ينطلق اليوم بجامعة باتنة 1 الحاج لخضر، بمناسبة اليوم العالمي للشعر، ملتقى وطني حول «المنجز الشعري الجزائري المعاصر راهن التحولات والإبدالات والإكراهات دراسة في الحساسيات الشعرية الجزائرية الجديدة»، برئاسة الدكتورة الشاعرة سليمة مسعودي، من تنظيم مكتب باتنة لبيت الشعر الجزائري، وذلك بالتنسيق مع مخبر الموسوعة الجزائرية الميسرة جامعة باتنة الحاج لخضر.
الملتقى بحسب ديباجته سيكون حدثا أكاديميا وثقافيا بارزا حول المنجز الشعري الجزائري المعاصر، ستتخلل برنامج جلساته عدة أنشطة ثقافية، على غرار أمسية شعرية بمشاركة الشعراء والأساتذة الضيوف، وكذا أساتذة قسم الآداب وطلبته بكلية اللغة والأدب العربي والفنون، يشارك فيه العديد من الباحثين والمختصين في الشعر من داخل الوطن وخارجه، حيث يتوقع منه الخروج بتوصيات نوعية تُساهم في تطوير حركة الشعر ببلادنا.
وخلصت ديباجة الملتقى إلى أن موضوع الملتقى يسعى بالتأكيد على أن التطور المتسارع في الحياة لا بد أن ينعكس على حياة الشعر ومساره، باعتباره مرآة من مرايا الحياة الثقافية للإنسان، والتي تعكس التعالي الشعوري والروحي وفق جدليات وعلائق وأفضية وأشكال مفعمة بالتحول والتمايز والتغاير والتباين، كما تؤكد حق الشعر في الحياة، وحقه في بث الحياة، في زمن يسعى ليترك الشعر وحيدا في خرائب المنفى، وفق ريتم واقع معيش تديره الحداثة المادية ذات المنطق النفعي الاستهلاكي، الذي عمل على الإماتة المدروسة لفكرة الله والإنسان والهويات الثقافية والتاريخ والقيمة، حيث يستعيد الشعر، بحسب منظمي التظاهرة الاكاديمية طرح سؤال الإنسان والهوية والمعنى والقيمة، باعتباره الماوراء العابر للتاريخ، والصوت الآخر المضمر في كافة العصور، والنار التي لا تخبو، بل من رمادها يتجدد الاشتعال.
وأضافت ديباجة الملتقى بأن التحديث في الشعر أثار أسئلة الحداثة والتحديث فيه منذ قضية الشعر الحر إلى أيامنا هذه، وهي أسئلة يحركها الوعي بطبيعة الشعر التي تشكل استجابة طبيعية لنزوع الشاعر نحو الحرية، بعيدا عن أية تبعيات فكرية أو إيديولوجية أو نفسية، في نوع من الهيمنة الثقافية التي تفترض توجهات إيديولوجية فيما هي تفترض الأشكال.
فالشعر بحسب ديباجة الملتقى دائما هو طريقة حياة ومعرفة في آن واحد، وهو يعي جيدا دوره، إحالة العالم الإنساني إلى صيرورة دائمة من الرؤى والتشكيلات، بعيدا عن منطق الوراثة التاريخية، هذا الأخير الذي يُقولب الشاعر داخل قواعدية قاسية وتقديسات لا مبرر لها لنماذج انتفى دورها في سياقات الحياة المعاصرة المتغايرة.
وفي الجزائر فقد شهدت حركة الحداثة الشعرية بها مواكبتها لمختلف الصيرورات التي تمر بها حركية الشعر العربي المعاصر، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية مرورا بمرحلة التسعينيات، بمختلف تحولاتها السوسيوثقافية والسياسية الإيديولوجية والمعرفية والإعلامية، وصولا إلى تحول الشعر إلى نوع من الكتابة المعرفية التي تستعيد أسئلة الشعر الكبرى، وتؤكد دوره كمقاومة ثقافية ضد الإمبريالية والعولمة المفترسة للهويات الثقافية، وجدواه في هذه المنعطفات الوجودية الحرجة.
الملتقى يهدف بحسب منظميه إلى استقراء راهن الشعر الجزائري وواقعه، من خلال الخطابات الواصفة والدارسة، ودراسة مسار الحساسيات الشعرية الجديدة وآفاقها الفلسفية المعرفية والوجودية، وتحولاتها على مستوى الوعي الشعري، وموقفها من المرجعيات مع تسليط الأضواء على النصوص الشعرية الجزائرية وسياقاتها الثقافية، إضافة إلى فتح النصوص الشعرية الجزائرية على المتلقي، وتجاوز الحدود الجغرافية بين الشعراء والمتلقين، وكذا تتبع تحولات وإبدالات المنجز الشعري الجزائرية المعرفية والجمالية، وذلك عبر 5 محاور تعالج الحساسيات الشعرية الجديدة وأسئلة الشعر الكبرى، ثم سؤال المعنى، وأسئلة الثقافة وكذا التنويعات التشكيلية في هندسة النص الشعري المغاربي المعاصر وأخيرا الأنواع الشعرية الجديدة .