المختصة في علم المكتبات عتيقة بوعكاز لـ«الشعب» :

إعادة النظر في المنظومة الاجتماعية والثقافية

باتنة: حمزة لموشي

تدني مستوى المطالعة بسبب غياب دور الأسرة المحفز

يعود موضوع المقروئية في الجزائر إلى الواجهة الثقافية، في كل مناسبة تشهد فيها الجزائر أحداثا ثقافية هامة على غرار الصالونات الدولية والوطنية الخاصة بالكتاب والمنظمة بأغلب ولايات الوطن والتي شهدت حسب عتيقة بوعكاز نائب رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية باتنة في السنوات الأخيرة طفرة كبيرة في إنجاز المنشآت والهياكل القاعدية الثقافية على غرار المكتبات والمراكز الثقافية  ودور الشباب وقاعات المطالعة.

رغم تزايد عدد هذه المنشآت بشكل كبير مع التنوع والزخم الثقافي الهام الذي تشهده الجزائر من خلال احتضانها لعدد من التظاهرات الثقافية المسرحية والسينمائية والغنائية والأدبية العربية والدولية، الأمر الذي لم يواكب حسب ضيفة جريدة «الشعب» مسعى السلطات العليا ممثلة في وزارة الثقافية لإعادة الكتاب إلى أحضان الجزائريين الذين يبقون من بين أكثر الشعوب التي «لا تقرأ»، هذا الواقع الثقافي حسب عتيقة جعل من تلك الهياكل النوعية جسدا بلا روح ومجرد مبانٍ خاوية والتي صرفت عليها الدولة مبالغ مالية ضخمة لتحيين الكتب الموجودة بها واقتناء الأحدث نشرا، وذلك بسبب عزوف الجزائريين عن القراءة .

...تعدّدت الأسباب والمطالعة جليس الحلقة المفقودة
تعتقد السيدة بوعكاز مديرة مكتبة باتنة سابقا، أن الإعلام الثقافي بالجزائر لعب دورا رئيسا في «تحجيم» دور المقروئية والثقافة بصفة عامة ببلادنا باستثناء بعض المؤسسات الإعلامية الرائدة في ذلك خاصة العمومية منها على غرار جريدة «الشعب» الغراء والتي ما فتئت تشرح الواقع الثقافي بالجزائر من خلال ملفاتها الثقافية الأسبوعية والتي نحن بحاجة ماسة إليها، خاصة إذا كانت صادرة عن منابر إعلامية عريقة وموضوعية ولها باع طويل في الميدان، بسبب ضعف الإشهار الثقافي والخاص بإطلاع القارئ عن جديد دور النشر الجزائرية والعربية وحتى العالمية بأحدث العناوين والإصدارات.
بالإضافة لما سبق أشارت محدثتنا إلى أن أهم أسباب هجر الكتب عندنا هو قصر اهتمام دور النشر الجزائرية على كتب محددة دون غيرها لعوامل تجارية وربحية محضة كالترويج لكتب الطبخ والطفل والكتب المدرسية والدينية، باعتبار هذه الأنواع أكثر طلبا وتحقق أعلى معدلات السحب، كما أشارت إلى أنها وأثناء تسييرها لمكتبة باتنة البلدية لم يكن يتوافد عليها سوى الطلبة لإنجاز البحوث فقط.
 وترى السيدة بوعكاز الحاصلة على ماجستير علم المكتبات من جامعة الجزائر أن تدنى نسبة المطالعة والقراءة لدى الفرد الجزائري يعود أيضا لطبيعة المجتمع والذي لم تلعب فيه الأسرة دورها الضروري في ذلك بتحبيب القراءة للأبناء، لتأتي الطفرة التكنولوجية وتكمل على ما تبق من رغبة في القراءة، حيث أصابت العديد من المواقع الإلكترونية التي توفر للطالب والباحث سبل القراءة والتثقيف ومختلف الكتب العلمية الأدبية، بخمول من خلال توفير كتب الكترونية تستغل دائما لأغراض بحثية دراسية فقط.

إستراتيجية باتنة واضحة لتشجيع القراءة في المكتبات
وتفصل المختصة في علم المكتبات السيدة بوعكاز في الموضوع أكثر بالقول أن المقروئية ببلادنا تعتبر من أهم القضايا التي سخرت لأجلها الوزارة أغلفة مالية ضخمة لما لذلك من أهمية كبرى في تحسين مستوى الفرد الجزائري، الذي أكدت بشأنه الإحصائيات حسب المتحدثة أن  نصيبه من الكتاب مهما اختلف محتواه لا يزيد عن نصف كتاب في السنة كأكثر تقدير، ولعلّ هذا ما دفع بالدولة الجزائرية ممثلة في وزارة الثقافة بالتنسيق مع وزارة الداخلية إلى إنجاز المئات من المكتبات لمحاربة «العزوف» عن القراءة في الجزائر.
وببلدية باتنة سخر المجلس كل الإمكانيات لتشجيع المواطنين على القراءة حيث تتوفر المدينة على سبيل المثال على 4 مكتبات بلدية، موزعة عبر أكبر الأحياء بالبلدية فمكتبة المجزرة لوحدها يتواجد برفوفها أكثر من 80 ألف كتاب غير أن الإقبال عليها ما يزال ضعيفا لأسباب مختلفة ومتداخلة أحيانا أخرى.
كما ترى المتحدثة كحل للخروج من هاته الأزمة الثقافية ضرورة تربية جيل منذ الطفولة على حب القراءة والمطالعة، إضافة إلى تفكيك البنى الاجتماعية والثقافية التي تنشأ ضمنها هذه «المشكلة»، ذلك أن هناك ارتباطا وثيقا بين مشكلة وجود هياكل ثقافية كالمكتبات البلدية و»عزوف» الجزائريين عن المقروئية من جهة وبين مسألة الثقافة وقيمتها من جهة أخرى، فكثيرا ما تتعدى تداعياتها لتنعكس على المنظومة القيمية للمجتمع، وهذا ما لاحظته المتحدثة خلال مشوارها ودراساتها في لتخصص علم المكتبات.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024