«ربي يسامح اللي أعطاك سيارة، السواقة ماشي ليك.. شكون أعطاك رخصة.. أكيد هذا الحادث سببه امرأة»، وغيرها العديد من التعليقات التي تتعرض لها نساء في شوارع، وتحمل بين طياتها انتقادا واستخفافا بقدرتهن على القيادة، وكأنها حكر فقط على الرجال.
تعاني المرأة من صورة نمطية عند قيادتها السيارة في الشوارع، وتظهر هذه الصورة من خلال تعليقات نسمعها ونقرأها من بعض أفراد المجتمع. الواقع أن هذه التعليقات تكرس نظرة سلبية للمرأة، وتقلل من قدرتها وإمكانياتها.
وهذا هو الحال مع الشابة ريم (28 عاما)، التي نالت رخصة القيادة قبل أشهر قليلة. لا تنكر ريم أنها تتلقى تعليقات من الرجال يستخفون بها بقدرتها على قيادة السيارة، وآخرون يصرخون أو يرمقونها بنظرات تستخف بها، وهذا ما يزعجها كثيرا.بينما الواقع أنها كانت حريصة على ألا تقود سيارتها إلا بعد أن تتمكن من القيادة وبشكل محترف. لكن بعض الرجال لا ينظرون إلى مهارتها، بل ينظرون إلى فكرة أنها سيدة فقط، وأن القيادة ليست لها.
وكذلك الحال مع منال (42 عاما)، التي تقود سيارتها منذ سنوات عديدة. رغم ذلك، ما تزال تتلقى هذه التعليقات. تقول إن هذه التعليقات أصبحت أقل من الماضي، لكنها ما تزال حاضرة بين بعض الناس للأسف. هي اختارت تجاهل هذه التعليقات منذ وقت طويل، واعتبرتها وجهة نظر لا تمثل الجميع.
بينما تبين نعيمة (45) سنة تبين أن هناك صورة نمطية تتمثل في أن المرأة لا تحسن القيادة وتقوم بتجاوزات. ومع ذلك، فإن الواقع يشير إلى أن النساء أقل تجاوزًا وأكثر التزامًا بالقوانين. وتوضح أن هناك صورة نمطية تفيد بأن المرأة تشعر بالخوف عندما تقود، وأنها تفتقر إلى المهارة والإتقان في القيادة. يرتبط هذا أحيانًا بالتشكيك في حصول المرأة على الرخصة بالواسطة، وتعليقات لا علاقة لها بأخلاقيات القيادة أو السلوك السليم الذي يجب أن يسود.
ووفقًا لذلك، تؤكد نعيمة أن هناك صورة نمطية، لكن لا يمكننا تعميمها، فبعض الأشخاص يلجأون إلى تعليقات قد تكون مسيئة وتحمل طابع السخرية أو تسخيفًا للطرف الآخر، مما يعكس ما في أذهانهم من صورة عن المرأة وقدراتها بشكل عام، وبالطبع القيادة جزء منها.
ولكن واقع الحال يبين أن العديد من التقارير تشير إلى أن النساء هن الأقل مخالفة للقانون، إذ يكن أكثر التزامًا وحرصًا ودقة، ويتم تفسيرها بشكل خاطئ على أنها خوف، مما يسهم في تكوين الصور النمطية.
وأكدت دراسة أجراها علماء من جامعة نيوكاسل في إنجلترا، أن النساء أكثر مهارة من الرجال في قيادة «السيارات ذاتية القيادة»، وأكثر قدرة على التعامل معها واتخاذ القرارات الصحيحة. وأشارت الدراسة إلى أن النساء يظهرن ردة فعل أسرع وتحكما أكبر في عجلة القيادة، كما أنهن تفوقن على الرجال في استعادة السيطرة على السيارة عند الحاجة.
تلك الصورة هي انعكاس لمجموعة من العوامل الثقافية والاجتماعية وعوامل تنشئة وظروف مختلفة.
من المطالب التي دائمًا ما تثار، الحد من التنميط لدور المرأة وقدراتها، فالقدرة غير مرتبطة بجنس دون آخر، لكن الثقافة السائدة للأسف تعزز هذه الأفكار، لكن هناك تغييرات إيجابية، وبالتأكيد هناك تغيير، فنرى في الشوارع نسبة كبيرة من النساء اللواتي يقدن السيارات بمختلف الأنواع على الطرقات الخارجية ويسافرن بها. المشكلة ليست في الأنظمة والتعليمات والقوانين، بل في النظرة الاجتماعية التي تحتاج إلى معالجة.
لا تعــبر عـن المجتمــع ككـل
ومن الجانب الاجتماعي، يبين المختصون أن هناك وعيا في المجتمع لأهمية قيادة المرأة السيارة، لأنها ترتبط أيضاً بتطور المرأة واندماجها في المجتمع، وقيامها بمهام عديدة سواء من خلال العمل أو من خلال التزامات الأسرة. وبذلك، أصبحت قيادتها السيارة ضرورة ملحة.
ويبينون أنه في بعض الأحيان، يذهب البعض إلى أن معظم حوادث السير سببها قيادة المرأة السيارة، وهذا نابع من عدم ثقة في قدرة المرأة على القيادة. ولكن هذا الخطاب يبقى محدودا جدا، ويكاد يكون ضعيفا، ولكنه موجود.
ووفقاً لهم، فإن الأشخاص الذين ينظرون إلى قيادة المرأة السيارة من منظور مختلف، سواء اجتماعياً أو من منظور السلامة العامة باعتبار المرأة سبب الحوادث، يعبرون عن رفضهم لهذا الأمر من خلال التلفظ ببعض الألفاظ المسيئة أو من خلال التعبير عن وجهة نظرهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو في اللقاءات الجماعية.
ويظهرون هذا الرفض من خلال بعض الكلمات المسيئة التي قد تسمعها المرأة أثناء قيادتها في الشارع. ومع ذلك، فإن هؤلاء الأشخاص لا يشكلون أي اعتبار.
ويلفت الخبراء إلى أننا نرى في المجتمعات التي كانت لسنوات طويلة ترفض قيادة المرأة، أصبحت اليوم تتيح المجال لها لذلك. وهذا نابع من قناعتها بأهمية قيادة المرأة، حيث تسهم في تحمل جزء من الأعباء التي كانت تقع على عاتق الرجل، وبالتالي تستطيع أن تقوم بهذه المهام من خلال قدرتها على القيادة.
ان الألفاظ والكلمات المسيئة التي تسمعها المرأة في الشارع من هؤلاء الأشخاص تعبر عن فئة قليلة من المجتمع.
وأحياناً، يكون هؤلاء أنفسهم لا يسمحون لنسائهم بقيادة السيارة، وهذا يعكس عقليتهم وخطابهم الضعيف الموجود في المجتمع. كما يعبر عن انحطاط منظومة القيم عند هؤلاء الأشخاص، لأن الاحترام يجب أن يكون متواجداً سواء في الشارع أو في البيت.
ولذلك، يفترض أن يكون هناك دائماً احترام للمرأة التي تقود السيارة. وقد تبقى هذه الأمور موجودة، ولكنها لا تعبر عن المجتمع ككل.