يرى الكاتب والباحث ياسين بن عبيد أن مفهوم المواطنة ينطوي على مستويات مختلفة من الفهم، منها الفهم العام الثقافي لمفهوم المواطنة، الذي يعني ـ حسبه ـ الانتماء إلى الوطن بكل مقتضياته والمشاركة في الحياة التي تعود على الوطن بالنفع، وتبرز من خلال سلوكياته ووعيه في الحفاظ على الممتلكات والمكتسبات العامة، وأن يكون إيجابيا في سلوكياته ويشارك مع مجموع المواطنين في الحياة العامة، قائلا “كلٌ من موقعه ومكانته الاجتماعية في بناء هذا الصرح العظيم وهو المجتمع مشاركة فعالة”.
يقول ياسين بن عبيد في تصريح لـ “الشعب”، إن المواطنة تحددها تلك القيم والمفاهيم التي يتحلى بها الإنسان في تلميع صورة الوطن وفي إظهار الوطن للآخرين، ومن خلال الانخراط والمشاركة في مختلف المشاريع التي تظهر مكانة الجزائر، كما أن المواطنة بمفهومها الحداثي تقتضي من الفرد العمل وفق قواعد ونظم تعود بالنفع على الفرد والجماعة، تساهم في اندماج المواطن في مجتمعه، على اعتبار أن المجتمع هو الأساس بمفهومه الأسري في بناء ديمقراطية تشاركية حقيقية.
وأضاف أما بالنسبة لمفهوم المواطنة بمعناها الأكاديمي والخاص، فهي أن يعمل المواطن على تأسيس بنى وجودية لأمته ولوطنه، وأن يكون لبنة في بناء الصالح العام.
كما تحدّث مدير المركز الثقافي لجامع الجزائر، عن المسار الذي اعتمدته الجزائر للوصول إلى الديمقراطية التشاركية، والتوجه نحو إشراك المواطن والمجتمع المدني في تسيير الشؤون العمومية، عن طريق إشراكهم في الحوار والنقاش العمومي واتخاذ القرار السياسي، بالقول “إنّنا نتحدّث هنا كمحبين لهذا الوطن أن هناك مجهودات كبيرة بذلت وما زالت تبذل في مجال تعزيز هذا المكسب، وهناك ما ينتظر الدولة الجزائرية، وأنا هنا أتحدث من موقع ثقافي مهم في الدولة الجزائرية، فالنصيحة أن تبذل المزيد من الجهود في سبيل تحقيق هذا المبدأ الكبير للدولة الحديثة، وفي وجودها بين الدول والأمم مبنية على أسس و قواعد سليمة. لاشك أن المجهود الذي قامت به الدولة في مجال إشراك المواطن والمجتمع المدني في تسيير الشؤون العمومية مجهود كبير، ولكن أعتقد أن المواطن ينبغي أن يعي بالمفهوم الحقيقي للديمقراطية والديمقراطية التشاركية، الذي ينبغي أن يكون نابعا من وعيه بدور الفرد بالمعنى الحديث في بناء دولته، وعبر وعيه بالدور الفعال، غير أن البعض لا يملك هذه الثقافة للأسف، فهو ينظر إلى حقه دون واجباته، فمبدأ التشارك يقتضي وعي الفرد بواجباته مثل وعيه بالحقوق، وأن يفهم بأن الدولة لا يمكنها أن تقوم بكل شيء من أجل بناء هذا الصرح العظيم المسمى مجتمعا”.