نقلة نوعيّة يعرفها النّظام السياسي في الجزائر..بلعيد:

شركاء اجتماعيّون.. دمٌ جديد لاكتمال الدّيمقراطيّة

فاطمة الوحش

أكّد البروفيسور صالح بلعيد أنّ نقلة نوعيّة حصلت مع الجزائر الجديدة في شراكة المواطن مع الجهاز التّنفيذي، الذي تدعّم بدم جديد لاكتمال الدّيمقراطيّة، بحضور جميع الشّركاء الاجتماعيين.
 قال البروفيسور صالح بلعيد في تصريحه لـ “الشعب”: “لا يخفى علينا أنّ تعهّدات المترشّح الحرّ (عبد المجيد تبّون) 2019 - 2024م، كانت واضحة من حيث مبناها في دلالة (54)، ومن حيث معناها في تجسيدها على الواقع من حيث العمل على الرّفع من القيمة المعنويّة للمؤسّسات المنتخبة، ومزيد من مجالس استشاريّة ومرصد وجمعيات المجتمع المدني التي تأسّست لتعزيز الدّيمقراطيّة التّشاركيّة؛ ليكون المواطن فاعلاً في قوّة اقتراح القوانين والإسهام في التّنميّة الوطنية / المحليّة”.
وأضاف: “ومن خلال ذلك ظهر النّشاط الجمعوي الأفقي يرافق الجهاز التّنفيذي من خلال تكريس مسار انتهجته الجزائر الجديدة بحوار تعاوني تشاركي مع مختلف الفاعلين، وذلك ما جعل المواطن يشعر بثقة في مؤسّساته، فهي منه وإليه”.
ولفت بلعيد إلى أنّها ديمقراطية تشاركيّة تظهر في نظام التّسيير والشّراكة في صنع القرار، قائلا: “إنّها صفوة مشاركة المواطنين في صنع القرارات السّياسية ذات الأولويات بالنّسبة إليهم عن طريق التّفاعل المباشر مع السّلطات القائمة، لحلّ المضايقات وكلّ المشكلات المطروحة. هذا هو التّرسيخ الديمقراطي القائم على المشاركة الواسعة للنّاخبين في توجيه النّظام السّياسي”.
وأضاف: “وهذا يقوم على الحوار والتّشاور في كيفية تدبير الشأن العام، واقتراح الحلول لمواجهة كلّ التّحدّيات السّياسيّة. ومن شأن ذلك أن يتربّى جيل ونخبة من المواطنين لهم القدرة وقوّة إنتاج الأفكار وحلّ القضايا لكلّ المشاكل المطروحة، وبذلك يكون هذا المواطن عضواً في مجتمعه ينتج الأفكار لمن يصنع القرار. تلكم أهمّ نتيجة من الدّيمقراطيّة التّشاركيّة التي تستخلص من التّعهدّات الأربع والخمسين”.
وأردف صالح بلعيد حديثه: “المهمّ في الأمر أنّ نقلة نوعيّة حصلت مع الجزائر الجديدة في شراكة المواطن مع الجهاز التّنفيذي الذي تدعّم بدم جديد لاكتمال الدّيمقراطيّة بحضور جميع الشّركاء الاجتماعيين. هي ترسيخ لثقافة المواطنة القائمة على عضوية المواطن في اقتراح تنميّة محليّة وحلّ النّزاعات واللّجوء إلى اختيار بدائل تكون أقرب إلى الواقعيّة والقبول العام”، مشيرا إلى أنها الطّريقة المثلى التي تنتهجها الدّيمقراطيات النّاجحة، واستطاعت بناء مواطن يقبل العيش مع الآخر، وترسّخت ثقافة المواطنة الإيجابيّة التشاركية من خلال استصدار قوانين، وبناء التّشريعات الدّيمقراطيّة التّشاركيّة.
وأكّد ذات المتحدّث، أنّ العبرة في كلّ ذلك الإقناع والحوار وقوّة الغلبة التي تصنع القرار، وقال: “يكفي أن نقول بأنّ نجاح هذا المسار الذي شقّته الجزائر الجديدة يلاحظ في إطار التّفاعل المباشر مع السّلطات القائمة في حلّ المشكلات المطروحة بممثلي الشّعب، وهم من مكمّلي الدّيمقراطيّة التّمثيليّة التي صنعت التّبادل الاجتماعي وفق إعادة بناء تضامن اجتماعي، وهي من سياسة الدّولة الجزائريّة التي لم تحِد عن التّضامن الاجتماعي منذ أوّل دولة للاستقلال.
وذكر صالح بلعيد أنّ هذا يعني بأن الدّمقراطيّة التّشاركيّة هي نقلة نوعيّة في عرف النّظام السّياسي الجزائريّ، الذي جمع بين الدّيمقراطيّة في شقّيها: التّشاركي + التّمثيلي؛ وهما وجه واحد لصيغة نظام يحكم بانتخابات منتظمة، وبالاقتراع العامّ، وبحرية الفكر والحقّ العامّ في التّرشّح للمناصب العامّة، وهذا صيغة الدّولة الأمّة التي تسعى إلى الرّفاه العامّ، بالانتصار للدّيمقراطيّة التّمثيليّة التي تنادي بالتّداول والإشراك الفعلي للمواطنين في تدبير شؤونه من خلال متطلّبات المواطنة التي الفرد الذي له واجبات وحقوق يمارسها في بلده، وله التزامات تفرضها عليه المواطنة، ومن بين ما تعني حقّ الانتخاب وحقّ المشاركة في اقتراح أمور تخصّ الانتماء، وحقّ رفع انشغال الذّات والجماعة، وحقّ إشباع الحاجات الأساسيّة.
