دعم التنمية المستدامة وتشجيع التعاون والتكامل القاري
إعادة التوازن إلى النظام الدولي على أسس من العدالة والإنصاف
جددت الجزائر التزامها «بالدفاع عن الحق المشروع لإفريقيا في التمثيل العادل والدائم داخل مجلس الأمن الأممي، وإصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وفق ما نص عليه إعلان سرت وتوافق إيزولويني».
دعت الجزائر على لسان ممثلة رئيس الجمهورية، كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية، المكلّفة بالشؤون الإفريقية، سلمة بختة منصوري، في أشغال القمة السادسة للجنة العشر التابعة للاتحاد الإفريقي، إلى ضرورة «توحيد الصف الإفريقي وتكثيف الجهود من أجل إصلاح شامل يعيد التوازن إلى النظام الدولي على أسس من العدالة والإنصاف».
كثفت الجزائر خلال السنوات الأخيرة من المساعي المطالبة بإصلاح مجلس الأمن الدولي وتمثيل دائم لأفريقيا داخله، على أعلى مستوى، حيث تقود الجزائر، بتوجيه من رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، جهود توحيد الموقف القاري على مستوى الاتحاد الأفريقي، من أجل تمكين أفريقيا من تمثيل دائم في المجلس الأممي وهو مطلب رئيسي رافعت من أجله رفقة عدد من الدول النامية منذ سبعينيات القرن الماضي.
وبمجرد توليها مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن في جانفي 2024، أطلقت حملة لحشد المواقف المؤيدة للمطلب، سيما في إطار مجموعة A3+ التي تضم الدول الإفريقية الثلاث التي تحظى بالعضوية غير الدائمة بالمجلس وهي الجزائر سيراليون وموزمبيق، بالإضافة إلى جمهورية غيانا من منطقة البحر الكاريبي، خلال الإحاطة السنوية لمجلس الأمن الدولي بشأن التعاون بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية ودون الإقليمية، وذلك شهر أكتوبر 2024.
كما تنشط الجزائر في إطار لجنة العشر التابعة للاتحاد الإفريقي حول إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والتي تعتبر الفضاء القاري لدراسة المقترحات وتقديم التوصيات بخصوص إصلاح مجلس الأمن وتعزيز ودعم الموقف الإفريقي الموحد في المفاوضات الحكومية الجارية في إطار الأمم المتحدة بشأن إصلاح مجلس الأمن.
وتطالب الجزائر من خلال اللجنة، بتمثيل دائم للقارة وفقا لإعلان سيرت وتوافق إيزولويني. ويشير إعلان سيرت، الذي تأسس بموجبه الاتحاد الأفريقي كبديل لمنظمة الوحدة الأفريقية، ويتضمن الإعلان المطالبة بمقعدين دائمين على الأقل ومقعدين غير دائمين في مجلس الأمن للدول الأفريقية، وتعزيز الوحدة والتكامل السياسي والاقتصادي بين الدول الإفريقية، وإنشاء مؤسسات موحدة مثل برلمان أفريقي واحد ومحكمة أفريقية واحدة وعملة أفريقية واحدة وجيش أفريقي واحد.
بينما يشير إجماع إيزولويني، إلى موقف متوافق عليه في إطار الاتحاد الافريقي بشأن العلاقات الدولية وإصلاح الأمم المتحدة، وهو يدعو إلى مجلس أمن أكثر تمثيلا وديمقراطية، تكون أفريقيا ممثلة فيه، على غرار جميع مناطق العالم الأخرى. ويدعو الاتفاق، الذي أبرم في 2005، إلى منح مقعدين دائمين على الأقل لأفريقيا، بما في ذلك حق النقض وخمسة مقاعد غير دائمة في مجلس الأمن، على أن يختار الاتحاد الأفريقي الحكومات الأفريقية التي ستحصل على المقاعد.
تصحيح الظلم التاريخي
رافعت الجزائر، منذ توليها مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن الدولي، من أجل رفع الظلم التاريخي عن القارة، بإصلاح آلية عمله كاملة بغرض إعادة الفعالية له في مواجهة التهديدات المتنامية للسلم والأمن الدوليين. على أن يشمل الإصلاح استعمال حق النقض وأن يدعم الأعضاء الدائمون ويلتزموا بمسار الإصلاح عبر الاستجابة «الفعلية» لتطلعات إفريقيا المشروعة.
