إنشغال ما فتىء يزداد تكفلا به:

«الجنينــة» بديـــل الحظائــر..

جمال أوكيلي

«الجنينة» هكذا يسميها الجزائريون فضاء موجود في الوسط الحضري ينزلون إليه مباشرة من بيوتهم قصد الاستجمام والراحة رفقة أفراد من عائلاتهم وكبار السن والمرضى، وخاصة أولئك الذين يقطنون الطوابق السفلى في العمارات ويعانون من نقص في أشعة الشمس بعد الظهيرة يخرجون من بيوتهم باتجاه هذه الأماكن.
ويلاحظ أن جلّ هذه الحدائق بالعاصمة لها تصميم خاص وهندسة مدروسة بدقة كلها موجهة نحو ميناء الجزائر ونقصد هنا البحر كما توجد قبالته مجال مفتوح لا تعترضه البنايات حتى يستقبل التيارات الهوائية القادمة من خليج العاصمة.
وهذا التصور «العمراني» ليس اعتباطيا وإنما له دلالات صحية خاصة، تفيد قاصدين هذه الجهات للاستمتاع حقّا بالمزايا التي تقدمه للناس.. تندرج في إطار ثقافة مفهوم المدينة ومرور الزمن هجرت العائلات الحدائق العمومية بعدما تحوّلت وكرا إلى المنحرفين واللصوص الذين يفضلون ضرب مواعيد لهم، كما تمّ غزوها من قبل أناس غرباء عن تلك الأحياء وهذا ما ينطبق على ما يعرف بالسكوار بورسعيد الذي جمع كل الشباب ذوي السوابق العدلية والكثير كان يخاف على نفسه من المرور وسط الحديقة من اعتداء لسلب أمواله وسلوكات أخرى لا تليق بهذا المقام، وحاليافإن الأشغال جارية من أجل إضفاء ذلك الطابع الجمالي عليها بإعادة ترميمها كلية.
كما أن حديقة «مارانقو» الواقعة بمدخل باب الواد وقبالة ثانويتي الأمير عبد القادر وعقبة، مسّتها المشاريع الخاصة بالميترو كالحفر، مما أدى بالكثير إلى مغادرتها بسبب ذلك الازعاج الناجم عن أصوات الآلات الكثيرة هذا المكان يعدّ حقا نموذجا في شكل الحدائق تشبه تماما حديقة الحامة نظير ما تحمله من نباتات نادرة، زيادة على المساحة الواسعة الممتدة من الأعلى إلى الأسفل وكانت بالأمس تحوي على حوض للأسماك التزيينية لا أثر لها اليوم ومنذ أن غزا العتاد ممراتها توقف الناس على زيارتها حتى تلاميذ الثانويتين يتفادونها وهي التي كانوا يراجعون فيها دروسهم قبل دخول قاعات الامتحانات.
وهناك حديقة «المولان» بالطريق المؤدي إلى فندق الأوراسي احتارت بلدية الجزائر الوسطى بما تفعل بها في كل مرة تنطلق الأشغال بها ثم تتوقف والكثير من الشباب يقصدونها ويلتقون هناك كمكان للمواعيد اليومية، كما يسهرون ليلا هناك.
 وفي المستوى الأسفل هناك حديقة قصر الحكومة أو ما تعرف بـ» البسان» وأمامها حديقة «الحمام» وفي البريد المركزي هناك «صوفيا» كل هذه الفضاءات كانت بالأمس قطبا جذابا للعائلات.
فلماذا لا تذهب العائلات الجزائرية إلى الحدائق العامة؟ نعتقد بأنها ذهنية تولّدت عن عدة اعتبارات منها رفض رب العائلة تعرض الأفراد إلى تجاوزات، خاصة منها اللفظية مفضلا البقاء في المنزل أو الصعود إلى سطح العمارة أو الخروج إلى الأحياء الرئيسية. وقوع تغيير جذري في تركيبة العائلة الجزائرية بمعني أن الزوج والزوجة يعملان ولا وقت لديهما في الخروج معا كثرة استعمال السيارة الخاصة بدلا من السير على الأقدام ايجاد البديل الآخر وهو التوجه الى حدائق التسلية والمساحات التجارية الكبري أو الغابات.. ناهيك عن أسباب أخرى.
وبالرغم من  ذلك، فإن هناك نظرة جديدة بولاية الجزائر، تقوم على مبدأ الحدائق بدل الحظائر، وهو ما يتجسّد اليوم في العينات بالعاصمة بتافورة وأول ماي وإعادة إصلاح أخرى في انتظار منحها كل ما يلزم من أجهزة تسلية للأطفال مجانا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024