ونوّه بلعيد بأن هذه الخطوة الأولى في بناء الجزائر الجديدة لا شكّ ستتلوها المواطنة في معناها الخاصّة بالحقّ المدني، الحرية الفرديّة، الحقّ في المشاركة في الحياة السّياسيّة، الحقّ في الرعاية الصّحيّة، إشباع الحقوق الاقتصاديّة...وقال: “والمهمّ أنّ الدّيمقراطيّة التّشاركيّة تعطي للمواطن مواطنته في عضويّة دولته بمقتضى القوانين التي يحوزها / ينالها استناداً إلى كونه فرداً من مجموعة طبقاً لأحكام الدّستور والقانون”.
وأضاف “وهكذا نجحت التّجربة الأولى من خلال المجالس والمؤسّسات التي قامت في المرحلة الأولى من الجزائر الجديدة، وستكتمل بمزيد من (الجزائر منتصرة) من خلال الحقوق والواجبات، وغيرها من الأمور التي من حق الفرد أن يحوزها في صورتها الحسيّة والمعنويّة، ويخضع الجميع لوعي جديد من أصل الدّيمقراطيّة في مراميها: الشّعور بالانتماء للأرض، المشاركة الإيجابيّة في التّنميّة، المساواة في الحقوق والواجبات”.
وواصل حديثه “تلكم أبعاد التّعلّق بالجماعة الوطنيّة وأرضها ومصلحتها والاندماج في مسار بنائها وفق تشاركيّة إيجابيّة محورها رفاهيّة الفرد، الذي يعمل على إعلاء دولته لتكون قويّة بقوّة انتمائه، ورعاية مصالح وطنه، ولم يثبت أنّ أمّة ارتقت في غير ترابها وصحنها وجماعتها.
إنّ المصير النّاجح الذي يجب الرّهان عليه في الانتصار على كلّ أشكال التّخلّف، ولا بدّ أن ننتصر بدولتنا وبارتباطنا بالجماعة الوطنيّة، وبالوجود السّياسي الذي يضمن الحقوق أمام القانون: الحقّ في التّصويت + الحقّ في تنظيم جمعيّة وطنيّة / محليّة + الحقّ الاقتصادي والأمان الاجتماعي”، يضيف: “هي أساسيات ضمان الرّفاهيّة التي يريد المواطن أن يراها في بلده الجزائر وهي محروسة من رئيسها وجيشها ونخبتها وعمالها، وليس ذلك من ماء البحر الذي لا يشرب، بل من البساطة بمكان، ونحن نعيش شروط تجسيد الدّيمقراطيّة التّشاركيّة ضمن شروط المواطنة في أعلى تجلّياتها”.
وأكّد ذات المتحدث أنه، لا بدّ من وعي جديد يستند إلى الأرضيّة المعرفيّة التي نحوزها في بناء دولة القانون، القائمة على تحمّل المسؤوليّة كما تتطلّبها القدرة على المشاركة والمساءلة، وكلّ ما له علاقة بالعقد الاجتماعي الذي يبنيه الفرد من خلال عضويته في مؤسّسات دولته وهي مصدر كافة الحقوق السّياسيّة والقانونيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والثّقافيّة، مشيرا إلى أن هذا سهل وسوف تذلّل مناطقه عبر الشّراكة العامّة حتى تتحقّق الدّيمقراطيّة الكاملة التي تنجزها مؤسّسات المجتمع المختلفة، بإشراف الدّولة، ويكون الجميع يعبّرون عن مصالحهم في الجماعة دون ذوبان الفرد.
وختم صالح بلعيد حديثه بالقول “وحسب مؤشّرات استشرافيّة أنّ (الجزائر منتصرة) ستحصل نقلة في إشباع الحاجات الأساسيّة للفرد الجزائريّ، وفي مقوّمات المواطنة، وتتحقّق الرّفاهيّة الاجتماعيّة ما دام القائمون على تدبير دواليب الدّولة يعملون على الوفاء بالتزاماتهم في أبعد نقطة لما يريده المواطن؛ حتى وهو في أقصى مكان في هذا البلد، ولا يحسّ أنّه من الهامش، وكلّ ما هو قادم آت”.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19549

العدد 19549

الثلاثاء 20 أوث 2024
العدد 19548

العدد 19548

الإثنين 19 أوث 2024
العدد 19547

العدد 19547

الأحد 18 أوث 2024
العدد 19546

العدد 19546

السبت 17 أوث 2024