بأداء فني مؤثر، نجح أطفال المركز النفسي البيداغوجي للأطفال المعاقين بولاية الجلفة في تسليط الضوء على عزلة التكنولوجيا داخل الأسر من خلال عرض مسرحي بعنوان «تحدي امرأة»، الذي أبهر الحاضرين بطرحه العميق للقضية.
جاء هذا العرض الذي نظّم مساء الخميس، ضمن فعاليات الاحتفال باليوم الوطني لذوي الهمم، حيث لم تكن المناسبة مجرد احتفال، بل كانت منصة لإبراز قدرات هذه الفئة في التعبير والإبداع، متحدين القيود التي قد يفرضها الواقع.
المسرحية التي قدمها أطفال المركز النفسي البيداغوجي للمعاقين حركيا وذهنيا، جسدت بأسلوب درامي مؤثر الصراع داخل الأسرة الحديثة، حيث بات كل فرد غارقا في عالمه الرقمي، بينما تحاول امرأة، ترمز إلى الأم، جمع شمل العائلة من جديد. بأسلوب بسيط وحوار عفوي، نقل الأطفال صورة واقعية عن التأثير السلبي لوسائل الاتصال الحديثة عندما تتحول من وسيلة للتواصل إلى حاجز يفصل بين أفراد الأسرة.
ورغم التحديات التي تواجههم، أبدع الأطفال في تقديم رسائل عميقة تعكس قدرتهم على فهم الواقع والتفاعل معه بطريقتهم الخاصة، لتتحول خشبة المسرح إلى فضاء يعبرون فيه عن مخاوفهم وأحلامهم، ويؤكدون أن الموهبة والإصرار لا تحدهما الإعاقة.
ولم تقتصر الفعالية على المسرح، بل تضمنت أنشطة أخرى أبرزت تعدد مواهب الأطفال، حيث شهد الحفل معرضا للأشغال اليدوية، وفقرات إنشادية، كما قدم الطفل بوكرش بدر الدين خاطرة مؤثرة عبر فيها عن تضامنه مع فلسطين، في تأكيد على أن ذوي الهمم قادرون على التفاعل مع قضايا الأمة والتعبير عنها بطريقتهم الخاصة، متجاوزين كل التحديات.
كما كان للبعد البيئي حضور في الحدث، حيث شارك الأطفال في غرس النباتات، معبرين عن وعيهم بأهمية حماية البيئة، واستعدادهم للمساهمة حتى في مشروع السد الأخضر، في رسالة واضحة بأن الإعاقة لم تمنعهم من الإحساس بمسؤولياتهم تجاه المجتمع والوطن.وفي كلمته بالمناسبة، أشاد والي ولاية الجلفة، جهيد موس، بالإبداعات التي قدمها الأطفال، مؤكدا على ضرورة دعم هذه الفئة وتعزيز اندماجها في المجتمع. كما تم توزيع تجهيزات لفائدة ذوي الهمم، في خطوة تعكس الاهتمام الرسمي باحتياجاتهم وحقوقهم.هذا الاحتفال أثبت أن ذوي الهمم ليسوا على هامش المجتمع، بل هم فاعلون فيه بقوة، يستخدمون الفن والتعبير للتواصل مع الآخرين، وكسر الحواجز التي قد تفرضها الإعاقة. فمن خلال المسرح ومن خلال الفن والمشاركة البيئية، قدم هؤلاء الأطفال نموذجا ملهما عن الإرادة والقدرة على التحدي، ليؤكدوا أن الإبداع لا يعرف قيودا، وأن رسالة الفن قد تكون أبلغ من أي خطاب.