يعتبر رئيس جمعية الستار للمسرح وفنون العرض مكي سوداني أن التطرق إلى التعريف بالعروض البهلوانية يشتمل على جانبين مهمين، أولهما شخصية المهرج وهي شخصية تهتم بتقديم التنشيط المسرحي وتعتمد في ذلك على أغاني وألعاب والتي تدخل في تصنيف العروض البهلوانية، والبهلوان الذي يعتمد على ألعاب الخفة والخفة الجسمية في التحرك على الركح، وكليهما يمثل جزءا من الفرجة المسرحية التي تعتمد على إتباع قواعد التنشيط والترفيه للمتفرجين.
يعدّ العرض البهلواني نوع من صنع الفرجة التي لا تعتمد على القواعد المسرحية بشكل كبير، لذلك هو من الأعمال المسرحية السهلة الممتنعة، خاصة وأن البهلوان من خلالها يتوجّه بما يقدمه إلى الأطفال والعائلات الذين يشاركونه في خلق أجواء ممتعة على المسرح وذلك بهدف إسعاد الأطفال.
ويقدم هذا الفن للمتفرج العديد من القيم التربوية والترفيهية عبر وسائل ورسائل متعدّدة كالأغاني والنصائح والمعلومات العلمية والدينية، كما تتنوع أماكن العروض فيه من فضاءات مغلقة إلى ساحات عامة ولا يستند حسب محدثنا فن العروض البلهوانية إلى قوانين تضبطه بل يؤسس له بناء على قواعد، كما أنه ليس فنا سهلا إذ يعد من أرقى فنون الفرجة والمسرح التي قصدها جلب الجمهور والأطفال تحديدا، ويمثل أحد فنون العرض التي تعبر عن إبداع شخصي فني ورياضي..
وتعتمد قواعد العرض البهلواني على احترام الجمهور المتابع مهما كان سنه بتقديم أداء جيد ونوعي والتمسك بضرورة التدريب القبلي والابتعاد عن الأداء الارتجالي، وإن كان دور البهلوان يتطلّب بعض الارتجال الإيجابي، إلا أن استخدام أفراد ليس لهم من الخبرة ما يؤهلهم لأداء هذا الدور قد يؤدي إلى حدوث كوارث فوق الخشبة، خاصة وأن تعاملهم يكون مع جمهور الطفل الذي يصنّف على أنه جمهور حسّاس جدا ولابد من احترامه واحترام بساطة تفكيره وبراءته.
وتوقف المسرحي مكي سوداني عند واقع فنون العرض البهلوانية في بلادنا التي أضحت تشكل يقول: «ظاهرة، نظرا للانتشار الكبير الذي تعرفه العروض البهلوانية وبشكل واسع وعلى الرغم من إيجابية ذلك، إلا أن الأمر تحوّل إلى التمييع في بعض الأحيان كما ذكر محدثنا، مما أدى إلى تقمص دور البهلوان من قبل أشخاص غير مؤهلين لأداء مثل هذه العروض لأسباب تجارية بحتة، إذ أضحى أي شخص لا يملك أي خبرة في المجال يلبس شخصية البهلوان ويصعد على الخشبة لمواجهة جمهور الأطفال الذي يعد جمهورا لا يجب الاستهانة به مهما كان صغر سنه، وهو الأمر الذي انعكس على مثل هذه العروض التي لم تعد تؤدي أي فائدة أو قيمة تربوية وأخلاقية، كما كان يجب أن تكون عليه، حتى أن الطفل لم يعد بإمكانه التفريق بين الخير والشر من خلالها».
إلزامية مراعاة سنّ الطفل وقدرة تركيزه لدى تقديم العرض
وفي تعليقه على مستوى الاهتمام الذي تبديه الجهات المسؤولة لهذا النوع من الفنون، فقد أكّد نفس المتحدث على أن «كل فنان يحترم نفسه وجمهوره سيقدم له الأحسن، فالقضية بذلك تتعدى اهتمامات دولة أو وزارة، موضحا أن التوجه العام يشجّع الإبداعات الفنية ولا يوجد حجر على أي منها غير أن عقبة الجمهور هي المرجحة».
وأبرز مكي سوداني في معرض حديثه أنه «في الوقت الذي يكون فيه العديد من فرق العرض المسرحي المحترمة جدا والتي تقدّر خصوصية التعامل مع الجمهور بشرائحه المختلفة وتحترم سنّ المتلقي وخصوصية مواضيعه، نجد أن هناك العديد من الفرق أيضا التي لا ترى في العرض البهلواني سوى عملا تجاريا محضا ومعظمها لا تهتم بقدرة الشخص المتقمص لدور البهلوان على التمكّن من السيطرة على تركيز الطفل المتلقي والتأثير فيه باستخدام أساليب إقناعية تراعي سنه وتستوعب مستوى تفكيره».
الحذر واليقظة مطلوبان لدى التعاقد مع البهلوان
ولتفادي السماح باستمرار عملية التلاعب بعقلية الطفل أوضح أنه لابد على المؤسسات التربوية أن تكون أكثر وعيا بمسؤولياتها إزاء الأشخاص الذين تتفق معهم لأداء العروض أمام الأطفال المتمدرسين، ذلك أن تأثير ضعف النصّ وعدم قدرة الشخص الذي رشّح من طرف الفرقة لتقديمه على المسرح، خاصة إذا لم تكن له تجارب سابقة أو لضعف مستواه اللغوي قد يؤدي إلى عكس قيم سلبية على الطفل المتلقي.
من هنا ذكر أنهم من جهتهم كجمعية تمثل إحدى فعاليات المجتمع المدني وبناء على الشعور بمسؤولياتهم إزاء المجتمع والطفل باعتباره اللبنة الأساسية لبنائه، سيعملون على تقديم اقتراح رسميا أمام مديرية التربية لولاية ورقلة من أجل تنبيه المؤسسات التربوية إلى ضرورة التعامل مع الجمعيات المعتمدة من طرف الدولة والمتخصصة في مجال المسرح وفنون العرض لتحديد الفرق القادرة على أداء مثل هذه العروض، مشيرا إلى أنه قد عمد كرئيس جمعية على تأسيس لجنة مختصة في المسرح تتولى مهمة إجراء مقابلات تقييمية لمستوى الفرق الراغبة في تأدية عروض بالمؤسسات التربوية، فإذا تمّ التوصل إلى أن عمل الفرقة جيد ويستحق يتم الموافقة على نشاطها، وإذا كانت تخصها بعض النقائص يتمّ التكفل بتأطير عناصرها وعقب التأكد من جاهزيتها توجّه لأداء العروض أمام الأطفال، أما إذا تمّ اكتشاف ضعف أدائها فيرفض طلبها.