تشهد عدد من الشواطئ الرئيسية المسموحة للسباحة من تدفق متزايد للمياه المستعملة التي تهدّد صحة وحياة المصطافين منها الشاطئ المركزي لبومرداس، شاطئ قورصو وغيرها، فيما امتدت الظاهرة البيئية لتمس جزء من الشريط الساحلي للمنطقة الشرقية التي ظلت لسنوات مرجعا بيئيا من حيث النظافة، وقلة عدد النقاط السوداء رغم غياب محطات للتطهير في البلديات الساحلية.
بدأت عدد من النقاط السوداء الناجمة عن تدفق المياه المستعملة من الأحياء السكنية الجديدة لتصب مباشرة في البحر لتهدد الحياة البحرية والايكولوجية، ومعها المصطافين الذين يملؤون شواطئ ولاية بومرداس هذه الأيام، حيث تشهد المنطقة الشرقية لمدينة دلس انطلاقا من الميناء حتى شاطئ حجرة الزاوش المسموح للسباحة بؤرا سوداء، وروائح كريهة نابعة من مياه الصرف الصحي المتدفقة التي بدأت تؤثر على روّاد هذا الشاطئ الطبيعي الرئيسي، الذي يعتبر من بين ثلاثة شواطئ رملية مسموحة للسباحة بالبلدية، إلى جانب شاطئ صالين وشاطئ تقدامت.
وقد عبّر عدد من المصطافين والعائلات التي ترافق أطفالها في حديثهم لـ “الشعب”، عن انزعاجها من الروائح الكريهة التي بدأت تغمر المكان وتهدّد صحة المصطافين الذين يقصدون هذا الشاطئ منذ سنوات بسبب موقعه الطبيعي الخلاب المحصور بين الصخور التي تجذب هي الأخرى هواة السباحة والصيد في هذه الأماكن الصخرية، وأيضا نظافة المكان ونقاوة المياه، وهو ما تغير تماما بداية من موسم الاصطياف الحالي نتيجة البؤر السوداء للمياه المستعملة المتدفقة من العمارات والأحياء السكنية الجديدة بمنطقة “لاقنقات”، وغير بعيد عن مخيم الشباب الشهيد اكلي نجار، الذي يستقبل هذه الأيام دفعات من أطفال الجنوب من أجل الاستجمام والترفيه.
مع العلم أنّ ظاهرة التدهور البيئي الناجم عن التداعيات الخطيرة للمياه المستعملة المتدفقة في الطبيعة والشريط الساحلي تعاني منها أغلب مدن بومرداس، وبالخصوص الساحلية التي وجدت في البحر متنفّسا سهلا لتفريغ كميات كبيرة يوميا بسبب افتقادها لمحطات معالجة، حيث لا تتوفر الولاية حاليا سوى ثلاثة محطات في كل من الثنية، الفواعيص بعاصمة الولاية، محطة زموري، في انتظار تجسيد مشروع بودواو البحري الذي رفع عنه التجميد مؤخرا، لكن هذا الكارثة البيئية والايكولوجية بدأت حسب المواطنين تتوسع لتشمل مناطق كانت محصنة بيئيا فيما مضى ومعروفة بطبيعتها النقية، وهذا بسبب التوسع العمراني الكبير الذي تعرفه البلديات الشرقية دون أن تتكامل هذه المشاريع مع باقي الخدمات الأساسية على رأسها شبكة الصرف الصحي الفوضوية.
الدرك الوطني يستجيب لنداءات المواطنين
في موضوع آخر لا يقل ازعاجا وتأثيرا على راحة المصطافين مثل الروائح الكريهة، وانتشار الفضلات على طول الشريط الساحلي، ويتعلق الأمر بظاهرة احتلال الشواطئ والشريط المائي من قبل أصحاب المظلات الشمسية الذين بدؤوا في تجاوز التدابير القانونية والاجراءات التي اتخذتها السلطات الولائية والمحلية، إلى جانب مديرية السياحة والصناعة التقليدية المكلفة بملف حقوق الاستغلال وتوزيع الحصص على المستغلين الخواص وفق دفتر شروط مضبوط وصارم، لكن غياب الرقابة والمتابعة شجّع هؤلاء على استغلال والاستحواذ على الفضاءات العامة المفتوحة أمام العائلات، وتعمد تثبيت المظلات الشمسية بصفة دائمة على طول الشاطئ من أجل فرض الخدمات أو حرمان المصطاف من الأماكن القريبة من الماء.
وباستثناء بعض الشواطئ المعروفة بولاية بومرداس التي احترمت إجراءات وتعليمات مديرية السياحة بترك نسبة 60 بالمائة من الشاطئ مفتوحة امام العائلات، إلا أنّ الكثير من المستغلين القانونين والفوضويين تجاوزوا هذه التعليمات ممّا دفع بعناصر الدرك الوطني إلى التدخل لنزع المظلات والطاولات بناء على شكاوى المصطافين المستائين من هذه السلوكات والعينة من شاطئ صالين غرب، الذي دشن هذه العملية في انتظار باقي شواطئ البلدية وحتى الولائية، منها شاطئ حجرة الزاوش الذي تحول إلى شاطئ خاص وليس عام، حسب تعليقات العائلات المنزعة من ظاهرة احتلال المكان ومنع المواطنين من نصب شمسياتهم في الصفوف الأولى، ومتسائلين أيضا عن طريقة منح حصة الاستغلال وسبب غياب أعوان الرقية ومتصرفي الشواطئ للحيلولة دون التعدي على حق الاستجمام في الفضاء المفتوح وبقوة القانون.