يرى الدكتور أحمد بناني، كاتب وأستاذ اللسانيات بالمركز الجامعي الحاج موسى أق أخاموخ بعاصمة الأهقار، في حديثه مع «الشعب»، أن أدب الشهيد رافد الساحة الأدبية الجزائرية وزعيم مرجعيتها، خاصة وأنه وعى الثورة الجزائرية، والتي ليست كباقي الثورات، حيث رافقها وعي فكري وثقافي حمل لواءه جيل من الأدباء والمفكرين والشعراء والروائيين الذين يشهد التاريخ بأن المستعمر نكّل بهم أشد التنكيل، مما يدل على الوعي الذي بثّه هؤلاء في نفوس الجزائريين.
أكد بناني بأن الساحة الأدبية الجزائرية، حبلى بأدب الشهيد ولا أدل على ذلك من كتابات «صالح خرفي» في هذا المجال وهو الذي خلّد أدب الشهيد في دراسته الشعر الجزائري، حيث جمع شعرا ليس يسيرا مما كتب في أدب الشهيد وبخاصة أنه أشار إلى قصائد تناولت أدب الشهيد دون أن يعرف قائلوها وهي عالية الجودة ومحكمة السبك ثرية المعاني حول معاني الشهادة والإباء، وكذا «عبد الله الركيبي» عن أدب الشهيد من خلال فئة جمعت بين المقال الأدبي والشعر والأدب السياسي يمثل لذلك بمبارك الميلي والطيب العقبي وعبد الحميد ابن باديس، وكذا أحمد توفيق المدني وكذا السعيد الزاهري ومحمود أبوزوزو وعبد الحميد مهري.
يضيف الدكتور بناني، حتى الفنون الأدبية الأخرى، على غرار القصة والرواية الجزائرية، إحتفت بأدب الشهيد وذلك من خلال ما كان ينشر إبان الحقبة الاستعمارية من قصص في الجرائد الجزائرية، كالقصص التي كانت تنشر في جريدة الشهاب، والبصائر ومنها قصص السعيد الزاهري، وأحمد بن عاشور، ورضا حوحو، بل في اللحظة التي أعدم فيها رضا حوحو أحد أعلام أدب الشهيد ورائد القصة الجزائرية، وتوقف جريدة البصائر، رسمت هذه اللحظة معالم تشكل أدب الشهيد في قصص جزائرية محكمة النسج مع عبد الحميد بن هدوقة، ومحمد صالح الصديق وبخاصة مجموعته «عميروش» و»الخالدون» وأبوالعيد دودو، وعثمان سعدي، والحبيب بناسي.
كما سعى الروائيين يقول بناني، من المشهد الأدبي المعاصر إعادة الإعتبار لأدب الشهيد، على غرار أعمال الجيل الأول من الروائيين الجزائريين كالطاهر وطار في أشهر روايتيه «اللاز والزلزال»، وعبد الحميد بن هدوقة في «ريح الجنوب»، و»جازية والدراويش»، وأعمال واسيني الأعرج، وزهور ونيسي، ولحبيب السائح، بل حتى الجيل الجديد من الروائيين الجزائريين اتخذ من أدب الشهيد مرجعا له، على شاكلة أحلام مستغانمي التي منحت الشهيد حالة جمالية من خلال رموز وعلا مات في أعمالها، وكذلك ياسمينة صالح، وبشير مفتي.
أضاف الكاتب بناني، بأن أدب الشهيد حمل الجزائريين على رفض الظلم والطغيان، فثاروا راغبين في الحرية والانعتاق، وهو ما ننعم به الآن بفضل مشكاة أشعارهم وقصصهم ورواياتهم، فهم الصدى لنبضات قلب كل ثائر من ثوار الجزائر، واللسان المترجم للأحاسيس المضطهدة، وترجيعا صادقا مع أنات الثكالى وجراحات الجزائريين لقد جعلوا الشهداء منارات للجيل فظلوا يذكون الحماسة، ويوقدون نار الثورة حتى أتى النضال أكله واستقلت الجزائر الحبيبة وولى المستدمر خاسئا، فكان فضل أدباء الشهيد كفضل الثوار بالسلاح سواء بسواء.