نقائــــــص تنظيميـــــة بالجملـــــة في “كــــــان” الكامــــيرون

محمد فوزي بقاص

 

- مؤهّلات الجزائر تضعها في موقـــع قوّة لاحتضــان دورة 2027
- ملاعـــب ذات جودة ستسلــــّم مستقبــلا لتدعيم حظوظ الجزائر

 حصدت نهائيات كأس أمم إفريقيا المقامة حاليا بالكاميرون العديد من النقاط السلبية، خصوصا فيما يتعلق بالتنظيم العام للدورة والمنشآت الكروية والفندقية التي احتضنت العرس القاري، الأمر الذي جعل عشاق الساحرة المستديرة داخل وخارج القارة، يقارنون الطبعة الحالية بسابقتها التي أقيمت بمصر صيف 2019، وجعلت الجميع يتفق على أن الفارق شاسع بين الدورتين، وأنّ هناك بلدان تعد على أصابع اليد في القارة السمراء باستطاعتها احتضان محفل كروي قاري في مقدمتها الجزائر، التي يرشحها الكثيرون لاحتضان نهائيات كأس أمم إفريقيا 2027، بعد تسليم التحف الكروية الأربعة التي يتم تدشينها خلال الأشهر القليلة المقبلة.
 

«الكاميرون قدّمت أجمل طبعة لكأس أمم إفريقيا منذ نشأتها”، تصريح غريب لرئيس الاتحاد الكاميروني النجم السابق لكرة القدم الإفريقية سامويل إيتو، الذي تحدى الجميع قبل انطلاق نهائيات كأس أمم أفريقيا في مقدمتهم رئيس الاتحاد الدولي للعبة جياني أنفانتينو، الذي كان يعارض فكرة إقامة الدورة خلال شهر جانفي مؤكدا عدم جاهزية الكاميرون لاحتضانها، فبغض النظر عن تدخله في شؤون القارة ومحاولة خدمة الفرق الأوروبية في مقدمتها الإنجليزية التي ضغطت لتأجيل الدورة، بتواطؤ من مسؤولين فاعلين في القارة، فإن أنفانتينو كان محقا حين قال بأنّ الكاميرون غير جاهزة، والدليل أننا سجلنا العديد من النقاط السلبية في التنظيم والمنشآت، وفتحت باب النقاش عن أهم البلدان القادرة على احتضان العرس الكروي القاري مستقبلا.

فضائح مباراة تونس ومالي

 عرفت نهائيات كأس أمم إفريقيا بالكاميرون عدة عجائب وغرائب لم تحدث يوما في عالم كرة القدم العالمية، في مقدمتها فضيحة الحكم الزامبي جاني سيكازوي الذي حكم لقاء منتخبي تونس ومالي عن الجولة الأولى من الدور الأول عن المجموعة السادسة من “الكان”، وهي المواجهة التي عرفت حدثا تاريخيا بإعلان صافرة النهاية في مناسبتين، فيما لم تتحقق الثالثة بعد رفض نسور قرطاج العودة إلى الميدان للعب الوقت البدل الضائع.
فضيحة مباراة تونس عرفت إعلان الحكم نهاية اللقاء في (د 86) وسط احتجاجات واسعة للاعبين التونسيين وطاقمهم الفني، قبل أن يتراجع بعد تدخل مساعديه الذين أكّدوا له أنه تبقى من الوقت الأصلي 4 دقائق كاملة، ليستأنف اللقاء من جديد ويعلن عن نهايته قبل 45 ثانية كاملة عن نهاية الوقت الأصلي، في الوقت الذي كان فيه الحكم الرابع يهم بالإعلان عن الوقت الضائع، وهو ما دفع التونسيين للاحتجاج بشدة، ليقرر بعدها الطاقم التحكيمي العودة إلى الميدان لاستكمال الوقت البدل الضائع، لكن أشبال منذر الكبير رفضوا العودة وطالبوا بإعادة المواجهة الأمر الذي تم رفضه، ليتم الإعلان عن فوز المنتخب المالي يومين بعد ذلك بهدف دون رد بقرار من “الكاف”.
بعد نهاية المواجهة أفادت تقارير إعلامية عدة أن الحكم الزامبي، تمّ نقله على جناح السرعة إلى المستشفى بعد تعرضه لضربة شمس حادة أثناء اللقاء، وهو ما يفسر غيابه فوق الميدان للمطالبة بلعب الوقت البدل الضائع، ليفسر سيكازوي منذ يومين بأنه جانب الموت ولو لم ينقل إلى المستشفى بسرعة، لكانت نهايته وشيكة بعد تعرضه لضربة شمس.
تحليل مباراة تونس ومالي يخلص إلى تواجد 3 فضائح كاملة، الأولى خوض المباراة على الساعة الثانية زوالا في موسم الصيف بالكاميرون، وهو الأمر الذي لم يتحمله حكم من داخل القارة متعود على الحرارة الشديدة، الأمر الذي كاد يودي بصحته، وأثر كثيرا على مردود اللاعبين فوق المستطيل الأخضر، وهنا توجه أصابع الاتهام للكونفدرالية الأفريقية التي نظمت عددا كبيرا من المباريات في الظهيرة كان للمنتخب السنغالي النصيب الأكبر منها بخوض مواجهتين، فيما أن الفضيحة الثانية هي عدم إعلان نهاية اللقاء في مناسبتين والثالثة دون تواجد المنتخب الثالث، والفضيحة الثالثة والأخطر هي عدم إعادة اللقاء خصوصا في ظل التقارير التي أكدت الحالة الصحية التي كان يتواجد فيها الحكم، والتي أثرت على قراراته.

