النّاقد السّينمائي محمـد عبيـدو لـ “الشعــب”:

السّينما الجزائرية..انتقال تدريجي نحو النّظام الرّقمي

أمينة جابالله

 ذكر النّاقد السّينمائي محمد عبيدو، بأنّ الانتقال من تكنولوجيا السيليلويد إلى التكنولوجيا الرقمية أحدث أثرا هائلا على شكل ومضمون الصناعة السينمائية، ممّا أسهم في إعادة تشكيل طرق الإنتاج والعرض والتوزيع، بل وأثّر حتى في المفاهيم الفنية والجمالية للفيلم.

 أفاد محمد عبيدو في تصريح خصّ به “الشعب”، أنّ إسهام التكنولوجيا الرقمية مكّن في الوقت ذاته من التقليل في تكاليف الإنتاج وانخفاض الميزانيات وتقليص الوقت، بحيث  أتاحت الكاميرات الرقمية وأدوات التصوير الحديثة إنجاز أفلام بجودة عالية، وبتكاليف أقل من استخدام الشريط السينمائي التقليدي، مبرزا في سياق حديثه أن “سعر الكاميرا السينمائية التقليدية يصل في معظم الأحيان إلى نحو 100 ألف دولار، بينما ينخفض سعر الكاميرات الرقمية عن ذلك بكثير، ومن زاوية أخرى، فإن الشريط العادي الذي يكلف طول ساعة واحدة منه نحو 25 ألف دولار، علاوة على ذلك، مهما بلغت دقة التعامل معه، فإنه في كل مرة يمرر فيها فيلم 35 مم على جهاز عرض، يتدهور، وتتراكم عليه العيوب من خدوش، وتمزيقات وحواف مهترئة ممّا يؤثر على جودة المشاهدة”، وأضاف “بينما تعرض نسخة رقمية من الفيلم مرة أو ألف مرة، وتبقى الجودة كما هي”. ليشير أن التصوير الرقمي يتيح لصانعي الأفلام مراجعة أعمالهم فورًا، ويمكن إعادة تصوير اللقطات التي لا تعمل بسرعة، مما قد يُخفِّض تكاليف التصوير الرئيسية.
المتحدّث أكّد بأنّ التكنولوجيا الرقمية جعلت السينما متاحة للجميع، وتم تذليل العقبات التي تحول دون دخول الهواة وصانعي الأفلام من ذوي الميزانيات المحدودة عالم الإنتاج ومن يمتلكون الرؤية الفنية والأدوات الرقمية المناسبة، قائلا بأنّها “تمكّنهم من سرد قصصهم دون التكاليف الباهظة للإنتاج التقليدي، ممّا يتيح للابتكار أن يكون في متناول أي شخص يحمل كاميرا”.
وذكر عبيدو بأنّ الثّورة الرّقمية لم تقتصر على تحسين جودة الإنتاج فقط، بل كانت محفزًا قويًا للإبداع الفني، مشيرا إلى أنّ الأدوات الرقمية وفّرت مساحة رحبة لتجريب أساليب جديدة في السرد السينمائي، كما أتاحت التكنولوجيات الرقمية فرصا عظيمة لإدخال المؤثرات الخاصة.
وفي ما يخص مرحلة ما بعد الإنتاج، حسب المتحدّث “فقد مكنت برامج المونتاج، وتصحيح الألوان، ومعالجة الصوت من تطوير جودة الصورة والمحتوى بشكل أكثر دقة واحترافية، فمن خلال هذه التقنيات الحديثة، صرنا لا حاجة للتحويل من صورة إلى أخرى، بل يجري العمل منذ البداية وحتى النهاية في الوسط الرقمي نفسه”.
كما تحدّث المخرج عبيدو عن التحول إلى التوزيع الرقمي “الذي يَعِدُ بتوفير مليارات الدولارات للصناعة ولكنه يأتي بثمن، بحيث لا تستطيع العديد من دور العرض الفنية شراء أجهزة عرض رقمية، والتي تكلّف عادةً ما بين 60 ألف دولار و150 ألف دولار للجهاز الواحد”.
محمد عبيدو أشار أيضا إلى انتقاد بعض مخرجي الأفلام، للسينما الرقمية علنًا، ودفاعهم عن استخدام الأفلام ونسخها، مما جعل العديد من المخرجين  يترددون في كيفية سعي التقنيات الرقمية لمحاكاة جماليات الأفلام، وجادلوا بأن الكاميرات الرقمية المبكرة تفتقر إلى موثوقية الفيلم، خاصة عند تصوير التسلسلات بسرعة عالية أو في بيئات فوضوية، بسبب الأعطال الفنية للكاميرات الرقمية”.
وختاما يرى محمد عبيدو بأنّ السينما الجزائرية في مرحلة الانتقال التدريجي نحو النظام الرقمي، كضرورة فرضتها التحولات العالمية في الصناعة السينمائية في مجالات التصوير والعرض، مشيرا إلى أن ذلك يتجلى من خلال توقيف العمل بالشريط 35 ملم واستعمال الكاميرات الرقمية في العديد من الأفلام القصيرة والطويلة. كما يتم تجهيز بعض القاعات بتقنيات العرض الرقمي، وقال “أصبح من الممكن للمخرجين وصانعي الأفلام توسيع نطاق التعريف بأفلامهم وتحقيق تأثير أوسع، بما يتيح للجمهور العالمي فرصة مشاهدة أعمالهم والتعرّف إلى قصصهم وثقافتهم”.
كما أكّد بأنّ مستقبل السينما الجزائرية مليء بالتحولات والتحديات التي تمكّنها من بلوغ الإمكانات الإبداعية والتقنية للسينما العالمية في العالم الرقمي، فهي ـ حسبه ـ مازالت تعاني نقص البنية التحتية الرقمية وقلة التمويل والميزانيات المستثمرة في هذا المجال وأيضا نقص التكوين الأكاديمي، وبالتالي يقول: “استخدام المعدّات والبرمجيات الرقمية لمختلف حلقات الصناعة السينمائية الجزائرية بشكل عام بحاجة إلى مزيد من التحكم التقني، خاصة في مجالات العرض والتوزيع وحماية الأرشيف”.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19794

العدد 19794

الأربعاء 11 جوان 2025
العدد 19793

العدد 19793

الثلاثاء 10 جوان 2025
العدد 19792

العدد 19792

الإثنين 09 جوان 2025
العدد 19791

العدد 19791

الخميس 05 جوان 2025