تقبع أكثر من 500 عائلة في مشاتي دمنة البرواق وفجّ البطمة ببلدية العوينات ولاية تبسة تحت ثلاثية أزمة قاتلة ميزتها إشكاليات العزلة والعطش والحرمان من الكهرباء، ما جعلهم يناشدون السلطات المحلية التدخّل آملين تحرّك الوالي للتحقيق في مشروع الطريق المجمّد وخزان الماء غير المستغل.
وقفت «الشعب»، عند معاناة السكان بنزولها إلى مشتة دمنة البرواق عبر مسالك ترابية كانت عبارة عن مطبات وحفر لا نهاية لها عبر الأودية والصخور في منطقة لا أثر للجسور الصغيرة فيها والمنشئات الفنية، حيث تتوزّع سكنات المواطنين بين مسالك ريفية تحاصرها الأودية الفرعية في كل الإتجاهات.
وعند توقفنا عند مجمع سكاني، تحدّث بعض الفلاحين عن معاناة أزلية ليقول أحدهم أنه يضطر هو وابنائه المتمدرسين إلى قضاء ليالي الشتاء الباردة خارج المنزل أو عند أحد الأقارب بمجرد بداية تساقط الأمطار التي تقطع الطريق نهائيا بسبب ارتفاع منسوب المياه في الأودية، ناهيك عن تحوّل المسالك الترابية إلى برك من الأوحال والطمي التي يعجز فيها سواق الجرارات المرور عبرها، ما عقّد أزمة حرية التنقل وفرض عزلة تامة على السكان على خلفية تدهور الطريق والحاجة الملحة لإنجاز جسور ومنشآت فنية تمكّن من خفض أخطار السيول على السكان ومنازلهم الهشّة.
خزان الماء دون جدوى
بعد سنوات من الإنتظار، لاح في الأفق أمل للسكان بالتخلص من أزمة العطش لانطلاق إنجاز خزان مائي بمشتة «العرقوب الأصفر» كان من المنتظر أن يخلّص كل مشاتي المنطقة من أزمة عطش حادة طال أمدها، إلا أن هذا الحلم ذهب أدراج الرياح ليؤكد أحد المواطنين بالمنطقة أن الخزان لم يستغل ولا ليوم واحد ولم تستفد منه المنطقة ولو بقطرة ماء، فمنذ إنجازه قبل 6 سنوات يؤكد قائلا، «ونحن ننتظر الفرج» ليفاجأوا بإصابة كل المضخات بالتلف والأعطاب، فيما عرفت شبكة المياه الموصولة به إهتراءً تاما في ظل مطالبة سكان هذه المشاتي بفتح تحقيق مع المقاولات التي أسندت لها صفقة إنجاز هذا الخزان وتعطل في ظلّ علامات استفهام كبيرة وغموض عن سبب اختيار مكان وكيفية إنجازه والسبب في عدم الاستفادة منه إلى أن أصبح عرضة للتدهور، فيما يرفض آخرون الحديث عنه.
أطفال يدرسون على الشموع
من جهة أخرى، أبدى أولياء الأطفال المتمدرسين حسرة كبيرة على المعاناة التي يتخبّطون فيها بسبب الظروف المزرية لمراجعة أبنائهم الدروس على الشموع ذات النوعية الرديئة ـ ومازاد الطين بلةّ ـ الإنعدام التام لحافلات النقل المدرسي، ما يرفع التحدي رحلة الآباء للبحث عن وسيلة نقل يوميا والتي قد تكون جرار أو شاحنة تستخدم لغرضين أحدهما نقل المواشي للأسواق والأخرى لنقل التلاميذ إلى المدارس.
فيما يضطر الكثير منهم لقطع المسافة 7 كلم مشيا على الأقدام للوصول إلى مدارس بلدية العوينات، أما الفتيات فإن لم تجدن أحد الأقارب للبقاء عنده طيلة أيام الأسبوع والرجوع لمنازلهن في العطلة الأسبوعية، فإنهن ينقطعن تماما عن الدراسة خوفا عليهن. ووسط سرد الكبار لمعاناتهم اليومية مع مشاكل المشتة، أكد الجميع على أن الأطفال يراجعون دروسهم على ضوء الشموع الخافت السريعة الاشتعال مع ما تخلفه من أثر على الرؤية
وتراجع في مستواهم الدراسي وتحصيلهم العلمي.