبه .. من خلال التصريح الذي قال فيه: “بالنسبة إلي سأكون بعيدا عن المنتخب بعد شهر بعد مباراة تانزانيا “ .. الحقيقة ان غوركوف قد يصل الى هذه الحالة إذا أخفق مع “ الخضر “ كونه أمضى على “ عقد بأهداف “ الذي يحمل ضرورة التأهل الى المونديال القادم بروسيا .. و الشيء الذي نتمناه هو أن يجتاز المنتخب الوطني عقبة تانزانيا و تهدأ الأمور بالنسبة للطاقم الفني الذي بإمكانه العمل للمشاركة في الدور الثالث من تصفيات كأس العالم 2018 .
المقارنة مع هاليلوزيتش دائما.. لماذا ؟
وقبل الوصول الى ذلك فمن الضروري تحليل الوضعية التي يعمل فيها غوركوف في المنتخب الوطني والانتقادات التي طالته، أحيانا تكون منطقية و أحيانا أخرى بعيدة كل البعد عن رؤية الحقيقة .. فكل عشاق “ الخضر” كانوا ينتظرون ان يرون الفريق الوطني بكل قوة من الناحيتين الفنية و التكتيكية مقارنة باللقاء الأخير للمنتخب في المونديال الماضي بالبرازيل خلال عهد المدرب هاليلوزيتش، أي أمام ألمانيا، أين أبهر الفريق الجزائري كل المتتبعين عبر العالم بوجه مشرف و كبير .. فالمقارنة هي التي جعلت عمل الناخب الحالي متواضع، ففي كل التحاليل نجد العودة الى المونديال السابق لتبرير فشل غوركوف .. لكن من جهة أخرى ننسى ان الوصول الى مستوى المونديال جاء بعد عمل لعدة سنوات بمجموعة من اللاعبين ووفق استراتيجية من المدرب البوسني الذي عرف كيفية الوصول بالمنتخب الجزائري الى ذلك المستوى .
وللوصول الى ذلك المستوى مرّ هاليلوزيتش بمراحل كثيرة و صعبة، والكل يتذكر ان المنتخب الوطني سجل أحد أسوأ النتائج في كأس إفريقيا عام 2013 ، و الكل طالب بضرورة رحيل هاليلوزيتش، لكن تجديد الثقة فيه جعله يعمل وفق استراتيجية سمحت له الوصول الى المستوى الذي عرفناه .. لهذا فالمقارنة في هذه النقطة غير مجدية تماما .. خاصة إذا رأينا أن الناخب الوطني الحالي يمر ببعض الصعوبات من ناحية الغيابات الكثيرة للاعبين الأساسيين و التي أثرت على توازن التشكيلة و في كل مرة يضطر غوركوف الى اجراء تغييرات و لا تتشابه التشكيلات التي لعب بها في تقريبا كل المقابلات .
المقابلات الودية
لتجريب اللاعبين أم لوضع خطة ؟
و بالتالي من الضروري ان نضع التحليل المنطقي في مقدمة النقاط و لا نسير في الرواق الذي قد لا يعطي النتائج المنتظرة، لأن تحضير المنافسات الرسمية قد يكون من خلال الصعوبات التي نجدها في المقابلات الودية، والعارفين لخبايا كرة القدم يجدون ان الفريق الوطني في السنوات الماضية كانت له مثل هذه التجارب لكن المدربين آنذاك عرفوا الطريقة المثلى التي مكنتهم من تجاوز هذا الضغط و المرور بسلام في المقابلات التصفوية التي سمحت للمنتخب الوطني تسجيل نتائج كبيرة .
