دورات تكوينيــة للمستخدمـــين لتحقيـق الكفــاءات الرقميــة
ممثل اليونيسكو: لا بديل عن الاستثمار في التحول الرقمي
أطلق، أمس، مكتب منظمة اليونيسكو الإقليمي التقرير الإقليمي، ويضم خبراء ومختصين في مجال الرقمنة، يهدف إلى تحسين نوعية التعليم في المراحل التعليمية الثلاث الابتدائي، المتوسط والثانوي، وإبراز التطور الذي عرفه التحول الرقمي في بلدان المغرب العربي.
قال وزير التربية الوطنية محمد صغير سعداوي، في كلمة ألقاها نيابة عنه المدير العام للتعليم بوزارة التربية الوطنية قاسم جهلان، إن التعاون المثمر بين المكتب الإقليمي لليونيسكو والجزائر، من خلال برنامج تسهيل دعم أولويات الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، يدخل في إطار برنامج وزارة التربية الوطنية ضمن خارطة طريق 2020/ 2024 الذي يهدف إلى تحقيق جودة التعليم في الأطوار الثلاثة.
ومن الإصلاحات المدخلة على الأنظمة التربوية، صرح الوزير دمج التكنولوجيات الجديدة على أفضل وجه ممكن، والرامية إلى تحسين الأداء والمساواة والجودة، لمواجهة كل التحديات التي تهدد عرقلة تحقيق أهداف التنمية المستدامة في آفاق 2030، مع اقتراح توصيات استراتيجية لدعم هذا التحول لصالح جودة التعليم.
وأكد سعداوي، أن المنظومة التربوية الوطنية، قد خطت خطوات أكيدة وثابتة في مسار عصرنة أداء ورقمنة خدماتها، من خلال النظام المعلوماتي الذي يعد إنجازا معتبرا يرمي إلى تحسين نوعية العملية التعليمية وضمان الفعالية والتتبع والشفافية في التسيير في كل المجالات، ما يجعلها في سياق التطورات التكنولوجية المتسارعة في قلب التحول الرقمي الذي أصبح ضرورة ملحة.
وأفاد المتحدث، بأن البرنامج يدخل في صميم مخطط عمل وزارة التربية الوطنية ويهدف إلى تعزيز جودة التكوين المستمر لنواة وطنية من المكونين، مفتشين وأساتذة، في مجال ترقية المهارات الرقمية والتعليم عن بعد، وفي مجال تحسين تدريس الرياضيات التي تعد محور مختلف التخصصات التكنولوجية الضرورية لبناء اقتصاد الغد والجزائر الجديدة.
وأكد المسؤول الأول على القطاع، أن برنامج التعاون هو بداية لسلسلة من الأعمال والنشاطات التي تنوي وزارة التربية الوطنية تجسيدها في الفترة القادمة، بمرافقة منظمة اليونسكو، في سيرورة تجويد التعليم من أجل تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة في آفاق 2030، والأهداف النوعية للرؤية المستقبلية في منظور التحول في التربية.
وأشار الوزير، إلى الإنجازات التي حققتها المنظومة التربوية في مجال التحول الرقمي، حيث تمت رقمنة مختلف الإجراءات التي تمس الحياة المدرسية للتلميذ والحياة المهنية للأستاذ، وهذا تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، الرامية إلى تكريس مبدإ الشفافية والنزاهة والقضاء على الضبابية في تسيير الشأن العام، مما أسهم في تحقيق المساواة بين الجميع، وتحسين إدارة الموارد وتقليل التكاليف وتقليص الآجال الزمنية بشكل فعّال وهو ما يتلخص في لامادية الإجراءات.
وتم في سياق الإنجازات المحققة، توسيع تجهيز المدارس الابتدائية بالألواح الإلكترونية بصفة تدريجية لتشمل جميع المدارس الابتدائية، كإجراء يسمح بتخفيف وزن المحفظة ورقمنة جميع العمليات المرتبطة بتمدرس التلاميذ، وتسيير المسارات المهنية للموظفين، وتسيير الهياكل المدرسية، والامتحانات المدرسية والمهنية وتوظيف مستخدمي التربية الوطنية.
ومن ضمن الأعمال التي حققتها وزارة التربية الوطنية، وضع منصات وتطبيقات رقمية متخصصة للتعليم والتكوين عن بعد والتسيير، أهمها تطوير تطبيق معلوماتي على الهاتف المحمول لفائدة تلاميذ السنة الرابعة متوسط والثالثة ثانوي، من أجل مساعدتهم في التحضير للامتحانات المدرسية، إعداد منصة إلكترونية لتكوين أساتذة التربية التحضيرية، تطوير منصة رقمية لفائدة كافة المؤسسات التربوية من أجل تسهيل العمليات الإدارية وإنشاء تطبيقات خاصة كتطبيق الفانوس لضعيفي البصر والمكفوفين.
