الأستاذ عبد الرحمان صالحي لـ«الشعب»:

أنجع سلاح للدفاع عن الهوية والمرجعية القومية

ورڤلة: إيمان كافي

بما أن الثقافة تشكّل دعامة قوية في تاريخ الإنسان وتكوينه وشخصيته وملامحه الخارجية والداخلية الدفينة، فإن الإعلام الثقافي يعمل على نقل تلك الخصائص التي تمثل هويته وتراثه وتاريخه ومستقبله وحاضره، ولأن الإعلام الثقافي يمثل أحد أوجه الثقافات القوية والسلوك الحضاري القوي الممثل لمدى تماسك المجتمعات ونضجها الفكري والثقافي، فلا يمكن أن تنتشر الثقافة دون وجود إعلام ينقل حيثياث وخباب الهوية والثقافة، وبالتالي فإنه يبقى أحد الأسلحة الثقافية الكبيرة للمجتمعات.

 هذا هو رأي  أستاذ الإعلام والاتصال بجامعة قاصدي مرباح بورقلة عبد الرحمان صالحي، الذي أعتبر في حديث لـ»الشعب» أن الإعلام بمختلف أشكاله ووسائله رسالة حضارية يؤدي خدمة عمومية ووظائف عديدة، أهمها نقل الثقافة ونشرها وتداولها وضمان استمرارها ونقلها للأجيال القادمة».
أوضح ذات المتحدث، أنه وبخصوص دور الإعلام الثقافي في النهوض بالمشهد الثقافي أنه «لا يمكن إنكار أن هناك العديد من المبادرات الثقافية الهادفة والتي تركت لها أثرا على الساحة، إلا أن النهضة في المشهد الثقافي تبقى موجودة في شكلها الكمي لا النوعي».
  والملاحظ يقول «أن جل التظاهرات الثقافية ليست نوعية بل تهتم باستقطاب الجمهور على حسب نوعيته، كما أنه لا يمكن الحديث عن نهضة ثقافية ما لم تعط الدولة اهتماما متزايدا لكل ما هو ثقافي، مما قد يسمح بتوسيع آفاق الإعلام الثقافي الذي مزال محدودا محدودية وقصور الخارطة الثقافية في البلاد القادرة على النهوض فعليا بالثقافة المحلية وبعثها نحو العالمية.
 من الخطأ التركيز فقط على الفلكلور واللباس التقليدي والمناسباتيى
بالنسبة للأستاذ عبد الرحمان صالحي هناك تناول سطحي للثقافة من طرف الإعلام في الجزائر نظرا لتركيز اهتمام وسائل الإعلام على الفلكلور الشعبي واللباس التقليدي للمجتمعات واقتصار التعريف بالثقافات المختلفة على المناسبات فقط، في حين أن الأحرى بوسائل الإعلام أن تكون متابعة دؤوبة لكل ما يتعلق بالثقافة في البلاد ولتعريف الأجيال الجديدة والصاعدة والناشئة بتراث الأجداد، مضيفا أن اهتمام وسائل الإعلام بالثقافة يبقى هزيلا مقارنة بالمواضيع السياسية والاجتماعية والرياضية وهو أمر يرتبط من جهة أخرى بنقص اهتمام المواطن الجزائري اليوم بالثقافة، خاصة في ظلّ تشعب مجالات الحياة وصعوبتها.
ويرى هنا محدثنا أن دور الإعلام يبقى بعيدا عما يجب أن يكون عليه ما دام أنه مرتبط بمناسبات محددة، فمثلا وسائل الإعلام لا تهتم بالثقافة المحلية لمنطقة معينة إلا عندما يرتبط ذلك بمناسبات، كما أن تناول الإعلام للبرامج الثقافية التي تخصّ التراث المادي واللامادي يكون في أوقات متأخرة وغير مناسبة بمعنى لا تبث في أوقات الذروة، في حين أن الاهتمام بالإعلام الثقافي أكثر والتعرض لكل ما يخصه هو خطوة في الاتجاه الصحيح لضمان حركية واستمرارية تواصل التعريف بكل ما يتعلق بالثقافة ونقلها لباقي الأجيال والنشء، خاصة وأن الإعلام الثقافي من شأنه أن يساهم في انتقال الثقافات المحلية إلى العالمية أو الخروج بها من الدائرة الجغرافية المتواجدة فيها على الأقل وبذلك يساهم في التعريف بخصوصيات تلك المناطق.
التكنولوجيات الحديثة تساهم في توسيع آفاق الإعلام الثقافي
وذكر أستاذ الإعلام، أن الأفكار التي يمكن تطبيقها يجب أن ترتكز بالأساس على إعطاء مزيد من الاهتمام بالإعلام الثقافي للمساهمة في تقويته، مما يمنح فرصا أكبر للإبداع الفني، إضافة إلى منح اهتمام متكافئ لتفاصيل الحياة اليومية والتي تدخل ضمن ما يعرف بالتراث سواء كان ماديا أو معنويا، إضافة إلى تكثيف الزيارات والتبادلات الثقافية مع تغطية إعلامية مكثفة ومتواصلة من خلال إدراج حصص ثقافية دائمة لبناء قاعدة جماهيرية ضمن التخطيط البرامجي للقنوات مع التنويع في مجالات الثقافة.
وختم حديثه مؤكدا على أن الإعلام الثقافي يعد مساهما في بناء وتحديث المجتمعات خاصة في ظلّ التكنولوجيات الحديثة التي مكّنت من توسيع آفاق انتشاره محليا وقاريا زيادة على ذلك الاهتمام المتزايد الذي جعل منه تخصصا يدرس في الجامعات وتقام بخصوصه الملتقيات والندوات العلمية وذلك نظرا لأهمية دوره في الحفاظ على الروابط الثقافية بين الشعوب الشقيقة دون إهمال الدور الكبير المنوط بالصحافة المكتوبة والكتب والمخطوطات المتعلقة بالأرشيف للتوثيق والمساهمة في دفع عجلة الاهتمام بالإعلام الثقافي، وهو ما من شأنه أن ينعكس على أداء وتفكير الشعوب في ظل امتزاج الثقافات خاصة المحلية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024