لكن الأمر الذي يؤخذ على غوركوف هو اصراره على خطة معينة دون التفكير في بعض التغييرات التي قد تعطي الفعالية للمنتخب الوطني من خلال تكراره على أنه يلعب دائما بخطة 4 – 4 – 2 مهما كان المنافس ، وهذا الاتجاه الذي يمنح للمنافس “ راحة “ أكثر في كيفية اللعب أمام المنتخب الوطني المعروف بخطة مدربه، في الوقت أن كرة القدم الحديثة، تؤكد ان الخطط أصبحت مرنة و بإمكاننا تغييرها أثناء المقابلة من خلال تمركز الفريق المنافس، أو أن المدرب يلعب في كثير من الأحيان، بحسب امكانيات اللاعبين الذين يملكهم، وهنا نعود الى “ ذكاء “ هاليلوزيتش الذي استخدم امكانيات فغولي و محرز على الجهتين و سليماني في وسط الهجوم .. في الوقت الذي يقدم غوركوف مهاجمين في الخط الأمامي اللذان لا يمكنهما الحصول على كرات عديدة بسبب النقص الموجود في وسط الميدان .. و بالتالي فإن خطته أنقصت من الفعالية التي كانت موجودة في الهجوم .
ذهاب بوقرة أثّر
على توازن المجموعة ...
والأمر البسيكولوجي الذي كان من الممكن أن يسير في رواق أحسن بكثير ، أصبحت فيه العديد من الهفوات الخاصة باللاعبين الذين -البعض منهم- لا يتحمّل تعويضهم أو الاعتماد عليهم في بعض المقابلات مما يؤثر على تركيز الفريق ككل .. لذلك فإن هذا الجانب له دور كبير في التغيير الذي حصل على التشكيلة من خلال اعتزال القائد السابق للمنتخب الوطني “ الماجيك “ مجيد بوقرة الذي كان بمثابة قدوة حقيقية لزملائه الذين يسيرون على خطاه .. لكن حاليا فإن الناخب الوطني يبحث عن هذا اللاعب الذي يكون كقائد حقيقي لزملائه فوق الميدان.
ملعب 5 جويلية يوفر
كل الظروف .. لكن ؟
أما قضية اختيار ملعب 5 جويلية للعب المقابلتين الوديتين، برأي كل محبي كرة القدم و المنتخب الوطني فإنه كان قرارا صائبا بالنظر للظروف الموفقة للاعبين و الجمهور .. و مكان المنتخب الوطني بهذا الملعب التي تحققت فيه انتصارات تاريخية للكرة الجزائرية، لا سيما و أن سعته تسمح لدخول الجمهور بأعداد غفيرة، وأرضيته تحسنت بكثير و تُسهل آداء اللاعبين .. و بالتالي، فإنه من الضروري ان لا يتم التركيز على ان جمهور ملعب 5 جويلية لا يشجع بطريقة موفقة .. رغم ان غوركوف وقف على لحظات من الضغط من خلال صافرات الاستهجان التي طالته، لا سيما في المباراة الثانية أمام السينغال .. في الوقت الذي لم يتم التركيز على بعض الأشياء الايجابية التي حدثت و التي قد تعطي للمنتخب الوطني قوة أكثر و المتعلقة بمشاركة العديد من اللاعبين المحليين في مباراة السينغال و بامتياز، و بامكاننا ان نذكر المردود المميّز لكل من زيتي ، بدبودة ، بلقروي في الدفاع الذي كان يعاني في الآونة الأخيرة .. كما أن الحارس دوخة استعاد توازنه بشكل جيد و أدى مباراة في المستوى .
و لعلّ ان هذه الملاحظات قد تصب في صالح المدرب غوركوف الذي لم يكن محظوظا في فترة عرفت غياب عديد اللاعبين على غرار بلكالام، غولام ، حليش، مبولحي ، بن طالب، ماندي .. الى جانب تراجع آداء فغولي و في بعض الأحيان براهيمي .
فالدور القادم من تصفيات كأس العالم أمام تانزانيا سيكون الاختبار الذي سيكون فاصلا، و لو ان الظروف ستكون مغايرة على ما شاهدناه في المقابلات الودية، أين سيعود أغلب اللاعبين الأساسيين للمشاركة في الموعد الذي سيكون من غير العادة في الـ 3 أيام بين الذهاب و الاياب حيث يتنقل المنتخب الوطني الى دار السلام لاجراء مباراة الذهاب المقررة يوم 14 نوفمبر على أن يجري لقاء العودة يوم 17 بنفس الشهر و قد يكون ذلك بملعب 5 جويلية .