أرضية ميدان ملعب جابوما

 فضيحة أخرى صنعت الحدث خلال نهائيات “كان” الكاميرون هي أرضية ميدان ملعب جابوما بمدينة دوالا، التي احتضنت المباريات الثلاثة للمنتخب الوطني وحرمته من لعب كرته المعتادة، وكانت سببا في إصابة عدد كبير من لاعبي المنتخبات الأربعة المتواجدة في المجموعة الخامسة، بينهم مدافعي المنتخب الوطني بدران وبن العمري، بالإضافة إلى حارس منتخب كوت ديفوار سونغاري الذي تعرض لإصابة خطيرة على مستوى الركبة، كلفته هدفا في الأنفاس الأخيرة لمواجهة سيراليون وإنهاء “الكان” مبكرا.
بالرغم من رداءة الأرضية التي انتقدتها المنتخبات الأربعة عن المجموعة الخامسة، وأكدت الصور عدم صلاحيتها إلا أن إيتو هاجم الجميع، وقال بأن مهمته ليست إسعاد الجميع بل تنظيم دورة في كرة القدم، وقبل مباراة منتخب بلاده ضد غامبيا في ربع نهائي الدورة التي احتضنها جابوما، ذهب إلى أبعد من ذلك حين قال “جابوما تحفة فنية وأحد أجمل ملاعب القارة والتحدث عن الأرضية مهمة المنتخبات التي لا تجيد لعب كرة القدم”، تصريح دافع به رئيس الاتحاد الكاميروني عن ملعب جابوما، لكنه بالمقابل لم يحم به نجميه متوسط الميدان هونغلا والظهير الأيمن فاي، اللذين تعرّضا لإصابة في الكاحل والفخذ على التوالي، بسبب الأرضية الكارثية للملعب وسيفتقدهما المدرب أوليفييرا اليوم في نصف النهائي ضد المنتخب المصري، الأمر الذي سيخلط أوراق الطاقم الفني كون اللاعبين مهمين في نهجه التكتيكي.

حادثة ملعب أوليمبي

دورة الكاميرون لم تعرف الفضائح التحكيمية وعدم جاهزية المنشآت، بل حتى فضائح تنظيمية عديدة أثرت سلبا على معنويات المنتخبات المشاركة.
«كان” 2021 تعدّدت الفضائح ولامست الأرض، بعد حادثة التدافع بملعب أوليمبي في مواجهة الكاميرون لمنتخب جزر القمر بثمن نهائي الدورة، حادثة أودت بحياة 8 مناصرين وإصابة عدد كبير بجروح متفاوتة الخطورة، وجعلت رئيس “الكاف” باتريس موتسيبي يتحرك ويقرر غلق الملعب، مصرحا “سيتم غلق ملعب أوليمبي إلى غاية أن تتوفر شروط الأمن والسلامة في الملعب”.
وأضاف “الأمن ليس من صلاحيات الاتحاد الأفريقي لكرة القدم بل من اختصاص اللجان المحلية”، وهي نقطة سواء جديدة أضيفت لتنظيم نهائيات أمم أفريقيا.

المنشآت الرّياضية والفندقية للجزائر ستعيد هيبة “الكان”
 
 تنظيم “كان” الكاميرون دون مراعاة تنظيم احترافي وتوفير الجودة في المنشآت الرياضية والفندقية التي احتضنت الحدث، أعادت القارة السمراء إلى النقطة الصفر خصوصا بعد الدورة الناجحة بمصر التي غابت فيها الكولسة، وتوفّرت فيها كامل شروط الراحة والنجاح، حيث لم تهمل فيها أي نقطة في التنظيم، الأمر الذي سمح لـ “الخضر” من افتكاك التاج القاري الثاني في تاريخها، وهو ما يؤكد أن الجزائر بمنشآتها الفندقية والرياضية وخبرتها الكبيرة في تنظيم دورات رياضية كبرى، يمكنها احتضان دورة 2027 بكل سهولة، وهو الأمر الذي لن تمانعه السلطات وستبحث عن بلوغه خاصة بعد الفشل في احتضان “كان” 2017، وتفضيل الغابون بدلا عن الجزائر من قبل المكتب التنفيذي لـ “الكاف”، لخلافة ليبيا التي كانت تعيش وضعية أمنية صعبة.
من جانبه، رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم شرف الدين عمارة أكد في تصريح صحفي لقناة “أم. بي. سي” مصر، أن ملف احتضان الجزائر لكأس أمم إفريقيا يتم التفاوض فيه مباشرة مع السلطات العليا للبلاد، وقال بهذا الشأن “نحن بصفتنا اتحاد الكرة في الجزائر، سندرس فرضية الترشح لنيل شرف احتضان كأس أمم إفريقيا 2027”.
وتابع حديثه قائلا “عندما ننتهي من دراسة ملف الترشح كاملا سنقدم الاقتراح للسلطات العليا للبلاد التي ستفصل في الأمر”.