واعتمدت الوزارة، بحسب تصريح مسؤول القطاع، توجها ثاقبا نحو تحسين الجودة وزيادة الكفاءة في قطاع التربية، حيث أصبحت العمليات تجري بشكل أكثر فاعلية وسلاسة، ما يبرز دور التحول الرقمي في تجويد الخدمة العمومية، خاصة ما يتعلق بتقليل الأعباء الإدارية وتسريع عمليات المعالجة، وتحقيق تدفق أفضل للمعلومات والتفاعل السريع مع التحديثات والارتقاء بمستوى جودة الخدمات العمومية وتعزيز الثقافة الرقمية ونشر الوعي الرقمي وتوحيد معايير وأساليب التسيير وتغيير نماذج العمل وتغيير العقليات، مع زيادة كفاءة سير العمل وتقليل الأخطاء.
من جانب آخر، قال الوزير إن الرقمنة التي تنتهجها وزارة التربية الوطنية في كل مكونات المنظومة التربوية، من شأنها أن تجعل من الحكامة الرشيدة المنهج البديل لضمان الشفافية والدقة والمنهجية المبتغاة في كل جوانب التسيير، وفي تنمية كفاءات المدرسين والتلاميذ.
وأشار إلى ضرورة رفع مستوى تأهيل المدرسين بصفة عامة، من خلال تعزيز قدراتهم وتحسين أدائهم وفعاليتهم في مختلف مهامهم ضمن السيرورة التعليمية التعلمية، وتمكينهم الجيد من الكفاءات الرقمية من أجل ضمان نجاعة أكبر ومردود أحسن للمنظومة التربوية الوطنية.
فالتحول نحو الإدارة الرقمية لابد أن تصاحبه، بحسب الوزير، تنمية المهارات الرقمية. وبهذا الصدد، ستنظم وزارة التربية الوطنية خلال السنة الدراسية الجارية، عمليات تكوينية لفائدة مستخدمي النظام المعلوماتي وموظفي القطاع، لاسيما الأساتذة في المجالات التي لها علاقة باستعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال في حياتهم اليومية المهنية، لإكسابهم المهارات الرقمية الضرورية.
وستشرع وزارة التربية الوطنية، بعد استكمال رقمنة جميع العمليات المبرمجة والمتعلقة بالتسيير الإداري والبيداغوجي وقصد الوقوف على نقاط القوة والإنجازات المحققة في مسار الرقمنة، ستشرع في عملية تقييمية واسعة للنظام المعلوماتي، يشارك فيها كل المتدخلين من داخل القطاع ومن خارجه، وكل مؤسسات الدولة ذات الصلة حول هذا النظام المعلوماتي في نسخته الحالية، وفق ضوابط الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي في الجزائر 2025-2030، والتي سطرته المحافظة السامية للرقمنة، تعتبر المرجعية الوطنية والإطار المحدد لتجسيد التحول الرقمي.
من جهته، قال مدير المكتب الإقليمي لمنظمة اليونيسكو، ايريك فالت، إن التقرير السنوي اختار موضوع التحول الرقمي، بالنظر إلى التحولات التي تعرفها الأنظمة التعليمية عبر العالم، وتستدعي الاستثمار في هذا المجال للتأمين مع التغيرات الحاصلة عالميا. هناك العديد من المقترحات قدمت في التقرير لمواكبة هذا التحول، الذي لا يعتبر تحولا رقميا بقدر ما له أبعاد بيداغوجية وتعليمية عديدة.
وأضاف في هذا الإطار، بأن التقرير جاء بعد لقاء رفيع المستوى في تونس، جمع وزراء الدول الخمس، في فيفري 2024، وتم بناءً على طلب من الهيئة الأممية، تعيين مسؤول من كل بلد، يمثل قطاع التربية، للتنسيق في كل مراحل إعداد التقرير، ليتم بعدها، عقد ثلاث جلسات عمل لضبط الأبعاد التي يرتكز عليها التحول الرقمي.
وأوضح، أن التقرير الذي تم الكشف عن مضمونه، أمس، يتضمن مقاربة مبنية على الجهود التي بذلها القطاع، لمرافقة وإنجاح عملية التحول الرقمي، حيث تم انتقاء، يضيف، أحسن الممارسات التي تمكن هذا التحول من تحقيقها عبر المؤسسات التربوية.
وتضمن التقرير توصيات، موجهة إلى قطاع التربية، على غرار ضرورة تكريس تكافؤ الفرص في الحصول على الأنترنت، خاصة في المناطق النائية والمعزولة، إضافة إلى ضرورة ضخ مزيد من الأموال، لتمويل الاستثمار في هذا المجال، عن طريق إقحام القطاع الخاص، للمرافقة المادية لعملية التحول الرقمي.