وتعتبر الجزائر أنه لن تكون هناك شراكة حقيقية بين المنظمة الأممية والمنظمة القارية الأفريقية، إلا بمنح القارة تمثيلا دائما بالحقوق والمسؤوليات نفسها داخل الهيئة الأممية.
في هذا الإطار، طرحت لجنة العشر للاتحاد الأفريقي المعنية بإصلاح مجلس الأمن، خلال الاجتماع الوزاري 11، الذي احتضنته الجزائر منتصف السنة الماضية، خطة عمل لرفع الظلم التاريخي بشأن عضوية أفريقيا في مجلس الأمن الدولي. وتتكون الخطة من خمس نقاط، هي: تعزيز الجبهة الداخلية عبر الحفاظ على وحدة الصف الأفريقي «في وجه المحاولات الرامية إلى استمالة بعض أعضاء المجموعة إلى مسارات أخرى لا تتماشى مع التصور المشترك». وتكثيف مشاركة لجنة العشر في المفاوضات الحكومية التي تتم تحت قبة المنظمة الأممية، «مع تركيز أكثر على خصوصية الموقف الأفريقي، وعلى ضرورة توفير معالجة منفصلة للمطالب الأفريقية تحترم الطابع الاستعجالي لهذه المطالب».
إضافة إلى تعزيز التواصل والتفاعل مع مختلف الفاعلين من دول ومجموعات وتكتلات لتوسيع قاعدة الدعم الدولي لصالح الموقف الأفريقي المشترك.
الى جانب الانخراط الفعلي للجنة العشر في الاستحقاقات الدولية المقبلة، «بغية تحقيق اختراقات جديدة ومكاسب إضافية للدفع نحو التكفل بالمطالب الأفريقية المتعلقة بتمثيل عادل ومنصف للقارة في مجلس الأمن».
وأخيرا المبادرة بطرح المطالب الأفريقية فيما يخص ملف الإصلاح على طاولة مجلس الأمن.
يذكر، أن لجنة العشر تأسست عام 2005 من قبل الاتحاد الأفريقي بهدف تعزيز وتنسيق موقف القارة الأفريقية الموحد في المفاوضات الحكومية الجارية في إطار الأمم المتحدة بشأن إصلاح مجلس الأمن ورفع مستوى التمثيل الأفريقي به. وتضم اللجنة 10 دول أفريقية هي: الجزائر وجمهورية الكونغو وغينيا الاستوائية وكينيا وليبيا وناميبيا وأوغندا وسيراليون والسنغال وزامبيا.
توحيد الصف الأفريقي
توحيد الصف الأفريقي هو أحد المهام التي تعهدت بها ممثلة الجزائر في الاتحاد الأفريقي السيدة سلمة حدادي، غداة انتخابها، حيث أكدت على العمل لتعزيز الوحدة والتضامن من أجل تحقيق تأثير أكبر لأفريقيا على الساحة العالمية والدفاع عن قضايا القارة.
وبهدف تحقيق هذا الهدف، تعمل الجزائر رفقة شركائها الأفارقة على إصلاح الاتحاد الافريقي، باعتباره مطلبا ضروريا لتمكين القارة من دورها العالمي المستحق، وليكون موقف الاتحاد الافريقي فاعلا وموحدا على الصعيد الدولي فيما خص القضايا التي تهم القارة.
في هذا الصدد، انخرطت الجزائر بشكل كامل في العملية. وكان آخر مساهماتها ضخ مليون دولار لآلية التقييم من قبل النظراء التابعة للاتحاد الأفريقي، دعما لها في أداء مهامها في أحسن الظروف فيما خص تقييم السياسات العامة للدول الإفريقية وخاصة في مجال الحوكمة الرشيدة والمؤسسات وحقوق الإنسان ومكافحة الرشوة والفساد.
والأهم من ذلك، دعم الآلية التي تقدم مقترحات إصلاحية لعدد الدول الأفريقية قصد النهوض بالاتحاد الأفريقي، وتحسين أداء دوله بعيدا عن التدخلات الأجنبية وما ينجر عنها من تأثير على الموقف المشترك من قضاياها.
هذا وتعد الآلية الأفريقية للتقييم من قبل النظراء، جزءا لا يتجزأ من عملية إصلاح الاتحاد الأفريقي وتحقيق أهدافه، المتمثلة في تحقيق التكامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتعزيز السلام والأمن، ودعم الديمقراطية وحقوق الإنسان، عبر تعزيز المساءلة، ودعم التنمية المستدامة، وتشجيع التعاون والتكامل، وتعزيز الحوكمة الرشيدة.