تأهيل ملعبين إضافيين كاف لاحتضان الدّورة

احتضان طبعة 2027 لن يكون أمرا صعبا على الجزائر، حيث أنّ الملاعب الأربعة التي يتم بناؤها بكل من براقي والدويرة بالعاصمة وملعب تيزي وزو، بالإضافة إلى ملعب وهران الجاهز الذي سيحتضن مباريات شبيبة الساورة في كأس الكونفدرالية الأفريقية خلال دور المجموعات، سيعززان فرضية احتضان الجزائر للطبعة الـ 37 من نهائيات كأس أمم إفريقيا بأربعة ملاعب جديدة.
كما أن اختيار الجزائر لاحتضان العرس الأفريقي لسنة 2027، لن يكلف السلطات أموالا كبيرة بما أن هناك 4 ملاعب جديدة جاهزة، ويمكن للجزائر إعادة تهيئة ملاعب 5 جويلية الأولمبي بالعاصمة، وملعب حملاوي بقسنطينة وكذا ملعب 19 ماي بعنابة، لتنظيم دورة في المستوى العالي، خصوصا أن مدن الجزائر العاصمة ووهران وعنابة وقسنطينة تحتوي على مجمّعات فندقية راقية، ومراكز رياضية تتوفر على كامل وسائل التحضير والاسترجاع، الأمر الذي سيقوي ملف الجزائر لنيل شرف تنظيم أمم إفريقيا.

احتضان الجزائر لنسخة وحيدة يقوّي حظوظها

 كما أنّ احتضان الجزائر للعرس القاري في مناسبة وحيدة منذ نشأة أمم إفريقيا، سيزيد من فرضية تنظيم أكبر بلد بالقارة السمراء للعرس القاري، خصوصا أن هناك بلدان احتضنت الطبعة في عدة مناسبات على غرار مصر (4)، تونس وغانا (3)، وكوت ديفوار والسودان وإثيوبيا والكاميرون ونيجيريا والغابون (2)، وهو ما يعد ظلما بالنسبة للجزائر التي تملك إمكانيات مادية وبشرية كبيرة لاحتضان منافسات رياضية من الطراز العالي، مثلما أظهرته في أكثر من مناسبة.
عكس الكاميرون التي عانت فيها المنتخبات المشاركة من قساوة الطبيعة، بسبب الحرارة والرطوبة العاليتين، مناخ الجزائر سيضمن للمشاركين طبعة مميزة بالرغم من برمجتها في فصل الصيف، حيث أن الملاعب المذكورة أعلاه تحتوي على الإنارة، ويمكن لـ “الكاف” برمجة لقاءين تحت الأضواء الكاشفة ولقاء واحد بداية من الساعة الخامسة مساء، وهو ما سيرفع مستوى الدورة ويعطيها أكثر قوة وسيكسبها قيمة عالمية.

نجاح الألعاب المتوسّطية بوهران سيضع الجزائر في موقع قوّة

من جهة أخرى، ستكون ألعاب البحر المتوسط التي تحتضنها الجزائر شهر جوان المقبل، عاملا مهما للضغط أكثر على الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، من أجل منح الجزائر شرف تنظيم الكأس الثانية في تاريخها بعد تلك التي احتضنتها سنة 1990، حيث أن نجاح الأولمبياد المصغر بحضور كامل دول البحر الأبيض المتوسط، سيضع الجزائر في موقع قوة.
يلزم لمسؤولي الاتحاد الجزائري لكرة القدم، حفظ درس الخيانة التي تعرّض لها ملف الجزائر لاحتضان نسخة 2027، والتصدي للعبة الكواليس وضمان المساندة للملف الجزائري، لجلب أكبر محفل كروي للجزائر قصد إسعاد الجماهير، ولم لا وقوف الشعب الجزائري على تتويج جديد بأرض المليون والنصف مليون شهيد، الذي سيبقى خالدا في أذهان الجميع مثلما حدث ذلك سنة 1990.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19654

العدد 19654

الأحد 22 ديسمبر 2024
العدد 19653

العدد 19653

السبت 21 ديسمبر 2024
العدد 19652

العدد 19652

الخميس 19 ديسمبر 2024
العدد 19651

العدد 19651

الأربعاء 18 ديسمبر 2024